06 مايو 2015
سعي إلى عودة الجلاد
الناصر الرقيق (تونس)
حزب "نداء تونس" حزب كبير، وجوده أعطى الأمل للتونسيين، وجنّب البلاد مشكلات عديدة. هكذا قال لطفي زيتون، أحد صقور حركة النهضة المزعومين. إذا كان هذا حال صقورها، فكيف هم حمائمها إذاً؟ كلام زيتون، وهو المقرّب من زعيم الحركة، راشد الغنوشي، يعبّر بصفةٍ، لا لبس فيها، عن نهج تطبيعيٍ، سارت فيه "النهضة" تجاه بقايا المخلوع، على الرغم من محاولة بعضهم التبرير لكلّ هذا الغبش. فلطفي زيتون صاحب تلك الخطبة العصماء ذات "إكبس" كان من أكثر قيادات النهضة مهاجمة لأزلام النظام، مما أهّله ليكون لسان الثورة، حسب شريحة واسعة من أنصار الحركة، ومن خارجها أيضا. لكن، فجأة، ومن دون مقدّماتٍ، توحي بهذا التحوّل النوعي. بدأ زيتون إرسال رسائل ودّ تجاه أنصار النظام البائد، وخصوصاً قيادييهم من خلال تصريحات عدّة حول ضرورة تجاوز الماضي، و"دسّ السمّ في العسل" وغير ذلك من كلامٍ لم يقتنع به إلاّ هو.
لكن، مع ذلك، كلّ ما قاله، في السابق، كان أقلّ قبحاً من هذا التصريح الأخير، فالرجل أشاد بنداء تونس إشادة لم يسمعها هذا الحزب، حتّى من أشدّ حلفائه، بل لم نسمع محسن مرزوق، أو خميس كسيلة، مثلاً، يقولان مثل هذا الكلام عن حزبهم. فأيّ أمل أعطاه "النداء" للتونسيين يا سيادة المستشار. أمل في مستقبل منهوبٍ، أم أمل تمتلئ فيه السجون بخيرة شباب الثورة، أم أمل تعود فيه عصابات المافيا والتهريب والسرقة لحكم البلاد... وأيّ مشكلاتٍ، جنّبها "النداء" للبلاد.
لا أعلم أنّ النداء يتجنّب، أو يحاول تجنيبنا المشكلات. بل ما أعلمه أن هذا الحزب سعى، بكلّ جهوده، إلى الانقلاب على العمليّة السياسية، وإجهاض الثورة برمّتها، بل أنت نفسك من حدّثتنا بالمحاولة الانقلابية التي تزعّمتها قيادات من "النداء"، لولا لطف الله بنا، لكانت تونس الآن مجسّمًا صغيراً لما يحدث في مصر.
لا أجد تفسيرا مقنعاً لما قلته يا سيّد زيتون. لكن، يبدو أنّ جينات التلذّذ بمعيشة الآلام ما زالت معششة في النفوس التي تحنّ لمعذّب جديد يبطش بها. مازوشي يبحث عن سادي. وضحيّة تبيع كلّ شيء من أجل عودة جلاّدها. وربّما صدق ذاك المثل القائل. إنّ العصافير التي تولد داخل الأقفاص تعتقد أنّ الطيران خارجه جريمة. لم أعد قادراً على الفهم، فاعذروا جهلي رجاء!
لكن، مع ذلك، كلّ ما قاله، في السابق، كان أقلّ قبحاً من هذا التصريح الأخير، فالرجل أشاد بنداء تونس إشادة لم يسمعها هذا الحزب، حتّى من أشدّ حلفائه، بل لم نسمع محسن مرزوق، أو خميس كسيلة، مثلاً، يقولان مثل هذا الكلام عن حزبهم. فأيّ أمل أعطاه "النداء" للتونسيين يا سيادة المستشار. أمل في مستقبل منهوبٍ، أم أمل تمتلئ فيه السجون بخيرة شباب الثورة، أم أمل تعود فيه عصابات المافيا والتهريب والسرقة لحكم البلاد... وأيّ مشكلاتٍ، جنّبها "النداء" للبلاد.
لا أعلم أنّ النداء يتجنّب، أو يحاول تجنيبنا المشكلات. بل ما أعلمه أن هذا الحزب سعى، بكلّ جهوده، إلى الانقلاب على العمليّة السياسية، وإجهاض الثورة برمّتها، بل أنت نفسك من حدّثتنا بالمحاولة الانقلابية التي تزعّمتها قيادات من "النداء"، لولا لطف الله بنا، لكانت تونس الآن مجسّمًا صغيراً لما يحدث في مصر.
لا أجد تفسيرا مقنعاً لما قلته يا سيّد زيتون. لكن، يبدو أنّ جينات التلذّذ بمعيشة الآلام ما زالت معششة في النفوس التي تحنّ لمعذّب جديد يبطش بها. مازوشي يبحث عن سادي. وضحيّة تبيع كلّ شيء من أجل عودة جلاّدها. وربّما صدق ذاك المثل القائل. إنّ العصافير التي تولد داخل الأقفاص تعتقد أنّ الطيران خارجه جريمة. لم أعد قادراً على الفهم، فاعذروا جهلي رجاء!