ركلة جزاء

21 مايو 2015
+ الخط -
طالما كان لمشهد ركلة الجزاء أجواء خاصة يلحظها الجميع، سواء أكانوا متابعين لكرة القدم أم لا.

الجمهور في حالة ترقب.. حارس المرمى في وضع الاستعداد... واللاعب في انتظار صافرة الحكم ليركل الكرة... وما إن يسمع صافرة الحكم حتى يأخذ خطوات للوراء ثم يركل الكرة بقوة راجيا أن يحرز هدفا.

لكن هل تفكرت يوما في تصرف اللاعب... لماذا يأخذ خطوات للخلف عكس اتجاه المرمى، ذلك الهدف الذي يصبو إليه، هل اعتبرت هذا شيئا غير مقبول أو إضاعة للوقت.
أسمع الآن إجابتك: لولا تلك الخطوات ما كانت الضربة بالقوة الكافية، ولا كانت تستطيع الكرة أن تخترق الشباك لتحرز الهدف، وكذلك الحياة.

يتعرض كل منا لضربات وطعنات، بعضها يجعلنا نعود خطوات إلى الوراء، ولربما خلَّف بعضها جروحا وندوبا، نظن ساعتها أننا ابتعدنا عن الهدف، وأن الوقت يضيع في غير فائدة، لكن الحقيقة أنه لولا تلك الإخفاقات لما استطاع أحد منا أن يصل لشيء، الضربات هي التي تزيدنا قوة وترفع من سقف مهاراتنا لنستطيع بها بلوغ مرادنا، ولربما استفاد المرء من معرفة الأبواب المغلقه أكثر من الأبواب التي وجدها مفتوحة ميسورة، هذه الأبواب المغلقة ترسل لك رسالة تقول لك فيها: جيد فقد اقتربت من هدفك أكثر، وعليك أن تكمل طريقك، ولكن ليس من هذا الاتجاه. كان توماس أديسون يقول عن التجارب الكثيرة التي خاضها قبل أن يصل للمصباح الكهربائي "أنا لم أفشل، فقط وجدت عشرة آلاف طريقة لا يمكن للمصباح العمل بها". لذلك على الإنسان أن يسير في طرق جديدة، وخاصة تلك التي يخافها، فتلك الطرق التي اعتاد المشي عليها من دون التعرض لصعوبات لا تضيف له شيئا.

لكن الذي يثقله ويرفع قيمته هو أن يجرب ما لم يألفه أو أن يفعل ما كان يراه صعبا، الإخفاقات والماضي أكثر ما يحول بين الإنسان وبين شعوره بالسعادة، ولن يستطيع تجاوز ذلك إلا بتقبل ماضيه والاستمتاع بحاضره والاستعداد لمستقبله من دون الانشغال به، وأن يحمد الله على أنه ما زال باستطاعته إضافة شيء، مادام هناك نفس يدخل ويخرج. ولا يخشى الإخفاق ولا التأخر فكل خطوة للوراء ستزيده قوة وترفعه منزلة، وتمكّنه في اللحظة الحاسمة من بلوغ هدفه والوصول إلى ما كان يصبو إليه محرزا ركلة الجزاء التي طالما حلم بها.

(مصر)
المساهمون