حليمة تصنع الفحم وتعيل أبناءها منه

15 مايو 2015
يعمل أبناؤها معها اليوم (العربي الجديد)
+ الخط -
كانت حليمة في الرابعة عشرة عندما تزوجت. واليوم، وهي في الثانية والثلاثين، أم لسبعة أطفال.

منذ زواجها، وجدت أمامها زوجاً لا يتحمل المسؤولية، وحماة قاسية توقظها في الصباح الباكر، لتبدأ رحلة البحث عن الرزق. كان الأمر غريباً بالنسبة إليها، فقد كانت تظن أنّها سترتاح في بيت زوجها وتنشغل بتربية أطفالها، أسوة بغيرها.

تقول حليمة: "أخرجني الجوع إلى العمل، فحماتي كانت تمنعني من الأكل. بدأت أصنع زرابيّ (بُسُط) صغيرة تقليدية كنت قد تعلمت صناعتها مع نساء قريتنا في طفولتي". لكنّ هذا العمل كان مضنياً، كما لم يتوافر لها المال لشراء الخرق البالية والأصواف المطلوبة لصنعها.

وهذا ما دفعها إلى العمل في صناعة الفحم، وهي مهنة نساء قرية زوجها في منطقة الغرب المغربي. فقد رافقت النسوة طوال أسابيع حتى تعلمت سر المهنة. وبعدها بدأت العمل وحدها.

واليوم، تعمل حليمة في المهنة مع كلّ أبنائها وبناتها، كما يخرج زوجها معها إلى البيع في كثير من الأحيان.

تقول حليمة: "أخرج قبيل الفجر بعربتي الكارو (عربة تقليدية يجرها حمار أو حصان) إلى أعماق غابة الأوكاليبتوس والفلين والبلوط. وأبدأ بقطع أغصان الشجر وأضعها في عربتي إلى أن تمتلئ ثم أعود إلى البيت. فأحمد الله على وصولي سالمة من دون أن يعترض طريقي أحد حراس الغابة. فمن الممنوع علينا أن نقطع الأغصان".

تعود حليمة للبيت بعد رحلة مخاطر وخوف من الاعتقال أو دفع غرامة للهيئات المختصة في الحفاظ على الغابات. ثم تبدأ في تفريغ عربتها الممتلئة في حفرة أرضية. ترتب في الحفرة أغصان الأشجار التي جمعتها بشكل هرمي. ثم تضع فوقها بعض القش، وبعدها تغطيه بالرمال ليصبح الشكل يشبه فرناً كبيراً يطلق عليه اسم الكوشة.

تبدأ بعد ذلك مرحلة "الحرق والتسخين"، عن طريق فتح فتحة صغيرة داخل الكوشة وإشعال الحطب. وتتطلب هذه المرحلة عدة أيام تتم خلالها مراقبة عملية "الحرق والتسخين" خوفاً من احتراق الكوشة بشكل كبير وبالتالي فساد عملية تصنيع الفحم.

تشرح حليمة: "نوقد الكوشة لعدة أيام، وبعدها نبدأ بإزالة التراب، لنعود بعدها ونفرز الفحم الجيد الذي نضعه في أكياس الدقيق الفارغة".

تبدأ بعدها عملية البيع التي لا تخلو بدورها من مخاطر. وتعرض حليمة فحمها منذ 17 عاماً على الرصيف، بسعر رخيص لا يتجاوز دراهم قليلة. ومع ذلك، لا تتوانى الشرطة عن مصادرة فحمهم، من دون اعتراض أحد، فحليمة وغيرها يدركون أنّ عملهم غير قانوني.

إقرأ أيضاً: حليمة أمّ إخوتها تبيع على الرصيف
المساهمون