زهرات الربيع

28 يناير 2015
أقل ما تستحقه النساء العربيات هو الكرامة (Getty)
+ الخط -

قبل أربع أعوام من الآن، تغيرت مجريات التاريخ التي كانت تصب دائما في مصالح المسؤولين، وأصحاب القرارات في الدول كالوزراء وكبار العلماء الذين هم تحت خط سير الحكومات.

تغيرت المجريات فيّ رأسًا على عقب، ونزلت الشعوب حاملة السلم في قلوبها قبل راياتها، حاملة قرارات التغيير في الأنفس، لتراها بأعينها في واقع الحياة. نزل المئات والآلاف متخذين الساحات والشوارع مقرًا لهم للهتاف بالتغيير والمطالبة بالحقوق رافضين رؤوس الفساد وغاضبين ضد الأنظمة الفاسد المفسدة التي كانت تُمارَس تحت غطاء الديمقراطية، واستعدادهم للتضحية بكل غال لتحقيق ما ثاروا عليه.

فقبل أربعة فصول ربيع ماضية نبتت مع هذه الأحداث زهور فواحة، انتقلت بذورها سريعًا بسرعة لم تكن في الحسبان إلى أراض أخرى قاحلة، لتنبت حالمة بحقلٍ بهي الثمر، كما نبتت في أرض أخرى في شمال أفريقيا.. في تونس الخضراء.

شاركت نساء العالم العربي بثورية الثورة وجديتها وخشونتها، كانت للنساء بصمة واضحة جلية، فبالنسبة لي ولكثير من نساء العالم العربي أثار إعجابنا ودهشتنا القوة الحماسية التي شاركت بها النساء في الربيع العربي، الشيء الذي كان يشعرنا بالفخر والاعتزاز وقوة صوت النساء، والطمأنينة بأن الثورة لم تحمل الطابع الذكوري بل كانت تساوي الرجال في نزولهن والتظاهر في الميادين، وممارستها النشاط السياسي عبر الإنترنت الذي كان الأداة الفعّالة والرقم الصعب في معادلة الثورة في بداياتها، من خلال المدونات والتغريدات والمقالات الصحافية في الصحف الإلكترونية والورقية إضافة إلى برنامج التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، على أن ينقلوا الصورة الحقيقية بتفاصيلها للعالم وإبقاءنا على اتصال مستمر بما يحدث في أراضيهم.

سطر الربيع العربي أسماء وردية زاهية كانت مغمورة نتيجة السيل الجارف من القمع وانعدام الحريات في الإعلام والتعبير عن الرأي ومع وجود أنواع الفساد. برزت أسماء ناضلت بحياتها لإعلاء راية الحرية والكرامة. فرأينا في تونس من واجهن حملات قمعية مصرات على النشاط السياسي أيًا كان رغم كل الضغوطات التي تقف أمامهن. فخرنا بنساء سورية اللواتي شاركن بإصرار في ممارسة النشاط السياسي رغم القمع الكبير، وكل البهجة حين فازت الناشطة السياسية توكل كرمان الصحافية اليمنية والعضوة في حزب التجمع اليمني للإصلاح التي مُنحت جائزة نوبل للسلام عام 2011 للدور الكبير التي قامت به مع أخريات في النضال في اليمن. وامتلأنا فخرا بنساء مصر اللاتي سطرن بكل قوة وشجاعة بطولات عجزنا نحن النساء من بعدهن، فمنهن من ضحت بنفسها وبذلت طاقتها لأيام وشهور وسنوات وها هي تواصل المشوار.. وغيرهن الكثير في ليبيا.

وبنظرة سريعة إلى من بصمت بصمتها في تاريخ الربيع العربي أعتقد أن أعوام الربيع العربي كانت ربيع المرأة بكل جدارة. المحصلة النهائية بالنسبة للمرأة العربية يجب أن تكون مماثلة للدور الكبير الذي لعبته في هذا الربيع، فأقل ما تستحقه النساء العربيات هو الكرامة، الديمقراطية، العدل، والحقوق، ودحر الفساد وهي المطالب ذاتها التي انتفضت من أجلها الشعوب.

علينا ألا نيأس أو نقنط، فهذه الأنظمة التي انتفضنا عليها أخذت عقودًا لتبنى، كما أن التغيير لن يكون سهلًا وسريعًا، بل سيأخذ مدته وفترته. المشوار يطول.. والثورة مستمرة، نحن معكنّ يا نساء الربيع العربي ونشدّ على أياديكنّ.


*البحرين

المساهمون