كتابٌ بعد آخر، يُفتح ليُغلق بين أيديها.. إلى الانترنت عبر الكومبيوتر، إلى الهاتف، فالتلفزيون، معلومات ثم معلومات تكتشفها وتكتسبها، في سباق محموم ولذّة لامتناهية لمعرفة المزيد.
.. ذلك النَّهم للقراءة عندها، كان يجعلني في غاية السعادة، غير أن هذا النشاط في القراءة كان يتلازم مع كسلٍ في الحركة أدى إلى سمنةٍ مفرطة.
والسؤال عنها يحتّم إجابة من ثلاث: فهي إمّا تقرأ أو تأكل أو تنام. ويتلازم ذلك مع "فوضى خلاّقة" إلى جانبها أنّى وُجِدَت.
نصائحي لها حول ضرورة القيام بنشاطات مشتركة مع أصدقائها وأن تمارس الرياضة، ومحاولة إعطائها المثل السليم كانت تنجح حيناً لكنها تبوء بالفشل في معظم الأحيان.. والحجّة التي تقارعني بها هي أن الوقت هو وقت عطلتها الصيفية ومن الأجدر أن تمضيها كما يريحها.
مساوئ السمنة وتأثيرها السلبي على الصحة، جعلتني أتتبّع كل ما يُنشر من دراسات حديثة حولها وأحثّها على قراءتها مُقرناً ذلك بالحديث عن ضرورة المحافظة على التوازن بين جميع النشاطات للحصول على جسم سليم يحفظ العقل السليم.. ولكم تعمّدتُ التحدث أمامها بإعجاب عن أخيها الفائق النشاط صاحب الجسم الرياضي الجميل محاولاً إثارة همّتها للتمثُّل به، ولكم تواطأتُ معه لاختراع نزهة ما أو زيارة ملحّة لجعلها تترك غرفتها وتتحرك، إلا أن دأبي كان ينتهي كحال مَن يعبئ الغبار في أدراج الرياح.
وكم انتهت محاولات أمها لإشغالها بأمور البيت إلى الاحتيال عليها بقصة ما أو تذرّعها بحججٍ واهية تمنع الأخيرة من الضغط عليها.
فهي المميّزة في دراستها والمدلّلة من أساتذتها، كانت تحوّل معظم زملائها إلى أصدقاء في فترة وجيزة وتكتسب المزيد منهم في كل حين، وذلك ما كان يردعني عن القسوة وفرض "نظامٍ حركيٍّ" عليها كي تتحرّك لتخفيف وزنها.
صباح ذلك اليوم، جهّزتُ الفطور، كعادتي حين أستيقظ مبكراً، وهي مرات نادرة عليّ أنا الذي أعمل في الليل، مدفوعاً بقولها إن الفطور الذي أعدّه هو الأشهى، كما تردّد على الدوام أمام أمها مثيرةً لديها غيرة محبّبة.
استفاق الجميع باستثنائها، فذهبتُ لإيقاظها مصبّحاً قائلاً:
ــ صباح الخير يا أميرتي، يا صاحبة أجمل وجه وأكبر... ولم أُكمل.
ومع قبلتها المعتادة قالت:
ــ بابا، يا بابا، خفّف عنك، فمَن يكبر عقله داخل جمجمته المحدودة، تتضخّم مؤخرته لاستيعاب الحجم الزائد!!
تلك "الحكمة" الصباحية المفاجئة دفعتني للابتسام لغرابتها، وأُسقط في يدي وما عاد بمستطاعي الاستغراق في نصائحي التي بدت بعدها شديدة التهافت.
.. ذلك النَّهم للقراءة عندها، كان يجعلني في غاية السعادة، غير أن هذا النشاط في القراءة كان يتلازم مع كسلٍ في الحركة أدى إلى سمنةٍ مفرطة.
والسؤال عنها يحتّم إجابة من ثلاث: فهي إمّا تقرأ أو تأكل أو تنام. ويتلازم ذلك مع "فوضى خلاّقة" إلى جانبها أنّى وُجِدَت.
نصائحي لها حول ضرورة القيام بنشاطات مشتركة مع أصدقائها وأن تمارس الرياضة، ومحاولة إعطائها المثل السليم كانت تنجح حيناً لكنها تبوء بالفشل في معظم الأحيان.. والحجّة التي تقارعني بها هي أن الوقت هو وقت عطلتها الصيفية ومن الأجدر أن تمضيها كما يريحها.
مساوئ السمنة وتأثيرها السلبي على الصحة، جعلتني أتتبّع كل ما يُنشر من دراسات حديثة حولها وأحثّها على قراءتها مُقرناً ذلك بالحديث عن ضرورة المحافظة على التوازن بين جميع النشاطات للحصول على جسم سليم يحفظ العقل السليم.. ولكم تعمّدتُ التحدث أمامها بإعجاب عن أخيها الفائق النشاط صاحب الجسم الرياضي الجميل محاولاً إثارة همّتها للتمثُّل به، ولكم تواطأتُ معه لاختراع نزهة ما أو زيارة ملحّة لجعلها تترك غرفتها وتتحرك، إلا أن دأبي كان ينتهي كحال مَن يعبئ الغبار في أدراج الرياح.
وكم انتهت محاولات أمها لإشغالها بأمور البيت إلى الاحتيال عليها بقصة ما أو تذرّعها بحججٍ واهية تمنع الأخيرة من الضغط عليها.
فهي المميّزة في دراستها والمدلّلة من أساتذتها، كانت تحوّل معظم زملائها إلى أصدقاء في فترة وجيزة وتكتسب المزيد منهم في كل حين، وذلك ما كان يردعني عن القسوة وفرض "نظامٍ حركيٍّ" عليها كي تتحرّك لتخفيف وزنها.
صباح ذلك اليوم، جهّزتُ الفطور، كعادتي حين أستيقظ مبكراً، وهي مرات نادرة عليّ أنا الذي أعمل في الليل، مدفوعاً بقولها إن الفطور الذي أعدّه هو الأشهى، كما تردّد على الدوام أمام أمها مثيرةً لديها غيرة محبّبة.
استفاق الجميع باستثنائها، فذهبتُ لإيقاظها مصبّحاً قائلاً:
ــ صباح الخير يا أميرتي، يا صاحبة أجمل وجه وأكبر... ولم أُكمل.
ومع قبلتها المعتادة قالت:
ــ بابا، يا بابا، خفّف عنك، فمَن يكبر عقله داخل جمجمته المحدودة، تتضخّم مؤخرته لاستيعاب الحجم الزائد!!
تلك "الحكمة" الصباحية المفاجئة دفعتني للابتسام لغرابتها، وأُسقط في يدي وما عاد بمستطاعي الاستغراق في نصائحي التي بدت بعدها شديدة التهافت.