رامي كنعان... بائع الفروج المشوي

26 يونيو 2017
يتمنى أن يستمر الهدوء الأمني (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يكن خيار ترك سورية سهلاً على كثيرين. البدء من الصفر، أو ما دونه يعدّ أمراً صعباً. كما أن رحلة النزوح، والمعاناة التي عاشها كثيرون خلال الحرب، كان لها تأثير سلبي على أوضاعهم النفسية. رامي كنعان فلسطيني كان يقطن في سورية، وتحديداً في بلدة أطمه. قبل نحو خمس سنوات، نزح إلى مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيّين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، بعد اندلاع الحرب في سورية. هناك، كان طاهياً ومسؤولاً عن المطبخ في أحد المطاعم. بعد النزوح، صار يعمل في مطعم صغير لبيع السندويشات والدجاج المشوي في المخيم. وبعدما تركه صاحبه وهاجر، استأجره منه.

مضى نحو أربع سنوات على استئجاره المحل بـ 400 دولار. في المخيّم، يعيش مع ابنته وزوجته في بيت مستأجر بدل إيجاره 300 دولار أميركي. يقول إنّ العمل في المحلّ بالكاد يكفيه لدفع المستحقات المالية والمصاريف الأخرى كفواتير الكهرباء والمياه والهاتف وغيرها. ويوضح أنه يدير المحل منذ أربع سنوات، ويعدّ مختلف أنواع السندويشات، منها الشورما، والفروج المشوي، إضافة إلى غيرها من الوجبات الجاهزة. ويلفت إلى أن نسبة المبيع ليست ثابتة، والأمر يعتمد على الوضع السياسي والأمني في المخيم. فإن حصلت اشتباكات، انخفضت المبيعات، وإن كان وضع المخيم مستتبّاً، يكون البيع جيّداً، وعادة ما يزداد خلال أيام العطل، أي مع نهاية الأسبوع، إذ إنّ بعض العمّال يتقاضون أجورهم أسبوعيّاً. مع ذلك، يوضح أن نسبة المبيعات مقبولة نوعاً ما.

يضيف كنعان أنه "في سورية، كنت أطبخ الأكل الإيطالي، وكان وضعنا المادي جيّداً وحياتنا مستقرّة. لكن الحرب قضت على كلّ شيء. حين جئت إلى لبنان وعملت في مطعم، فكرت في الاستقلالية ما دفعني إلى استئجار المحل. صحيح أن نسبة المبيعات غير ثابتة، إلّا أن الأمر يبقى أفضل من العمل لدى الآخرين".

يلفت كنعان إلى أنّ نسبة البيع في رمضان، هذا العام، اختلفت بين بداية الشهر ونصفه وآخره. ويوضح أنّه في العادة، يتناول الناس ما يعدّونه في بيوتهم خلال الأسبوعين الأولين، وذلك بحسب ظروفهم الاقتصادية، وعدد أفراد الأسرة. أمّا في الأسبوعين الأخيرين، كثر شراء الفروج المشوي والوجبات الجاهزة، خصوصاً أن الناس في هذه الفترة يكثرون من العزائم. وفي الغالب، يملّون من تحضير الطعام في المنزل.


ورغم أنّ الأوضاع الأمنية غير مستقرة في المخيم، يقول كنعان إنّ الوضع يعدّ مقبولاً بشكل عام، وهو من الذين يراعون ظروف الناس المادية، لذلك تعد أسعاره مقبولة. إلّا أنّ هذا لا يعني أنه قادر على تأمين كلّ ما تحتاجه أسرته. في بعض الأحيان، بالكاد يستطيع تأمين الاحتياجات الأساسيّة لأسرته. يأمل أن يبقى الوضع في المخيم مستقرّاً لتنشط حركة البيع، لافتاً إلى أن الشائعات التي تسري عن المخيم قد تؤثر على عمله وعمل الآخرين، من دون أن تكون الأخبار صحيحة.

وعن حياته في لبنان، يقول رامي إنّه ليس لديه إقامة في الوقت الحالي لأن كلفتها للشخص الواحد تصل إلى مائتي دولار، موضحاً أنّه يحتاج إلى ثلاث إقامات له ولزوجته وابنته. يضيف أن الرقم كبير وليس في استطاعته تأمينه في الوقت الحالي. لذلك، قليلاً ما ما يخرج من المخيم خشية اعتقاله لأنه لا يملك أوراقاً، في انتظار الفرج.

ولدى سؤاله إن كان سيعود إلى سورية في حال انتهاء الحرب، يقول: "طبعاً في حال انتهاء الحرب، سأعود". يضيف: "حين تنتهي الحرب في سورية، سأكون أول العائدين لأنني كنت أعيش فيها وكان لدي عمل وبيت، وكان راتبي جيداً". يلفت أيضاً إلى الاستقرار الذي كان يتمتّع به، والذي ينقصه اليوم.

ويخشى كثيرون في المخيّم من تجدد الاشتباكات، ما يدفع الناس إلى الهرب. لكن يؤكد آخرون أن الوضع هادئ في الوقت الحالي ولا يتوقعون حصول أية مشاكل. مع ذلك، يشعر كثيرون بالقلق، خصوصاً أولئك الذين ليس لديهم منازل، بعدما تضررت أو تهدمت. حتى اليوم، ما زال بعضهم يعيش وسط الركام.
المساهمون