حملة لإزاحة رجال المالكي... وللقضاء على الميليشيات في البصرة

18 سبتمبر 2014
العبادي يسعى للقطع مع سياسة المالكي (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

تسعى السلطات العراقية الجديدة ممثلةً بحكومة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، إلى تجاوز آثار حقبة حكم رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي.

ووسط عدم الاتفاق على أسماء وزيري الدفاع والداخلية، يرجح أن يقفز العبادي على مسألة التوافق، وأن يمارس صلاحياته الدستورية بتسمية وزيرين ممن يراهما مناسبين للمنصب.

وفي الشق المتعلق بتحجيم القيادات الأمنية التي عيّنها المالكي، يكشف مصدر مطلع، لـ"العربي الجديد"، عن اتخاذ العبادي بصفته "القائد العام للقوات المسلحة"، قراراً بإقالة رئيس جهاز الاستخبارات بالوكالة، زهير الغرباوي، ومدير العلميات في الجهاز، الفريق قاسم عطا.

ويضيف المصدر، أن "القرار موجود على مكتب العبادي، وأنه سيعلن قريباً"، ولم يدل المصدر بأية تفاصيل أخرى عن الموضوع. وفي حال إعلان القرار، فإنه سيمثل الخطوة الأولى التي يتخذها العبادي، لإبعاد الموالين للمالكي عن المناصب الحساسة في أجهزة الدولة.

وكان مصدر عراقي قد تحدث لـ"العربي الجديد" عن نفوذ واسع لا يزال يملكه المالكي في صفوف قيادات الأجهزة الأمنية، التي تحاول تعطيل قرارات رئيس الحكومة الجديد.

ويؤكد المصدر، على أنّ "العبادي يحاول تجاوز هذه المرحلة الصعبة، وهو على علم باستمرار تلك القيادات في ولائها للمالكي، لكنه يخشى من أن أي تصرف يُقدم عليه قد تكون له نتائج خطيرة على حكومته، خصوصاً مع سيطرة تلك القيادات على الأجهزة الأمنية".

ويحاول القادة الأمنيون خرق قرار العبادي الأخير بإيقاف قصف المدن التي كان المالكي قد أصدر توجيهات بضربها تحت شعار "مكافحة الارهاب". وقد أبدى مسؤولون مقربون من المالكي امتعاضهم من قرار العبادي بوقف القصف، مؤكدين على أن الأمر يحتاج إلى عملية تفكيك وتفصيل كبير لتلك المدن، داعين إلى ضرب أماكن تواجد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عن طريق الأسلحة الذكية.

ويواجه العبادي تحدياً خطيراً، متمثلاً في محاولته إثبات حسن النية للفرقاء السياسيين ليكسب تعاونهم ودعمهم في المرحلة الراهنة. ويحاول في المقابل إحداث تغيير في نهج سلفه، الذي أثار حفيظة العراقيين والكتل السياسية الأخرى.

الداخلية والدفاع: الأمر للعبادي

من جهة أخرى، علمت "العربي الجديد" أن رئيس الحكومة الجديد قد يتجاوز إخفاقه في الحصول على تأييد البرلمان لمرشحيّ حقيبتيّ الدفاع والداخلية، جابر الجابري، ورياض غريب، عبر القفز على مسألة التوافق السياسي على المنصبين، واختيار من يراهما كُفئين لهما، وفقاً لصلاحياته الدستورية.

وفي هذا السياق، يقول مصدر من "التحالف الوطني" لـ"العربي الجديد"، إن "إدارة حقيبتي الدفاع والداخلية بالوكالة ستتسبب بأزمات أمنية تنعكس على أداء حكومة العبادي، وأنه مضطر لتعيين شخصين للحقيبتين باختياره الشخصي".

ويضف: "العبادي سيعلن بالموعد المقرر للجلسة البرلمانية عن الاسمين" اللذين لم يكشف المصدر عنهما. وكان البرلمان العراقي قد رفض، خلال جلسة الثلاثاء الماضي، مرشحي العبادي لوزارات الدفاع والداخلية والسياحة، الذين كان قد اتفق على تقديمهم للتصويت خلال اجتماع عقده مع الكتل السياسية. فيما منح رئيس البرلمان، سليم الجبوري، مهلة أخرى للعبادي لتقديم مرشحين جديدين، تستمر حتى انعقاد الجلسة المقبلة للبرلمان، الخميس.

من جهته، يؤكد النائب عن "اتحاد القوى العراقية"، علي المتيوتي، على وجود "شبه إجماع حالياً داخل تحالف القوى على ترشيح خالد العبيدي لحقيبة الدفاع"، ويشير إلى أن "الوضع الأمني يتطلب حسم موضوع الحقيبتين الأمنيتين بأسرع وقت ممكن". ويضيف المتيوتي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ائتلافه سيمضي مع كافة الخيارات التي سيطرحها العبادي لاختيار المرشح لوزارة الدفاع ولن نعرقل حسم الموضوع".

بدوره، يؤكد النائب عن "ائتلاف الوطنية"، حامد المطلك، على وجود "ضغوط تمارس على العبادي من الخارج والداخل لفرض أسماء معينة لتولي حقيبتي الداخلية والدفاع"، ويبين أنه "في حال رضوخ العبادي لتلك الضغوط فإنها ستنعكس سلباً على آلية اختيار المرشحين للحقيبتين". في المقابل، يعتبر النائب عن "ائتلاف المواطن"، هاشم الموسوي، أنه "لا يحق للعبادي ترشيح أية شخصية للوزارات الأمنية من دون العودة إلى الكتل السياسية". ويدعو الموسوي رئيس الوزراء إلى "استرضاء كتلة بدر بأية طريقة للحفاظ على وحدة التحالف الوطني وديمومة التشكيلة الوزارية".

البصرة: حرب على الميليشيات

أما على المستوى المحلي، وفي سياق المحاولات التي تبذلها القيادات الإدارية في المحافظات لتجاوز آثار حقبة حكم المالكي، تسعى محافظة البصرة إلى إعادة ترتيب أوضاعها بما يخدم تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي. وفي هذا السياق، كشف رئيس مجلس محافظة البصرة بالوكالة، وليد كيطان، عن نية المجلس استبدال بعض المسؤولين ومدراء الدوائر في المحافظة.

ويؤكد كيطان، في بيان، على أن التقييم الدوري أثبت وجود إخفاقات وتقصير في عمل هؤلاء المسؤولين، ما يتطلب استجوابهم في مجلس المحافظة، وإقالتهم في حال عدم الاقتناع بأجوبتهم. ويوضح، أن "قانون المحافظات يمنح المحافظ صلاحية ترشيح ثلاث شخصيات إلى مجلس المحافظة لشغل منصب المدير العام، ليتم اختيار إحدى الشخصيات من قبل المجلس بطريقة التصويت، لكن هذا الإجراء لم يتم"، ويشير إلى أن تعيين المسؤولين في المحافظة من دون الرجوع إلى الحكومة المحلية يعتبر تجاوزاً على حقوق المحافظة.

وفي سياق متصل، يقول مصدر في محافظة البصرة، لـ"العربي الجديد"، إن "مجلس المحافظة بدأ بالفعل بإقالة بعض المسؤولين الذين ينتمون لائتلاف دولة القانون"، الذي يترأسه المالكي. ويتابع أن المجلس جادٌّ في عملية إعادة هيكلة دوائر المحافظة، وإبعاد غير الأكفاء عن إدارة المؤسسات الحكومية، بعدما تبين أن الكثير منهم لا يحمل الشهادة الجامعية.

وفي الشق الأمني، أعلنت قوى سياسية وجماعات مسلحة في البصرة براءتها من عمليات القتل والخطف التي تقوم بها الميليشيات الطائفية في المحافظة، معلنة دعمها للأجهزة الأمنية في بسط الأمن والحد من الجريمة.

وعلى هذا الصعيد، قال رئيس "المجلس السياسي في البصرة"، الذي يضم تيارات سياسية وجماعات مسلحة، محسن حامد، في مؤتمر صحافي، إن "المجلس قرر دعم قوات الجيش والشرطة وإنهاء المظاهر المسلحة وتحرير جميع المختطفين". وطالب حامد القائد العام للقوات بزيادة عدد أفراد القوات الأمنية في البصرة، وتجهيزها بالمعدات الحديثة التي تمكنها من بسط الأمن.
من جهته، قال زعيم جماعة مسلحة تدعى "آل البيت" تنشط في البصرة، يدعى علي الساعدي، إن "بعض ضعاف النفوس استغلوا نشاط الجماعات المسلحة الجهادية الشيعية في قتال داعش في المحافظات الساخنة، لينفذوا عمليات القتل والخطف والابتزاز". ويشير الساعدي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الوقت قد حان لاقتلاع هذه العصابات من جذورها، كي لا تستمر في تشويه سمعة مذهب آل البيت، خاصة فيما يتعلق بأعمال طائفية".

من جهته، كشف قائد شرطة البصرة، سامي المالكي، عن تحرير عدد من المختطفين، مبيناً خلال مؤتمر الصحفي أن الأيام المقبلة ستشهد تحرير الآخرين. وأوضح أن دوريات الشرطة التي تم تسييرها في الأحياء السكنية خلال الليل، ساهمت بالحد من عمليات السطو المسلح وجرائم السرقة، مؤكداً على أن الجرائم التي حدثت أخيراً "جنائية وليست طائفية".

وعزا مجلس محافظة البصرة ارتفاع حالات الخطف إلى استغلال العصابات نقص العناصر الأمنية بسبب المعارك التي تجري في شمال وغرب البلاد، محذراً من استغلال البعض للمرجعيات السياسية والقبلية كغطاء لحماية القتلة والمجرمين. وأعلنت شرطة البصرة، في وقت سابق، عن قيام الميليشيات المسلحة باقتحام بعض المساجد وقتل واختطاف العشرات، ما أدى إلى نزوح المئات من الأسر السنية العربية، بعد تلقيها تهديدات تطالبها بمغادرة البصرة، كما أعلن ديوان الوقف السني في البصرة إغلاق الجوامع ووقف الصلاة فيها خوفاً من تكرار الهجمات التي تنفذها الميلشيات.