خسائر الليرة التركية تهدد بنوك أميركا وأوروبا بالتعثر

13 اغسطس 2018
أسهم البنوك تتضرر من الأزمة (Getty)
+ الخط -
تركزت الخسائر الناجمة عن الحرب التجارية، التي شنها الرئيس الأميركي على أنقرة، على الليرة التركية بشكل أساسي، لكن العديد من المؤشرات وتقارير المؤسسات المالية الدولية، تظهر أن تركيا لن تكون خاسرة وحدها، فالخسائر ستلاحق المستثمرين الأميركيين والأوروبيين أيضا، وربما تندلع أزمة مصرفية واسعة النطاق، حال استمرار التصعيد بين واشنطن وأنقرة.

فقد استغل ترامب الضغوط التي تتعرض لها الليرة التركية منذ عدة أشهر، ليزيد من مأزق العملة التركية، يوم الجمعة الماضي، عبر زيادة التعريفات الجمركية على الألومنيوم الوارد إلى بلاده من تركيا إلى 20% والصلب إلى 50%، وهو ما صعّب كثيراً من استمرار الأميركيين في استيرادهما.

وإثر هذا القرار الذي ابتدأ من 13 أغسطس/ آب الجاري، تهاوت الليرة مع إغلاق تعاملات الجمعة، لتصل إلى مستوى 6.43 ليرات مقابل الدولار، خاسرة نحو 13.7% من قيمتها، في حين وصلت هذه النسبة خلال ساعات النهار إلى 24%، قبل أن تنخفض صباح اليوم الإثنين إلى 7.24 ليرات، ثم تتعافى قليلاً في وقت لاحق.

وتمثل صادرات تركيا من المعدنين، خاصة الصلب، مصدراً هاماً للعملة الأجنبية للبلاد، وتحتل تركيا المركز السادس في الدول المصدرة للصلب للولايات المتحدة.

لكن من الواضح أن نيران حرب ترامب على تركيا لن تتوقف عند الحدود التركية، بعد أن انخفضت بشدة أسهم العديد من البنوك الأوروبية، يوم الجمعة، خوفاً من تعرّض تلك البنوك لخسائر كبيرة، حال إفلاس أي من الشركات التركية المقترضة منها.

ووفقاً لتقديرات معهد التمويل الدولي، يناهز حجم ديون شركات الأسواق الناشئة مجتمعةً حوالى 5.5 تريليونات دولار، فيما يصل إلى 450 مليار دولار مجموع ديون تركيا الخارجية، موزعةً ما بين ديون حكومية وديون مستحقة على الشركات الخاصة.



وعانت الشركات التركية من ارتفاع تكلفة سداد تلك القروض، مقومةً بالعملة المحلية الآخذة في الانهيار منذ بداية العام الحالي.

وقال أحد مسؤولي الائتمان في بنك يو بي اس في نيويورك إن "العديد من الشركات التركية أعلنت بالفعل عن عدم قدرتها على سداد تلك المديونيات". وقدر معهد التمويل حجم اقتراض الشركات والبنوك التركية بالعملة الأجنبية بحوالي 70% من الاقتصاد التركي".

وأشارت تقارير أوروبية إلى أن بعض البنوك في جنوب أوروبا، وتحديداً إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، تتعرض لمخاطر بسبب الاضطراب الاقتصادي في تركيا.

ولفتت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إلى أن "البنك المركزي الأوروبي يشعر بالقلق بسبب انكشافه على تركيا بعد الانخفاض الكبير في قيمة عملتها".

وانخفضت أسهم بنوك "بي ان بي باريبا" الفرنسي، و"يوني كريديتو" الإيطالي و"بي بي في ايه" الإسباني بحوالي 3%، على خلفية تعليق البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة.

لكن روجر جونز، مدير الاستثمار في الأسهم بأحد صناديق الاستثمار، يرى أن التأثير لا ينبغي أن يكون كبيراً على البنوك الأوروبية، "حيث إن إقراض تلك البنوك للشركات التركية، أو تملّكها أسهما فيها، يمثل جزءاً صغيراً من محافظها الاستثمارية".

أيضاً قدر معهد التمويل الدولي نسبة ما يمتلكه المستثمرون الأميركيون من السندات والأسهم التركية بحوالي 25% من السندات القائمة حالياً، وأكثر من 50% من أسهم الشركات التركية المتداولة، كما أقرضت البنوك الأميركية الشركات التركية، وفقاً لإحصاءات بنك تسوية المعاملات الدولية، حوالي 18 مليار دولار، الأمر الذي يزيد من تعرّض الاقتصاد الأميركي لمخاطر أي انهيار اقتصادي تركي.

وانخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية، التي تعتبر صاحبة أقل مخاطر بين كل الاستثمارات حول العالم، إلى أقل مستوى له منذ ثلاثة أسابيع، بعد أن لجأ إليها المستثمرون القلقون من امتداد الأزمة الاقتصادية والمالية التركية إلى بلادهم. وسجلت سندات العشر سنوات عائد 2.886%. ويعني انخفاض عائد السندات ارتفاع سعرها، الأمر الذي يعكس زيادة الطلب عليها.

واعتبر تشاد باون، الزميل في معهد بيترسون للاقتصادات الدولية، أن ترامب قد أخطأ في مضاعفة التعريفات على تركيا في وقتٍ تحتد فيه أزمة العملة هناك، وقال باون "تأثير هذا القرار غير المدروس لن يكون على تركيا فقط، وإنما سيمتد للشركات والعمال الأميركيين أيضاً".
المساهمون