جنيف 8 فارغ: القتل في سورية والكاميرات في سويسرا

29 نوفمبر 2017
3A36CAB3-EFC7-42EA-8B8F-582E9306C704
+ الخط -


جعلت عوامل متعددة الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف باهتة، انخفضت معها الآمال بتحقيق أي تقدّم في مسار العملية السياسية السورية، مع غياب وفد النظام السوري عن الانطلاق الرسمي للمفاوضات أمس الثلاثاء، بحجة رفض "فرض شروط مسبقة" من المعارضة، ومنها رحيل رئيس النظام بشار الأسد في بداية المرحلة الانتقالية، إضافة إلى تشكيك روسيا بصيغة الجولة والمشاركين فيها، بالتزامن مع استمرارها هي والنظام في مجازرهما ضد الشعب السوري، واعتبارها أنها تحارب "داعش" في الغوطة الشرقية لدمشق ولن توقف عملياتها هناك. وترافق ذلك مع إصدار قوى وشخصيات سورية معارضة، بياناً اعتبرت فيه أن الهيئة التفاوضية الجديدة التي شكّلها مؤتمر الرياض2، "لا تمثّل تطلعات السوريين". وجاء هذا البيان السوري الذي يمثل طيفاً واسعاً من المعارضين، ممن يرفضون ما خلصت إليه الضغوط الأخيرة على المجتمعين المعارضين في الرياض، ليشكل نقطة ضعف إضافية في أداء الوفد المعارض في سويسرا.

في هذه الأجواء، حاول المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا ضخ بعض الروح للمفاوضات، معلناً أنه سيعرض إجراء مباحثات مباشرة بين مفاوضي المعارضة والنظام، مع عدم حسمه بإمكان حصول مفاوضات كهذه. وقال دي ميستورا للصحافيين أمس بعد اجتماع مع وفد المعارضة: "سنعرض على الحكومة والمعارضة محادثات مباشرة. سنرى إن كان ذلك سيحدث. لكننا سنعرضه". وكان دي ميستورا قد عقد أمس أيضاً اجتماعاً مع ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. وأشاد بالاجتماع "المثمر" مع هؤلاء الدبلوماسيين، داعياً في تصريح لـ"الأسوشييتد برس" طرفي الصراع في سورية للانخراط في "العمل".

في موازاة ذلك، أكدت مصادر في وفد المعارضة المفاوض، لـ"العربي الجديد"، أن النظام يتعامل باستعلاء مع الأمم المتحدة وهو ما خفّض سقف الآمال بتحقيق تقدّم في هذه الجولة من جنيف، مبدية خشية من أن تكون حصيلة هذه الجولة "صفراً"، كما حدث في الجولات السابقة، مضيفة: "لا شيء يشي بتحقيق تقدّم كبير، فالنظام لا يزال يتمترس خلف رفضه تطبيق قرارات الأمم المتحدة، ويريد أن توقّع المعارضة وثيقة استسلام من خلال المشاركة بما يسميها حكومة وحدة وطنية، وإجراء تعديلات على الدستور الذي وضعه في عام 2012، وإجراء انتخابات برلمانية فقط، من دون انتخابات رئاسية، لأنه يعتبر بشار الأسد فوق التفاوض".

كما أكدت المصادر لـ"العربي الجديد" أن وفد المعارضة لن يتناول ملفي الدستور والانتخابات إلا ضمن انتقال سياسي، مضيفة: "لا قيمة لأي تفاوض من دون إنجاز ملف الانتقال السياسي وفق بيان جنيف1 الذي ينص على إنشاء هيئة حكم مشتركة بين المعارضة والنظام كاملة الصلاحيات مهمتها الإشراف على فترة انتقالية تمتد كحد أقصى 18 شهراً وتنتهي بانتخابات وفق دستور جديد".

وقرر النظام إرسال وفده المفاوض إلى جنيف اليوم الأربعاء بعد يوم من انطلاق هذه الجولة، بسبب اعتراضه على بيان المعارضة الذي صدر في مؤتمر الرياض2 متذرعاً بأنه يفرض شروطاً مسبقة قبل الولوج في العملية التفاوضية. وأكدت وزارة الخارجية في حكومة النظام أن وفد الأخير التفاوضي برئاسة بشار الجعفري سيصل اليوم الأربعاء إلى جنيف للمشاركة فيما سمته "الحوار السوري-السوري"، إذ لا يزال يرفض النظام اعتبار ما يجري في جنيف مفاوضات. كما قالت متحدثة باسم الأمم المتحدة الثلاثاء إن المبعوث الأممي تلقى تأكيدات أن وفد النظام سيحضر محادثات السلام في جنيف هذا الأسبوع. وكان وفد النظام قد أرجأ سفره إلى جنيف، تحت مزاعم "الاستياء" من مخرجات مؤتمر الرياض2، ونقلت صحيفة "الوطن"، الموالية للنظام، عن مصادر دبلوماسية "أن دمشق ترى في بيان الرياض 2 عودة إلى المربع الأول في المفاوضات، خصوصاً تجاه فرض شروط مسبقة، مثل عبارة سقف المفاوضات رحيل الرئيس بشار الأسد عند بدء المرحلة الانتقالية".

وأكدت مصادر مطلعة أن الجانب الروسي ضغط على النظام من أجل إنهاء حرده السياسي وإرسال وفده المفاوض إلى جنيف، كي لا يبدو أنه المعطل للمسار السياسي. فيما ذكرت صحيفة "الوطن" أمس الثلاثاء، أنه جرت اتصالات وصفتها بـ"المكثفة" بين مكتب دي ميستورا في جنيف، وخارجية النظام لإقناعها بإرسال وفدها التفاوضي للمشاركة في الجولة الثامنة من المفاوضات. وزعمت أن مكتب المبعوث الأممي أكد للنظام "أن بيان الرياض2 لن يكون له أي قيمة في مسار المحادثات في جنيف".


وبدا أن بيان الرياض2 كان مفاجئاً للنظام لجهة إصرار المعارضة على مفاوضات تنتهي بحل سياسي وفق القرارات الدولية التي تنص على انتقال سياسي من دون الأسد. وذكرت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن النظام كان ينتظر بياناً مهادناً فضفاضاً لا إشارة فيه لمصير الأسد، معوّلاً على مشاركة منصة موسكو في اجتماعات المعارضة من أجل ذلك، ومعوّلاً أيضاً على تغيّر المزاجين الإقليمي والدولي. وأكد بيان المعارضة الذي صدر يوم الجمعة الماضي أن المرحلة الانتقالية في سورية تبدأ مع رحيل الأسد و"زمرته" عن السلطة. كما كرر رئيس وفد المعارضة المفاوض نصر الحريري، في مؤتمر صحافي في جنيف الإثنين، التأكيد أن "الانتقال السياسي الذي يحقق الإطاحة بالأسد في بدايته هو هدفنا".

وترافق غياب وفد النظام عن اليوم الأول من جنيف، مع تشكيك روسي في مساره. فقد أعرب المندوب الروسي الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، أليكسي بورودافكين، في تصريحات للصحافيين، عن قلقه إزاء صيغة الجولة الثامنة لمحادثات جنيف والمشاركين فيها. وقال بورودافكين: "تبقى لدينا حول ذلك بعض الشكوك، إذ ليس من الواضح ما هي القيمة المضافة من هذه الاجتماعات، والصيغة المختارة والمشاركين فيها. نحن نعتقد أن هناك صيغاً أثبتت نفسها بشكل جيد والتي تعمل بالفعل، منها مجموعة الدعم الدولية لسورية، ومجموعة العمل للشؤون الإنسانية وقضايا وقف النزاع". كما أعلن أنه طلب من الأمم المتحدة والشركاء الغربيين "إعادة المعارضة السورية إلى الواقع والابتعاد عن نهج الحوار غير البناء مع دمشق".

ولم يتوقف التصعيد الروسي على ذلك، فرغم إعلان دي ميستورا أن النظام السوري وافق على إعلان وقف لإطلاق النار في الغوطة الشرقية، إلا أن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، قال إن "الاشتباكات في الغوطة الشرقية تجري مع الإرهابيين، وليس هناك أي اشتباكات مع المعارضة، هناك داعش، والعملية ضد داعش تستمر".

أما وفد المعارضة، فسعى لحشد تأييد دولي لمطلبه إجراء مفاوضات جادة مع النظام تفضي إلى حل دائم. وأجرى نصر الحريري ونوابه سلسلة لقاءات في اليوم الأول من المفاوضات أمس، منها لقاء مع الموفد الأممي لوضع جدول أعمال للجولة الثامنة من المفاوضات بانتظار وصول وفد النظام. كما التقى الحريري صباح أمس الثلاثاء مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد ساترفيلد، وأجرى اتصالاً هاتفياً مع نائب وزير الخارجية البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت.

لكن مقابل ذلك، أصدرت مجموعة قوى سورية معارضة، منها المجلس الوطني، وإعلان دمشق، وشخصيات أخرى، كجورج صبرا وخالد خوجة وسمير نشار ومحمد صبرا وسهير الأتاسي، وغيرهم، بياناً اعتبرت فيه أن "الضغوط الدولية والإقليمية أدت إلى تشكيل هيئة جديدة للتفاوض لا تمثّل في تكوينها ولا في رؤيتها السياسية أهداف الثورة السورية". واعتبرت أن "الهيئة الجديدة (الهيئة السورية للتفاوض) استبدلت هدف التسوية السياسية من نقل السلطة من الأسد إلى هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة تقود المرحلة الانتقالية، ليصبح عوضاً عن ذلك صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة".

وأعلن الموقّعون عن البيان رفض مخرجات مؤتمر الرياض2، معتبرين أن "وجود منصة موسكو في قيادة الوفد المفاوض، هو إهانة للثورة السورية ولدماء الشهداء وتضحيات الشعب السوري"، ومشددين على أن "رحيل بشار الأسد في بداية المرحلة الانتقالية مبدأ غير قابل للتفاوض، وشرط حتمي لحصول أي انتقال سياسي حقيقي وذي معنى".


ذات صلة

الصورة
النازح السوري محمد كدرو، نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

أُصيب النازح السوري أيمن كدرو البالغ 37 عاماً بالعمى نتيجة خطأ طبي بعد ظهور ضمور عينيه بسبب حمى أصابته عندما كان في سن الـ 13 في بلدة الدير الشرقي.
الصورة
فك الاشتباك جندي إسرائيلي عند حاجز في القنيطرة، 11 أغسطس 2020 (جلاء مرعي/فرانس برس)

سياسة

تمضي إسرائيل في التوغل والتحصينات في المنطقة منزوعة السلاح بين الأراضي السورية ومرتفعات الجولان المحتلة، في انتهاك لاتفاقية فك الاشتباك الموقعة عام 1974.
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.