سوء الإدارة يُفلس الشركات التونسية المُصادرة

08 مارس 2017
الشركات تتحول للخسارة (نيكولا فوكيه/Getty)
+ الخط -
تبدي الحكومة التونسية قلقا بشأن وضعية الأملاك المصادرة، ولا سيما منها الشركات والأصول التي فقد الكثير من قيمتها بسبب سوء تسيير أو رغبة مسبقة في إفراغ هذه الممتلكات من قيمتها للتفريط فيها بأقل الأسعار، بالرغم من تعويل الدولة على عائدات هذه الثروات لدعم الموازنة.
وتتهم العديد من الأطراف السياسية المشرفين على الشركات المصادرة من رجال نظام الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، منذ ثورة 2011، بسوء تسييرها، الأمر الذي حولها من أكبر المجموعات الاقتصادية المحلية قبل ست سنوات، إلى شركات مفلسة تدعمها الدولة من أجل الحفاظ على العاملين فيها.
وفي فبراير/شباط الماضي، أوصى رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، بضرورة إحكام التصرف في الأملاك المصادرة والحفاظ على الجانب الاجتماعي ووظائف العاملين بهذه المؤسسات التي من المقرر خصخصة بعضها.

ودعا من خلال تعليمات أصدرها إلى وزارة المالية إلى تكثيف اجتماعات اللجنة الوطنية للتصرف في الأموال والممتلكات، مع الحرص على الحضور الشخصي لأعضاء اللجنة عند التداول في الأملاك ذات القيمة الكبيرة، وإعداد تقارير دورية عن أعمال اللجنة وعن الصعوبات التي تعترضها.
كما أوصى بإعداد خطة عمل واضحة لتجاوز الإشكاليات وضمان وسائل النجاعة وحسن التصرف في هذه الأملاك لفائدة الدولة، باعتبارها تصنف ضمن الأملاك العامة الواجب حفظها وصيانتها لفائدة المصلحة الوطنية.

وبعد الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي، تولت لجنة المصادرة رصد وتوثيق جميع أملاكه منذ مارس/آذار 2011، فيما أوكلت مهمّة التصرف فيها عبر التخصيص، إلى لجنة التصرف في أملاك الدولة التي تضمّ ممثلين عن رئاسة الجمهورية والحكومة والوزارات المتداخلة.
وقد تمكّنت لجنة الأملاك المصادرة حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، من مصادرة 549 عقارا و675 شركة و156 سيارة فارهة و21 يختا، وفق بيانات لجنة المصادرة.
وتستعد الحكومة هذا العام لبيع مؤسستين مصادرتين في القطاع الإعلامي، وهما إذاعة شمس إف إم، التي كانت مملوكة لابنة الرئيس المخلوع بن علي، ودار الصباح (عميدة الصحف الورقية في تونس) التي اقتناها صخر الماطري صهر المخلوع قبل سنوات قليلة من سقوط النظام.

وقال أمين عام اتحاد عمال تونس (نقابة عمالية أُسست بعد الثورة)، إسماعيل السحباني، لـ "العربي الجديد"، إن غياب إجراءات واضحة للتصرف في الممتلكات المصادرة وسوء إدارتها أدّيا إلى فقدان العديد من الشركات قيمتها ومكانتها في الاقتصاد، لافتا إلى أن شركة إسمنت قرطاج التي كانت مملوكة لصهر بن علي، تقف اليوم على عتبة الإفلاس بسبب سوء التصرف فيها وإغراقها بالانتدابات الزائدة عن الحاجة.
وأشار السحباني إلى أن نقابته تملك ملفا لسوء تصرف وفساد في هذه الشركة أحالته إلى الحكومة، غير أنها لا تجد أي صدى، مضيفا أن الحكومة مطالبة إما بالتعجيل في الخصخصة في هذه المؤسسة ومثيلاتها من المؤسسات المصادرة أو تعيين كفاءات لإدارتها وإحالة الأرباح التي تحققها لميزانية الدولة.

وتعول الحكومة على جانب من عائدات الأملاك المصادرة، لضخ تمويلات في ميزانية الدولة بعد احتسابها ضمن قانون المالية في ظل انحسار موارد الموازنة وعدم تمكنها من الحصول على شرائح من قرض لصندوق النقد الدولي، كان يفترض أن يخصص لهذا الغرض.
وبحسب تصريح لكاتب الدولة المكلف بأملاك الدولة والشؤون العقارية، مبروك كورشيد، فقد توصلت الحكومة إلى إنهاء الإجراءات القانونية لعملية التصفية، مما يسهل عملية الخصخصة، لا سيما أنه سبق للقضاء أن نقض عددا من قرارات المصادرة مما أدى إلى صعوبات في البيع وخسارة قيمتها.

وأضاف كورشيد لـ "العربي الجديد" أن العقارات التي تم بيعها مكنت خزينة الدولة من تحصيل نحو 20 مليون دولار، معتبرا أن العائدات يمكن أن تكون أكبر بكثير إذا ما تمت المحافظة على القيمة الحقيقية للممتلكات والشركات وأسطول السيارات، الذي تعرض جزء منه إلى النهب والتلف، وفق المسؤول الحكومي.
وانطلقت الحكومة في صياغة قانون عقاري من المفترض أن يساعدها على منع التلاعب بأملاك الدولة، ويضفي شفافية أكبر في التعامل مع هذه الممتلكات.

وتتوقع الحكومة أن تجني قرابة مائتي مليون دينار (80 مليون دولار) من عمليات بيع مفتوحة لممتلكات مصادرة، لصالح الشركات الأجنبية، ويعني هذا إمكانية توفير عملة صعبة، خاصة أن عمليات خصخصة مماثلة لعقارات وسيارات وطائرة مكنت الدولة من الحصول على عائدات مهمة لخزينة الدولة.


المساهمون