في الوقت الذي يقتصر فيه رد فعل العالم على التعبير عن صدمته وحزنه لما يحصل في مدينة حلب السورية، من دون فعل أي شيء مجدٍ وفاعل على الأرض، تبدو الثورة السورية أمام عملية تحوّل كبيرة على كل المستويات بدءاً من حلب، انعكست على الاستراتيجية التركية المتّبعة في مواجهة النفوذ الإيراني المتصاعد، وسط ما يبدو تخلياً من "أصدقاء الشعب السوري" عن المعارضة السورية، باستثناء أنقرة.
ويبدو أن إسقاط النظام السوري لم يعد هدفاً لداعمين مفترضين للثورة السورية، فلا دور فاعلاً على الأرض للأوروبيين باستثناء دعوات فارغة بلا نتيجة، أما الأميركيون فيبدون غير معنيين بأي شيء سوى مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والحد من خطورة باقي تنظيمات السلفية الجهادية على مصالحهم. في هذا الوضع، يجد الأتراك أنفسهم، وسط الغياب العربي، وبعد الأخطاء التي ارتكبوها، خلال خمس سنوات من عمر الثورة، متروكين لوحدهم في الساحة السورية، في ظل مواجهة يخوضونها أمام عدوهم التقليدي حزب "العمال الكردستاني" وجناحه السوري حزب "الاتحاد الديمقراطي"، إضافة إلى البحث لأنفسهم عن مكان في صياغة مستقبل سورية.
تحقيق تركيا هدفها بإسقاط خطر "العمال" لن يكون سهلاً على الإطلاق، خصوصاً أن الحوار التركي الأميركي المكثف، لم يغيّر الاستراتيجية الأميركية القائمة على دعم "العمال الكردستاني"، بوصفه شريكاً وحيداً على الأراضي السورية لمواجهة "داعش"، على الرغم من المواجهات الشرسة والهجمات الدموية التي لا يكف عن تنفيذها داخل أراضي تركيا، الحليف في شمال الأطلسي.
إزاء هذا الوضع، تعمل أنقرة على تعزيز حربها ضد "العمال الكردستاني" وعملياتها لتحرير المناطق الحدودية المجاورة لها. وعلمت "العربي الجديد"، من مصادر في المعارضة السورية، أن عدداً من الفصائل السورية المتواجدة في مدينة حلب، ستتجه للمشاركة في عملية "درع الفرات" بمجرد خروجها من المدينة، بينما سيتجه مقاتلو "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً) إلى محافظة إدلب، التي يبدو أنها ستتحول إلى مركز تجمّع لجميع الفصائل الإسلامية.
وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فقد بدأت التشكيلات المقاتلة المتواجدة في مدينة حلب، التابعة لكل من "حركة نور الدين زنكي" و"كتائب السلطان مراد" و"كتائب السلطان الفاتح"، والتي قدرّت المصادر أعدادها "ببضعة آلاف"، بترتيب عملية انتقالها إلى ريف حلب الشرقي، عبر ولاية هاتاي (لواء إسكندرون) ومنها إلى منطقة كيليس ومن ثم إلى عنتاب للعبور باتجاه الأراضي السورية في كل من منطقة الراعي وجرابلس للانضمام إلى غرفة عمليات "درع الفرات"، مما سيمنح العمليات الجارية للسيطرة على مدينة الباب زخماً إضافياً.
اقــرأ أيضاً
وكانت تركيا وبعد يأسها من تعاون أميركي معها، قد حوّلت بوصلتها باتجاه روسيا، اللاعب الأهم على الجانب الداعم للنظام السوري. وباتت الاستراتيجية التركية الحالية تتمثل بنقل مركز ثقلها من حلب وريفها الغربي، الذي بات يعج بتيارات متشددة، سواء "جبهة فتح الشام"، أو بعض الأجنحة في حركة "أحرار الشام"، إلى ريف حلب الشرقي، حيث سعت تركيا إلى إعادة ترتيب صفوف المعارضة السورية فيه، من خلال عملية "درع الفرات"، لتتحول منطقة جرابلس إلى مركز لفصائل من الجيش السوري الحر. وبذلك تُحقق أنقرة هدفين: الأول والأهم مواجهة أحلام "العمال الكردستاني" بالسيطرة على الشريط الحدودي التركي السوري وإقامة منطقة إدارة ذاتية خاصة تتحوّل إلى مركز لانطلاق الهجمات ضد تركيا. أما الثاني فهو مواجهة "داعش" والتمدد على حسابه، أملاً بالسيطرة على الرقة وحوض الفرات، وقطع الطريق على الممر الإيراني باتجاه المتوسط، أو على الأقل تقاسم النفوذ مع طهران وموسكو، في سورية المستقبل.
ووصل التعاون التركي الروسي إلى أوجه، خلال المفاوضات الأخيرة التي عقدها الطرفان حول إخلاء المناطق المحاصرة في شرق حلب من المدنيين ومقاتلي الفصائل المسلحة، حتى أن هذا التعاون أزعج إيران، التي عملت على إفشال هذا الاتفاق الذي بدا أنه تجاوزها.
الأولوية التركية بمواجهة "العمال الكردستاني"، لا تزعج الروس بوصف هذا الحزب حليفاً للولايات المتحدة في سورية، ولا تزعج الإيرانيين، باعتبار أي شيء يحققه هذا الحزب في ما يخص التواجد الكردي في سورية لن يكون مكان ترحيب من طهران بما قد يكون له من تأثير على الأحلام القومية للأكراد في الداخل الإيراني.
وتحاول الأطراف الثلاثة إبعاد الأميركيين عن "الكعكة السورية"، وسط تخلٍ واضح من واشنطن عن القيام بأي دور حقيقي خارج هدفها في محاربة "داعش"، دون أن تتشارك بذلك مع أنقرة أو موسكو. وبعد أن أعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيانها في وقت سابق، توجّه روسيا لتعزيز تعاونها مع الجانب التركي حول الصراع السوري، لأن "الحديث مع الأتراك أسهل"، أكد وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، يوم الأربعاء الماضي، أن الشهر المقبل سيشهد عقد قمة روسية تركية إيرانية مشتركة في العاصمة الروسية موسكو للتباحث في الشأن السوري، مؤكداً أن قوات عملية "درع الفرات" بعد أن تنتهي من السيطرة على مدينة الباب، ستتوجه إلى مدينة منبج. ما يعني إقامة المنطقة الآمنة التركية، الكفيلة بضمان النفوذ التركي ومواجهة توسع "العمال الكردستاني".
وقال جاووش أوغلو: "نبذل جهودنا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في عموم سورية وكذلك العمل على بدء مفاوضات تفضي إلى حل سياسي، وستستمر هذه الجهود في العملية المقبلة، وفي هذا السياق، سنعقد في نهاية الشهر الحالي في 27 منه، اجتماعاً في العاصمة الروسية موسكو، يضم إيران وروسيا وتركيا".
اقــرأ أيضاً
ويبدو أن إسقاط النظام السوري لم يعد هدفاً لداعمين مفترضين للثورة السورية، فلا دور فاعلاً على الأرض للأوروبيين باستثناء دعوات فارغة بلا نتيجة، أما الأميركيون فيبدون غير معنيين بأي شيء سوى مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والحد من خطورة باقي تنظيمات السلفية الجهادية على مصالحهم. في هذا الوضع، يجد الأتراك أنفسهم، وسط الغياب العربي، وبعد الأخطاء التي ارتكبوها، خلال خمس سنوات من عمر الثورة، متروكين لوحدهم في الساحة السورية، في ظل مواجهة يخوضونها أمام عدوهم التقليدي حزب "العمال الكردستاني" وجناحه السوري حزب "الاتحاد الديمقراطي"، إضافة إلى البحث لأنفسهم عن مكان في صياغة مستقبل سورية.
إزاء هذا الوضع، تعمل أنقرة على تعزيز حربها ضد "العمال الكردستاني" وعملياتها لتحرير المناطق الحدودية المجاورة لها. وعلمت "العربي الجديد"، من مصادر في المعارضة السورية، أن عدداً من الفصائل السورية المتواجدة في مدينة حلب، ستتجه للمشاركة في عملية "درع الفرات" بمجرد خروجها من المدينة، بينما سيتجه مقاتلو "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً) إلى محافظة إدلب، التي يبدو أنها ستتحول إلى مركز تجمّع لجميع الفصائل الإسلامية.
وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فقد بدأت التشكيلات المقاتلة المتواجدة في مدينة حلب، التابعة لكل من "حركة نور الدين زنكي" و"كتائب السلطان مراد" و"كتائب السلطان الفاتح"، والتي قدرّت المصادر أعدادها "ببضعة آلاف"، بترتيب عملية انتقالها إلى ريف حلب الشرقي، عبر ولاية هاتاي (لواء إسكندرون) ومنها إلى منطقة كيليس ومن ثم إلى عنتاب للعبور باتجاه الأراضي السورية في كل من منطقة الراعي وجرابلس للانضمام إلى غرفة عمليات "درع الفرات"، مما سيمنح العمليات الجارية للسيطرة على مدينة الباب زخماً إضافياً.
وكانت تركيا وبعد يأسها من تعاون أميركي معها، قد حوّلت بوصلتها باتجاه روسيا، اللاعب الأهم على الجانب الداعم للنظام السوري. وباتت الاستراتيجية التركية الحالية تتمثل بنقل مركز ثقلها من حلب وريفها الغربي، الذي بات يعج بتيارات متشددة، سواء "جبهة فتح الشام"، أو بعض الأجنحة في حركة "أحرار الشام"، إلى ريف حلب الشرقي، حيث سعت تركيا إلى إعادة ترتيب صفوف المعارضة السورية فيه، من خلال عملية "درع الفرات"، لتتحول منطقة جرابلس إلى مركز لفصائل من الجيش السوري الحر. وبذلك تُحقق أنقرة هدفين: الأول والأهم مواجهة أحلام "العمال الكردستاني" بالسيطرة على الشريط الحدودي التركي السوري وإقامة منطقة إدارة ذاتية خاصة تتحوّل إلى مركز لانطلاق الهجمات ضد تركيا. أما الثاني فهو مواجهة "داعش" والتمدد على حسابه، أملاً بالسيطرة على الرقة وحوض الفرات، وقطع الطريق على الممر الإيراني باتجاه المتوسط، أو على الأقل تقاسم النفوذ مع طهران وموسكو، في سورية المستقبل.
ووصل التعاون التركي الروسي إلى أوجه، خلال المفاوضات الأخيرة التي عقدها الطرفان حول إخلاء المناطق المحاصرة في شرق حلب من المدنيين ومقاتلي الفصائل المسلحة، حتى أن هذا التعاون أزعج إيران، التي عملت على إفشال هذا الاتفاق الذي بدا أنه تجاوزها.
الأولوية التركية بمواجهة "العمال الكردستاني"، لا تزعج الروس بوصف هذا الحزب حليفاً للولايات المتحدة في سورية، ولا تزعج الإيرانيين، باعتبار أي شيء يحققه هذا الحزب في ما يخص التواجد الكردي في سورية لن يكون مكان ترحيب من طهران بما قد يكون له من تأثير على الأحلام القومية للأكراد في الداخل الإيراني.
وقال جاووش أوغلو: "نبذل جهودنا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في عموم سورية وكذلك العمل على بدء مفاوضات تفضي إلى حل سياسي، وستستمر هذه الجهود في العملية المقبلة، وفي هذا السياق، سنعقد في نهاية الشهر الحالي في 27 منه، اجتماعاً في العاصمة الروسية موسكو، يضم إيران وروسيا وتركيا".