ومع ذكرى وفاة الحبيب بورقيبة عاد الجدل من جديد بقول رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين إن تنفيذ مسيرة الاستقلال كانت مرتهنة للمستعمر الفرنسي. وأكدت بن سدرين أن وثائق فرنسية تحصلت عليها الهيئة تثبت أنه إلى حدود 1958 (بعد عامين من الاستقلال) لم تكن تونس تتصرف في جهات قفصة وتطاوين وشمال بنزرت.
وأوضحت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة أن الغاية من الحديث عن وثائق الاستقلال ليس الشيطنة أو توجيه الاتهامات للفريق المفاوض حول الاستقلال الذي ترأسه الزعيم بورقيبة آنذاك، لكن تبيان أن فرنسا لم تفرّط في تونس بتلك السهولة من خلال تركها لمجموعة من الاتفاقيات التي مثّلت حبلاً في رقابنا، حسب تعبيرها.
وتعرضت بن سدرين لهجمات معاكسة أكثر من مرة من مؤرخين مخالفين لرأيها، وحتى من السفارة الفرنسية بسبب هذه القضية، غير أن السؤال الحقيقي الغائب عن هذا الجدل يتعلق بمدى استقلالنا الفعلي اليوم، فالنظر إلى الوراء مهم ولكن النظر إلى الأمام أهم والمستقبل وحاضره هو ما يشغل الناس اليوم، وعلى التونسيين أن يتساءلوا إذا كان قرارهم اليوم مستقلاً بالفعل وهم يتابعون يومياً كيف تأتي النصائح/التعليمات من صندوق النقد الدولي لتقرر مصائرهم وشكل حياتهم. فهل يمكن أن يكون الانسان مستقلاً وسفراء وشخصيات أجنبية، فرنسية أساساً أي من بلد الاستعمار، تعطي رأيها تبجحاً في نتيجة انتخابات لم تتم أصلاً؟ وهل نحن مستقلون وسفير الاتحاد الأوروبي يمنّ علينا بأن اتحاده يمنحنا يومياً الملايين؟ هل نحن مستقلون وشبابنا يلقي بنفسه في غمار البحر حالماً ببلدان تطرده وتفتح الباب مشرعاً أمام عشرات الآلاف من كفاءاته التي بذل عقوداً طويلة في تعليمها، وهل نحن مستقلون ونحن نقترض يومياً لاستخلاص ديون أجنبية أخرى أو حتى لدفع أجور الموظفين؟