خيارات قوى الثورة السورية

12 اغسطس 2017
دفعت الحاضنة الشعبية للثورة جزءاً من فاتورة الحرب(محمد عياد/الأناضول)
+ الخط -

تمرّ الثورة السورية حالياً بأخطر المنعطفات التي واجهتها منذ اندلاعها في عام 2011، وهو المنعطف الذي قد يؤدي إلى تدجين كل القوى التمثيلية السياسية لها تحت مظلة الحل الروسي، بعد أن تم تدجين معظم الفصائل العسكرية التمثيلية للثورة والتي تعمل تحت اسم "الجيش الحر" لتعمل ضمن أجندة التوجهات الأميركية المتوافقة مع الروس إلى حد بعيد، لتصبح مهمة ممثلي الثورة عسكرياً تنفيذ الأجندة الأميركية في محاربة ما تم تصنيعه من إرهاب في المنطقة، ضمن معارك مرسومة شرطها الأساسي عدم محاربة قوات النظام التي يتم تحضيرها هي الأخرى للتشارك مع ممثلي الثورة في الحرب على الإرهاب.

كما تمت محاصرة الحاضن الشعبي لهذه الثورة حتى بات محكوماً بين خيارات تنظيمات جهادية متطرفة، من دون وجود بديل على المستوى الوطني، الأمر الذي دفع قسماً من هذا الحاضن ليترحم على أيام حكم النظام السيئ الصيت.

مع التوجهات الدولية والإقليمية للدول الفاعلة في القضية السورية التي تميل للرؤية الروسية في حل القضية السورية، تقف المعارضة السورية أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الرضوخ للإملاءات ومحاباة تلك التوجهات تحت اسم "الواقعية السياسية"، أو التمسك بالثوابت والمرجعيات التي تخدم أهداف الثورة، والتعويل على الدعم الشعبي بغض النظر عن نتائج هذا الموقف. علماً أن تلك المعارضة تمت إعادة هيكلتها عبر خمس سنوات حتى بات قسم منها لا يمثل الثورة السورية وأهدافها، الأمر الذي يفتح الباب أمام احتمال استبعاد الشخصيات التي تتشدد بالتمسك بأهداف الثورة، والإبقاء على من يقبل بالتوجهات الدولية الجديدة.

رغم تعقيدات المشهد السوري، إلا أن حجم التضحيات التي بذلها الثوار، والتي بلغت مئات الآلاف من الشهداء، لن تسمح لأي هيئة معارضة بأن تتحدث باسم قوى الثورة وأن تقبل بالتنازلات المطلوبة، مهما توافقت الرؤى الدولية حولها، ولأن أي حل، حتى لو فرض بالقوة ضمن الصيغ المطروحة، لن يكتب له النجاح. وبالتالي على كل القوى التي لا تزال تؤمن بأهداف الثورة أن تتخذ موقفاً تاريخياً برفض كل الإملاءات التي قد تجرّها إلى حلول تفضي للقضاء على مكتسبات الثورة، والتفكير الجدي بتشكيل قوة ضاغطة على المجتمع الدولي أساسها الشعب السوري الذي ثار على الظلم.

 

المساهمون