خسائر الأردن من القلق وتوابعه تقدّر بالمليارات

15 يوليو 2015
الأردنيون قلقون على مستقبلهم (Getty)
+ الخط -
يوصف الأردن بأنه البلد الأكثر عرضة للضغوطات والتجاذبات الناجمة عن الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط، حيث أجهضت تداعياتها خلال السنوات القليلة التي مضت مساره التنموي، وحوّلته إلى دولة تتلقى نتائج ما بعد الحروب، على شكل صدمات، ما زالت غالبية الأردنيين تعاني من آثارها.

اليوم لم يعد أرق وقلق الأردنيين، المظهر الوحيد لانعكاس الضغوطات عليهم، بل أضيف إليه نتيجة تفاقم المناخ المتأزم وانعكاساته على الاقتصاد الوطني والحياة العامة أيضاً، الاكتئاب والإرهاق النفسي.


حيث تقدّر مصادر المركز الوطني للصحة النفسانية الحكومي إصابة ربع الأردنيين، من مختلف طبقات المجتمع، بأمراض نفسية، في مقدمتها الأرق والاكتئاب. ورغم افتقار هذا النوع من الأمراض إلى دراسات مسحية تحدّد حجم انتشاره، إلا أن عيادات الطب النفسي، شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حجم المراجعين، اقترب من الضعف مقارنة مع سنوات سابقة.

اقرأ أيضا: الأردن: ارتفاع المديونية وغياب التنمية

ومع غياب الأرقام الرسمية حول انعكاسات القلق على النشاط الاقتصادي الفردي والمؤسساتي، وتأثيره على الأداء الوظيفي والعملية الإنتاجية، يؤكد الخبير الاقتصادي فيصل حوامدة وجود تدنٍ في مستوى إنتاجية الموظف، نتيجة العوامل الآنفة مقارنة مع الدول الأخرى. و يربط التراجع الحاصل بعوامل أخرى، من بينها تدني الرواتب والأجور.

ويقول حوامدة، لـ"العربي الجديد": "إن تراجع إنتاجية العاملين في بعض القطاعات الحكومية أدى إلى ضياع ساعات عمل، كان من المفترض أن تدعم البرامج الحكومية، وتساعد في إنجاحها بهدف تحسين الأداء الاقتصادي، وتوفير فرص العمل المطلوبة لحل مشكلتي الفقر والبطالة، ولو بشكل نسبي".

اقرأ أيضا: العقول الاقتصاديّة تهجر الأردن

ويلفت إلى أن تأمين مورد الرزق، المصدر الأساس لحالات القلق التي يعيشها الشباب الأردني في ظل الظروف المعيشية والمادية الصعبة وصعود فاتورة الغذاء بنسبة 25% بعد أن رفعتها الأزمات الإقليمية من 3.3 مليارات دولار إلى 4.2 مليارات دولار، باستثناء مستوردات القمح المحصورة بيد الحكومة.


ويضيف حوامدة: "بالرغم من أن الضغوط النفسية الشديدة ترمي بثقلها على المجتمع الأردني، وقد أدت إلى بروز القلق والاكتئاب والأرق على نحو واضح، ورفعت الفاتورة الصحية العلاجية للأمراض الناتجة إلى أكثر من مليار دينار، إلا أن معدل النمو قد ارتفع من %2.8 في عام 2014 إلى 3.1% خلال الأشهر الأولى من هذا العام، ومن المتوقع أن يصل إلى 3.5% في نهايته".

اقرأ أيضا: مطالب الأردنيين البديهية: نريد العمل اللائق

وفي السياق ذاته، أفرز القلق والاكتئاب، ظاهرة ارتفاع نسبة المدخنين، فحسب التصنيف الجديد لمنظمة الصحة العالمية، احتل الأردن المرتبة الثالثة عالمياً كأسوأ دولة من ناحية انتشار التدخين، وذلك للمرة الثانية على التوالي.

وتشير تقارير الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين إلى أن نحو 36% من سكان الأردن مدخنون. في حين أن حجم الإنفاق على شراء التبغ سنوياً، وفق إحصائيات حكومية، وصل إلى نحو 508 ملايين دينار تقريباً، فيما تقدّر كلفة أضراره المباشرة وغير المباشرة بنحو 4 مليارات دينار سنوياً.

ومع ارتفاع فاتورة التبغ وأضراره، ارتفعت على التوالي الفاتورة العلاجية لمرضى السرطان بسبب التدخين، وتقول وزارة الصحة في تقرير لها: إن "خسائر الأردن السنوية من جراء التدخين تصل إلى أكثر من مليار دينار متضمنة مصروفات التدخين وعلاج المصابين بأمراضه، وفي مقدمتها مرض السرطان.

اقرأ أيضا: البطالة في الأردن: أرقام متصارعة

ويعلّق أستاذ علم الاجتماع في جامعة اليرموك الأردنية، حسين طه المحادين، على الظاهرة بقوله: "القلق والترقب الجمعي في المجتمع الأردني حالياً، هو نتيجة لارتفاع نسب التعليم والوعي العام، والتأثر بما يجري في الإقليم. وعلى خلاف العادة، فقد ترافق مع نشاط إنتاجي بالرغم ممّا رافق الربيع العربي من هجرات سكانية ضاغطة على البنية الاقتصادية والمرافق الخدمية وسوق العمل في بلد محدود الموارد أصلاً".
المساهمون