رغبة خالد في الحياة هزمت اللوكيميا

03 فبراير 2016
لم أشك لحظة في أنني سأكمل حياتي (العربي الجديد)
+ الخط -
كانت الحياة تبتسم لخالد الزيد، لاعب نادي الشباب والمنتخب السعودي السابق، ولم يتوقع في يوم ما أنه سيكون تحت رحمة مرض لا يرحم، سرطان الدم أو اللوكيميا (ابيضاض الدم). لكن بين ليلة وضحاها، تغير كل شيء، إلا نظرة الأمل في عينيه. قرّر أن لا مجال للحزن، وأن لا بدّ من أن يكون أكثر شجاعة، ليس من أجله فحسب، وإنما من أجل والدَيه وزوجته وأبنائه الأربعة.

رغبته في الحياة وتمسكه في الأمل، كانا سلاحه في محاربة السرطان الشرس الذي أصابه والذي راح ينتشر في جسده، بعدما ظنّ أن الرياضة ستحميه منه. بعد 12 عاماً من جلسته العلاجية الأولى، يتذكّر الزيد الذي بات عضواً في مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم، رحلته مع المرض. يقول لـ "العربي الجديد": "لم أشك لحظة في أن كل شيء سيزول، وأنني سأكمل حياتي. لم أفكّر في الموت لحظة واحدة". يلتقط أنفاسه وهو يتذكر اللحظات الصعبة التي عاشها، مضيفاً: "من البداية لم أفكر في المرض، بل في كيفية هزيمته. كانت ثقتي بالله كبيرة. شعرت بالأعراض وتأكدت من إصابتي، وكان من الجيّد أن الاكتشاف أتى مبكراً. ساعدني ذلك كثيراً في العلاج، بالإضافة إلى متابعة المتخصصين". ويشير إلى أن "الخبر كان بالتأكيد صدمة كبيرة عليّ. فكّرت في كل شيء، في أن هذه الدنيا لم تعد تساوي ما تستحقه من قتال وتعب. لكن كلمات الطبيب طمأنتني كثيراً".

فور خروجه من عيادة الطبيب، قصد الزيد مباشرة مرضى مصابين بالسرطان، وتحدّث إليهم. كذلك راح يبحث عن معلومات حول المرض. كل هذه الأمور أعطته ثقافة كبيرة ساعدته في توقع ما سوف يحدث معه، وجعلته أكثر استعداداً له، يضيف: "لم تهتزّ ثقتي في الله. دعوات الأصدقاء، أيضاً، رفعت معنوياتي كثيراً. صحيح أن مدّة العلاج كانت طويلة ومتعبة، إلا أنني كنت مع الله في كل خطوة فيها. هذا أعطاني أملاً في أن الألم لن يستمر. تدرّجت في العلاج الصعب، حتى انتهيت منه، وتلاشت الأورام من جسدي. لم أعد بحاجة إلا إلى فحوصات دورية للتأكد من عدم الانتكاسة".

أكثر ما كان يقلق الزيد هو تقبّل والدَيه الأمر. يقول: "لم تكن لدينا ثقافة عن حقيقة السرطان. كان الاسم بحدّ ذاته مخيفاً. وجدت صعوبة كبيرة في إبلاغهما، لأنه كان خبراً مفجعاً. وأتى ذاك اليوم، الذي أعدّه من أسوأ أيام حياتي. لا أنسى منظر أمي وأبي بعدما أبلغتهما بمرضي، ولا كل الدموع الذي ذُرفت في ذلك اليوم".

ويشدّد الزيد على وقفة زوجته معه طوال فترة العلاج الطويلة والمؤلمة، "كانت زوجتي الأكثر قرباً مني، والأكثر مساعدة. أم فيصل رافقتني في كل خطوات العلاج، وساعدتني كثيراً. كثيرون هم الأصدقاء الذين وقفوا إلى جانبي، لكن لا أحد مثل أم فيصل".

ما زال الزيد يذكر محطات رحلة العلاج الطويلة التي قضاها ما بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية. يقول: "كان العلاج صعباً، جرعات الكيمياوي كانت مؤلمة. استمرّت لأكثر من عامين، وأضعفتني كثيراً، وأثّرت على جسدي ومناعته. لكنني في النهاية تأقلمت معها، واستفدت منها". يكمل سرده: "كنت، أيضاً، أتناول أدوية تساعدني على العودة إلى حياتي الطبيعية. وبعد انتهاء المراحل الثلاث الأولى، كانت لدي خلفية كاملة عن المرض، اكتسبتها من زيارة المرضى الآخرين. كنت مستعداً للعلاج المتعب. من المهم أن يمتلك المريض ثقافة واسعة حول مرضه. هذه الثقافة ساعدتني كثيراً في توقع كل الأعراض والانسحابات التي يتسبب بها العلاج. بعض المرضى يظنّ أن هذه الأعراض تعني عودة المرض من جديد، وتتسبب في نكسته نفسياً". ويشدّد على أن الجوانب النفسية كانت أصعب من العلاج ذاته، لكن اليوم وبعد 12 عاماً تلاشى المرض من جسده.

ويلفت الزيد إلى أن "قبل علمي بمرضي، كنت أشعر أنني على غير طبيعيتي. أمور كنت أقوم بها في صالة الرياضة، باتت متعبة لي. هذا جعلني أشكّ في أن ثمّة خطباً". بالنسبة إليه، المرض لا يفرّق رياضياً عن شخص لا يمارس نشاطاً بدنياً، مضيفاً أن "السرطان يكون نتيجة سوء الأكل أو تأثير الأجهزة الإلكترونية أو حتى الأشعة في الجو التي تسببت بها حرب الخليج الأولى. كل هذه أسباب لانتشار السرطان في السعودية". بناءً على ذلك، بدأ الزيد رحلة للتوعية حول المرض، عبر زيارات دورية لمرضى. ويحاول من خلالها نقل تجربته لهم، ومساعدتهم في تجاوز المحنة. المحنة ذاتها التي عانى منها، وتحوّلت ذكرى. يقول: "كل من يصب بالمرض، لا بدّ من أن يتجه إلى شخص سبق وأن أصيب بالمرض. هو من يفيده فعلاً، ويعطيه نصائح مبنية على تجربة. من شأن ذلك أن يخرجه من الصدمة، ويجعله أكثر تفاؤلاً بالحياة".

اقرأ أيضاً: السرطان المخيف.. نقاومه بالعلاج والتفاؤل
دلالات
المساهمون