الأردن: صيف حار يفاقم أزمة نقص المياه

28 يوليو 2024
أطفال حول صنبور مياه في المفرق (جيف ميتشيل/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **موجة الحرّ وأزمة المياه**: شهد الأردن في يونيو/ حزيران موجة حرّ شديدة زادت استهلاك المياه، مما أدى إلى شكاوى من انقطاع المياه. الأردن يعاني من عجز سنوي يبلغ 500 مليون متر مكعب، بينما حاجته تصل إلى 1.6 مليار متر مكعب سنوياً.

- **التحديات المائية والسياسية**: الأردن يعتمد على المياه الجوفية غير المتجددة والمياه من إسرائيل، لكن الكميات غير كافية. الحلول تتطلب إدارة مائية فعّالة، توعية المواطنين، وتنفيذ مشاريع كبيرة مثل مشروع نقل المياه من العقبة.

- **جهود وزارة المياه والري**: الوزارة تعمل على حفر آبار جديدة وزيادة قدرة المصادر الحالية. مشروع الناقل الوطني للمياه من العقبة يُعد من الحلول الواعدة، وتسعى الوزارة لخفض الفاقد من المياه بنسبة 2% سنوياً.

رافقت موجة الحرّ التي ضربت الأردن في يونيو/ حزيران الماضي شكاوى من انقطاع المياه، وأيضاً من نقص الكميات التي تصل إلى المواطنين في ظل ارتفاع مستوى الاستهلاك في الأجواء الحارّة، واتساع الفجوة ما بين الكميات المتوفّرة وتلك المطلوبة لجهة المصادر المائية، فيما فشلت الحكومات المتعاقبة في مواجهة الواقع المائي الضاغط.
ويواجه الأردن الذي يصنّف من أفقر دول العالم مائياً، عجزاً يبلغ نحو 500 مليون متر مكعب سنوياً، بينما تقدّر حاجته بـ1.6 مليار متر مكعب سنوياً، في حين أن الكميات المتاحة هي 1.1مليار مليون، وحصة الفرد لا تتجاوز 61 متراً مكعباً، مقارنة بنحو 500 متر مكعب على مستوى العالم.
يقول رئيس الجمعية الأردنية للحفاظ على المياه، أحمد الروسان، لـ"العربي الجديد"، إن "الأردن يتعرض لصيف ساخن وجاف بحسب دائرة الأرصاد، ودرجات الحرارة أعلى من معدلاتها، وسينعكس ذلك على الواقع المائي، وكميات حاجة المواطنين إلى المياه. كان موسم الشتاء جيداً، خاصة في الشمال والوسط، وكانت كميات الأمطار أفضل من العام الماضي، لكن الصيف الحالي سيكون حاراً جداً، ما يؤثر على الغطاء النباتي والمسطحات المائية، خاصة السدود والبرك الزراعية، وأيضاً السدود الترابية في المناطق الصحراوية التي يتجاوز عددها 32، وكلها مهددة بالجفاف سريعاً".
ويوضح أنه "عندما تتبخر مياه السدود يلجأ المزارعون إلى مصادر بديلة تؤثر في الكميات التي يحصل عليها المواطنون، فتروى المزروعات في مناطق الأغوار من السدود وقناة الملك عبد الله التي تأتي من نهر اليرموك، وكلما ارتفعت درجات الحرارة زاد الاستهلاك. يجري تخزين المياه القادمة من فلسطين المحتلة في سد العرب، وستتعرض بدورها لتبخر شديد يقلص الكميات. بموجب اتفاق السلام، تزوّد السلطات الإسرائيلية الأردن بكميات تصل إلى نحو 50 مليون متر مكعب سنوياً من مياه بحيرة طبريا، ويجري شراء 50 مليون متر مكعب إضافية من منطقة وادي عربة، علماً أن الأردن يحصل على حصة من نهر اليرموك بسورية، حيث يوجد أكثر من 32 سداً. حل هذه القضية سياسي، فكميات المياه في سد الوحدة الذي بناه الأردن على نهر اليرموك لا تزيد عن 15 مليون متر مكعب حالياً، في حين كانت تصل إلى نحو 50 مليون متر مكعب سابقاً".

لم تستفد السدود في جنوب الأردن من موسم الأمطار الجيد هذا العام (Getty)
لم تستفد سدود جنوب الأردن من موسم الأمطار جيداً (Getty)

ويشير الروسان إلى أن "حوض الديسي مهدد بالاستنزاف لأن مياهه غير متجددة، ونسبتها 30% للأردن و70% للسعودية التي تستخرج كميات كبيرة من الحوض الذي سينضب مهما كان حجمه. ومعلوم أن السعودية تملك الإمكانيات المالية لتحلية مياه البحر، في حين أن الأوضاع المالية للأردن صعبة، وهو بلد يعتمد اعتماداً كبيراً على المياه الجوفية غير الكافية، فالعجز يصل إلى نحو 500 مليون متر مكعب ولا يمكن تغطيته، ما يعني أن معالجة مشكلات النقص في الكميات تعتمد على الإدارة المائية التي تجهد وزارة المياه في تنفيذها ضمن المتوفر. وفي بعض المناطق والقرى التي تقع على جبال مرتفعة تصل المياه مرة واحدة كل أسبوعين، ما يضطر السكان إلى شراء صهاريج مياه".
يتابع: "يواجه الأردن تحديات كبيرة لا يمكن حلّها إلا عبر اتخاذ خطوات أبرزها تنفيذ مشروع نقل المياه من العقبة الذي يوفّر 300 مليون متر مكعب لسدّ جزء كبير من العجز المائي. وتصل تكلفة المشروع إلى أكثر من 3 مليارات دولار. هناك ضعف في إدارة السياسة المائية في البلاد، وينبغي ضرورة وضع خطط لمدة 50 عاماً، وليس لعام أو عامين. إضافة إلى أهمية توعية المواطن بترشيد استهلاك المياه في كل الاستخدامات".

ستزداد احتياجات الأردن للمياه هذه الصيف (ماركوس يام/ Getty)
تزداد احتياجات الأردنيين إلى المياه خلال الصيف (ماركوس يام/Getty)

بدوره، يقول الناطق باسم وزارة المياه والري عمر سلامة لـ"العربي الجديد": "يواجه الواقع المائي في الأردن تحديات كبيرة، علماً أن الأردن مصنّف من بين أكثر دول العالم فقراً بالمياه، وحصة الفرد فيه هي الأقل على مستوى العالم. موسم الأمطار كان جيداً هذا العام في مناطق الوسط والشمال، لكن في المناطق الجنوبية التي تضم غالبية السدود الرئيسية كان تخزين المياه ضعيفاً، وبلغ حجمه نحو 140 مليون متر مكعب في نهاية الموسم، ما شكل نحو 50% من حجم التخزين، وقد تراجع اليوم إلى نحو 113 مليون متر مكعب، أي 40% من التخزين الكلي". 
ويستدرك: "الوضع العام جيد رغم ارتفاع درجات الحرارة الذي يزيد من استهلاك المواطنين للمياه، ولا نستبعد أن تحدث بعض المشكلات في التزويد، لكننا نتعامل معها بحسب ما تفرضه الاحتياجات، وجرى توفير مصادر مائية جديدة عبر حفر العديد من الآبار الجوفية، وزيادة قدرة بعض المصادر، كما نقِلت كميات من المياه من مصادر مختلفة إلى أماكن أخرى لمعالجة النقص فيها. نحاول باستمرار تأمين مصادر مائية جديدة من خلال حفر الآبار، والاستفادة من مياه السدود للري والشرب".

يتابع سلامة: "في شأن مشروع الناقل الوطني للمياه من العقبة، والذي يبني الأردنيون آمالهم عليه لتجاوز أزمة المياه. قدم مقاول عرضاً لتنفيذ المشروع، وتجري لجان فنية مختصة مفاوضات للوصول إلى نتائج في أقرب وقت، وتبذل جهود كبيرة لخفض الفاقد، وجرى وضع الخطة الاستراتيجية الوطنية للمياه بهدف خفض هذا الفاقد بنسبة 2% سنوياً، مع تحديث الشبكات، والتوعية القائمة للحدّ من هدر المياه، ووقف الاعتداءات على الشبكة، وردم الآبار المخالفة". 
ومددت إسرائيل في مايو/ أيار الماضي اتفاق مضاعفة إمدادات المياه للأردن الذي وُقع في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، والذي ينص على أن بيع 50 مليون متر مكعب من المياه سنوياً بسعر مخفض للأردن، والذي يحصل أيضاً على 55 مليون متر مكعب مجاناً بموجب اتفاق وادي عربة. وطالب الأردن بتمديد الاتفاق لخمس سنوات، لكن حصل ذلك لنصف سنة فقط.

المساهمون