"الكوتة" لا تلبّي طموح الجزائريات
لويزة حنون تترشح للرئاسة من أجل تحصين البلاد
دخول المرأة الجزائرية عالم السياسة لم يكن بالأمر السهل، رغم بروز أسماء مناضلات كان حضورهن مميزاً في ثورة التحرير، وأيضاً بعد الاستقلال، حيث طرقت أبواب الجامعة وحملت شهادتها بجدارة، وكان لزاماً عليها أيضاً أن تثبت حضورها في المحافل السياسية، كما وجدت بقوة في جوانب أخرى، لتصل الى أعلى مستويات السلطة. وهي وإن كانت من الناحية الدستورية والقانونية قد قيدت في انتخابات 10 مايو/ أيار 2011 بتعيين «كوتة» محددة لفرض وجودها في المجالس المنتخبة الولائية والبلدية، إلا أنها نجحت في الوصول الى الجهاز التنفيذي من دون هذا القانون وفي وقت مبكر.
حضرت وجوه نسائية في الجهاز الحكومي في أصعب ظروف مرت بها الجزائر منذ عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد وحتى اليوم، وتحديداً منذ سنة 1982، تاريخ تعيين أول وزيرة جزائرية تتقلّد منصباً حساساً، كالوزيرة السابقة زهور ونيسي، والوزيرة السابقة ليلى عسلاوي، ووزيرة الثقافة حالياً خليدة تومي. وهذه الايام تستمر الوجوه النسائية جنباً الى جنب الرجال في كفاحها من أجل القضايا السياسية والثقافية والحقوقية. كما برزت أسماء نسوية متمردة ضمن صفوف حركة "بركات" المناهضة لولاية رئاسية رابعة لبوتفليقة ولدت من رحم الوقفة الاحتجاجية التي عرفتها ساحة أودان في العاصمة وفرّقتها بالقوة مصالح الأمن الأسبوع الماضي، وأيضاً ضمن حركة "نداء شباب الوطن".
واعلنت هذه الحركات عن مسيرات ستنطلق أثناء احتفالات عيد المرأة العالمي، اليوم السبت، ترافق ذلك مع موقف أيقونة الثورة الجزائرية، جميلة بوحيرد، التي تعتبر رمزاً للنضال بالنسبة للجزائريين إزاء "العهدة" الرابعة لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، بإعلانها عن أنها ستخرج، يوم عيد المرأة، مع الإعلاميات والناشطات في القطاع السياسي ومناضلي الأحزاب المعارضة، بغية المطالبة برحيل الرئيس بوتفليقة ومحاربة جيل الفساد. وكانت بوحيرد قد أوضحت أنَّ "تأخرها في الخروج إلى الشارع والانضمام إلى معارضي العهدة الرابعة، جاء بسبب مرضها وتقدمها في السن، إلا أنّ نضالها مستمر"، داعية إلى "وقفة احتجاجية، السبت 15 آذار/ مارس الجاري، أمام الجامعة المركزية في العاصمة".
ومن النساء الناشطات ضمن حركة "بركات"، الناشطة بوراوي أميرة، التي برزت في الوقفات الاحتجاجية أمام ساحة المجلس الدستوري وتم اعتقالها، مع الإعلامية حدة حزام، مديرة يومية "الفجر"، برفقة عدد من الاعلاميات. في حين أعلنت رئيسة حزب العدل والبيان، نعيمة صالحي، أن التغيير هو بيد الرئيس وحده، "إذا كان يفكر في مصلحة الجزائر"، من خلال إشرافه على تسيير مرحلة انتقالية في 2014، وتنصيب حكومة ائتلافية تضم كل الحساسيات تُمنح لها صلاحية تعديل الدستور والتحضير للرئاسيات ثم التشريعيات، "وبهذا يكون قد اختار المسلك الصحيح في إدارة شؤون البلاد". ووصفت صالحي الداعين لعهدة رابعة بـ"المنافقين"، بدعوى أنه لا يهمهم سوى مصالحهم فقط، معتقدة بأن الشخص العادي ملزم بالتقاعد في سن 65.
أما لويزة حنون (الأمينة العامة لحزب العمال اليساري)، التي عرفها الجزائريون بنضالها القوي منذ ثمانينيات القرن الماضي ونزولها إلى الشارع للتظاهر ودخولها المعتقل، فقد قرّر حزبها ترشيحها لخوض غمار الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 17 أبريل/ نيسان المقبل. وفي هذا الصدد، طالبت حنون مجدداً رئيس الجمهورية بضرورة "توفير شروط انتخابات نزيهة وشفافة من شأنها تحصين الأمة ضد كل ابتزاز خارجي". ودعا الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للترشح إلى الانتخابات الرئاسية "حفاظاً على المكتسبات التي
تحققت منذ 1999، لا سيما ما تعلق بدعم مكانة المرأة". وفي كلمة للأمينة العامة للاتحاد، نورية حفصي، لمناسبة عيد المرأة أوضحت أن الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات يدعو الرئيس بوتفليقة إلى الترشح لعهدة جديدة خلال الانتخابات المقبلة. وأضافت أن المرأة الجزائرية التي "حظيت بمكانة خاصة في برنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، لا يمكنها أن تبقى في موقع المتفرج والجزائر على أبواب أهم حدث سياسي وطني". وبعدما أوضحت أن الجزائر "ما تزال بحاجة إلى المجاهد عبد العزيز بوتفليقة"، أكدت أن دعوته للترشح "نابعة من الحفاظ على المصلحة العليا للوطن". وأشارت المتحدثة إلى أن الجزائر "تنعم اليوم بالأمن والاستقرار بفضل سياسة المصالحة الوطنية التي انتهجها الرئيس بوتفليقة"، محذرة من كل المحاولات الرامية لضرب استقرار الجزائر.
وبين هذه المواقف وتلك المحتدمة، لا يختلف أحد على أن المرأة الجزائرية قد حققت مكاسب هامة وحضوراً في فضاءات ومراكز سياسية وعلمية وثقافية وكانت جزءاً أساسياً من التحولات التي شهدتها الجزائر بعد الاستقلال والانتقال من حكم الحزب الواحد إلى التعددية السياسية.