حروف الأبجدية تعجز عن وصف أبي

تغيب والدي عن البيت لمدة شهر بموجب التزاماته العملية، فأثر ذلك بشكل سلبي على تصرفاتي وردة فعلي، وأصبحت كثيرة التشنج، حتى إن جل المحيطين بي لاحظوا هذا التغير المفاجئ، وقد تبينت لي خلال هذه الفترة أهميته في العائلة إضافة إلى الفراغ الذي خلفه لي هذا الغياب.

" كم أتمنى يا أبي أن تظل تاجا ينير حياتي "

فأبي هو سبب سعادتي في هذه الحياة، قدوتي ومثلي الأعلى هو صورة في عيوني تزهو على كل الصور، لم أعتد على غيابه الطويل.

من لا يعرف أبي فهو صاحب القلب الكبير تاج الزمان وصدر الحنان. أبي أنت الحبيب الغالي والأب المثالي ولو كان للحب وسام فأنت بالوسام جدير. أنت الصباح الذي يشرق كياني والنهار الذي ينعش وجداني والليل الذي ينسيني أحزاني.
فتأنيبك يا والدي دواء حلو فكل ولد بدون أب ضائع ونصف يتيم.

تأكدت طيلة غيابه أن الأب هو صاحب المشاعر والأحاسيس المتجددة الخالية من الكذب والأنانية وهو الوحيد الذي يعطي دون تفكير أو مقابل.

يسألني الجميع ما أطيب عطر لك فأقول رائحة أبي في ملابسي بعدما أضمه لا تفارقني. فكلمة الأب معناها كبير لا تشرح بكل ما تحمله اللغة من كلمات وحروف. أبي روح العائلة وقائدها، وهو الحريص على حمايتنا من غدر الزمان فرغم عصبيتك في بعض الأحيان إلا أنها طريقة لحماية مصالحنا وليس تسلطا علينا.

أيقنت من خلال هذه التجربة أن الحياة تفقد أسمى معانيها بغياب الأب، فمسكين ذلك الذي حرم حنان الأب وعطفه.

فكم أتمنى يا أبي أن تظل تاجا ينير حياتي وصدرك يضمد جراحي وعقلك يدبر نجاحاتي فمن غيرك قادر على أن يمنحني كل هذا العطاء.

(تونس)