سباحة على اليابسة

03 مايو 2016
بيرخيليو بينييرا (1912 - 1979)
+ الخط -


تعلَّمتُ السباحة في اليابسة، فهي أفضل من السباحة في الماء. على اليابسة ليس هناك خوف من الغرق، لأن المرءَ يوجد في القعر أصلاً، ويكون للسبب نفسه غارقاً سَلَفًا.

كما تُجنِّبُنا السباحةُ في اليابسة أن يتم اصطيادنا تحت ضوءِ مصباح أو في الوَضَحِ المُبهر لنهارٍ جميل. وأخيراً، سيُجنِّبُنا غيابُ الماءِ التَّورُّمَ.

لن أَنفيَ أن السباحةَ في اليابسة فيها شيء من الاحتضار. عند النظرةِ الأولى قد تتبادر إلى الذّهن حشرجات الموت.

ومع ذلك، فإنَّ هناكَ اختلافاً عنها: ففي الوقت الذي يُحتَضَر فيه المرءُ يكون حيًّا فعلاً، ويقظاً، ويسمع الموسيقى التي تتسلّل عبر النافذة، وينظر إلى الدودة التي تزحف أرضاً.

في البدءِ، لامَني أصدقائي على هذا القرار.

كانوا يتحاشون نظراتي ويشهقون في الزوايا. لحسن الحظّ أنّ الأزمةَ مرَّتْ. الآن، هم يعرفون أنّني أشْعر بالراحة وأنا أسبح في اليابسة.

أحيانا أُغرِّق يديَّ في بَلاطاتِ المرمر، وأُسلِّمُهم سمكة صغيرة أقبض عليها في أعماق البحر.


* Virgilio Piñera شاعر وكاتب مسرحي كوبي (1912 ـ 1979) يعتبر من أبرز أسماء مسرح العبث في أميركا اللاتينية. هذه القصّة مأخوذة من مجموعته القصصيّة "حكايات باردة".

** ترجمة عن الإسبانية مزوار الإدريسي 
المساهمون