صادفت يوم أمس السبت الذكرى الـ75 لتأسيس الجيش السوري بعد جلاء الفرنسيين عن سورية، بمهمة الدفاع عن البلاد ضد التهديدات الخارجية وضمان أمن الحدود وسلامتها. لكن مع تسلُّم حافظ الأسد السلطة بشكل كامل عام 1971، وتسلمه منصبي رئيس الجمهورية والقائد العام للجيش والقوات المسلحة، بدأ بالعمل على تحويل الجيش عن مهمته في حماية حدود البلاد، إلى جيش يعمل على حماية النظام، والتصدي لأي محاولة للاحتجاج على أدائه. هذا الأمر حوّل الجيش تدريجاً إلى حامٍ لديكتاتورية النظام ضد الشعب، فيما قُصرَت مهمته الأساسية على بعض الشعارات غير القابلة للتحقق، كشعار الممانعة للاحتلال الإسرائيلي، الذي طُبِّق عملياً بحماية الحدود التي يسيطر عليها الاحتلال، ومنع أي عمليات محتملة ضده من خلال اتفاق وقف إطلاق نار دائم مع إسرائيل، مقابل الترويج إعلامياً لتحرير الأراضي المغتصبة، السورية منها والعربية، من دون القيام بأي شيء عملي في هذا الإطار. وحتى حين يُعتدى على وحداته العسكرية من قبل الطيران الإسرائيلي، يكون رده الوحيد والدائم الاحتفاظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين.
مقابل ذلك، أدى الجيش السوري أدواراً كبيرة في قمع الاحتجاجات الشعبية ضد النظام، وارتكبت بعض قطعه العسكرية مجازر بحق المدنيين، إذ قتلت وحدات من الجيش الآلاف من السوريين في ثمانينيات القرن الماضي ضمن ما سُمي حملة محاربة "الإخوان المسلمين"، التي كان أفظعها في مدينة حماة التي سُوِّيَت بالأرض من خلال قصفها بالطائرات.
ومع بداية الثورة السورية، تحرك الجيش باتجاه المدن والبلدات لقمع التظاهرات بقوة السلاح، ومع تطور الاحتجاجات، استخدم النظام الجيش بكل وحداته في قتل السوريين وتدمير مدنهم بالطائرات، مستخدماً مختلف أنواع الأسلحة التي أمطر بها المدن والبلدات السورية بشكل عشوائي، فقتل وجرح مئات آلاف السوريين، وشرّد الملايين، فيما بقي محافظاً على تماسكه نسبياً من دون انشقاقات كبيرة لوحدات بكامل عناصرها وعتادها، بسبب تركيبته القائمة على الولاء المطلق والرقابة الشديدة لكل عنصر فيه، من خلال زرع الجواسيس بين أفراده، وبسبب التدخل الروسي لإنقاذه في إحدى المراحل التي وصل فيها إلى حافة الانهيار. لكل هذه الأسباب، فإن الجيش في سورية هو جيش النظام والفئة الحاكمة، وليس جيشاً لسورية، وهو الأمر الذي يجب لحظه في أي عملية سياسية، ما يستوجب تشكيل جيش ولاؤه للوطن وليس للحاكم.