سفيان ونذير

لا أظن أن سفيان الشورابي ونذير القطاري فكرا لحظة، وهما يستعدان للسفر باتجاه الأراضي الليبية بما يمكن أن يصيبها، وإلا كانا ترددا قبل اتخاذ القرار. ربما هو الطموح المبالغ فيه وغير المحسوب، ولا يمكن لومهما في ذلك، فالصحفي قدره العمل في ظروف صعبة وأمكنة خطرة من أجل الحقيقة والسبق الذي يبحث عنه، غير أن أغلب التحاليل التي شاهدتها، بخصوص ما حصل لهما، بدت لي غير مكتملة، وهناك حلقة ما لم يتحدث عنها أحد.

من القصة كلّها، قرأنا خبراً في موقع إخباري ليبي غير معروف، قيل إنه أورد اعترافات أحد قتلة سفيان ونذير، فراح الجميع يبني تحاليله على ما قاله هذا القاتل المزعوم. ولكن، إلى الساعة، لا نعلم بالضبط أو لم يخبرنا أحد على الأقلّ، لماذا ذهب سفيان ونذير إلى ليبيا؟ من الذي دفع بالصحفيين إلى اتخاذ قرار السفر إلى ليبيا؟ وتحت أي ضمانات؟ في العادة، تحتاج مثل هذه المهمات الخطرة ترتيبا جيداً ومحكماً مع من يحكم على الأرض، بغض النظر عن الموقف منه، لتأمين حياة الصحفيين، لأن الصحفي محايد في عمله، ينقل ما يراه فقط من دون إبداء مواقف. إذ، من غير المعقول الارتماء في لهيب حرب طاحنة من دون أي ضمانات من أي طرف.

في الحرب، الكاميرا تصبح أخطر من الرصاص. جميع الأطراف المتصارعة ترصد كل حاملي الكاميرات، وتفرض عليهم ما يجب نقله، وما لا يجب، بما يخدم مصالحهم. الكاميرا تعني الحقيقة. لذلك، يدرك المتحاربون جيّدا أن أي حقيقة تسرّبها الكاميرا تشكل خطراً مباشراً عليهم وعلى شبكاتهم، فأن تكون وسط ساحة معركة ومعك كاميرا كفيل بجعلك في خطر دائم حيث تصبح عرضة للاستهداف من جميع الأطراف، خصوصاً إذا لم تكن لديك اتفاقات مسبقة، تسمح لك بالعمل في تلك الأجواء الخطرة. لذلك، تسعى المؤسسات التي يعمل فيها جميع الصحفيين في العالم، بكل السبل، إلى تأمين حياتهم جيداً، قبل إرسالهم في مهمات من شأنها أن تشكل خطرا على حياتهم.