أسبوع مر على الإعلان عن اتفاق في أبوظبي بين رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، من دون أن تظهر حتى ملامحه، باستثناء الاتفاق على "إنهاء المراحل الانتقالية وإجراء انتخابات عامة" بحسب الإعلان المقتضب للبعثة الأممية في ليبيا، التي ترأّس رئيسها، غسان سلامة، لقاء الرجلين، في استغفال مستمر من قِبل البعثة والأطراف الدولية لصوت الشعب ورأيه.
قبل أربعة أشهر، كان ممثلو الأزمة الليبية أربعة، تمت استضافتهم في باريس نهاية مايو/أيار الماضي، وفي باليرمو الإيطالية في بداية نوفمبر/تشرين الثاني، أما اليوم فأصبحوا اثنين فقط، وهو اعتراف ضمني من قبل الأطراف الفاعلة والمتدخّلة في الأزمة الليبية بأنها تقف وراء هاتين الشخصيتين (السراج وحفتر) اللتين تمثلان مصالحها في البلاد. ويشير ذلك أيضاً إلى قبول البعثة الأممية بهذه الخطوة في اتجاه تضييق هوة الخلاف، في وقت اختفت تصريحات قادة روما وباريس، ما يشير إلى سلسلة من الإجراءات والتفاهمات بين العاصمتين الأكثر اهتماماً بالملف الليبي، انتهت إلى تسوية بينهما وقبولهما بأن يمثل شخصان مصالحهما من أصل أربعة. لكن عواصم عربية كانت تسعى لاستدراك أمرها ومسارعة الوقت للحصول على نصيبها، فجاء لقاء أبوظبي الذي استضاف أيضاً على الهامش شخصية جديدة هي رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، ما يشير بوضوح إلى مطامح هذه الدولة التي لطالما وقفت وراء حفتر بدعمه بالسلاح والقوة، وتقربت دبلوماسياً وسياسياً من السراج.
من المتفق عليه بين قطاع كبير من الليبيين، أن التدخّلات الخارجية السلبية تسعى لحلحلة الأزمة وفق مصالحها، وإلا فالحل متاح وموجود ويمكن أن يوصل إلى مرحلة الانتخابات العامة التي ستقصي كل تلك الوجوه الممثلة للأزمة. لكن السؤال المباشر الذي لم يجد له الليبي أي جواب بعد: لماذا لا يُطرح الدستور للاستفتاء، وعلى أساسه تُجرى انتخابات برلمانية ورئاسية وتنتهي المراحل الانتقالية والأزمة أيضاً؟
قد تتوفر إجابات ضمنية تمكن قراءتها من مواقف المعرقلين، فنصوص الدستور لا توفر لهم مكاناً يحفظ مناصبهم. لكن، ما جواب البعثة الأممية؟ وما الداعي لكل هذه المراحل التي نصّت عليها الخطة الأممية؟ بل لماذا كل هذا التأخير في تنفيذ المراحل؟ فحتى الآن، لم تعلن البعثة عن نهاية المرحلة الأولى الخاصة بتعديل الاتفاق السياسي، ولم تصل إلى المرحلة الثانية الخاصة بعقد ملتقى وطني جامع يقرر مصير الانتخابات والدستور! ويبقى أن الذي لا شك فيه، أن اللقاء المقبل بين حفتر والسراج، وربما شخصيات أخرى، سيبحث له عن عاصمة جديدة بعد باريس وباليرمو وأخيراً أبوظبي.