جدار حدودي بين فرنسا والجزائر... هذه القصة الحقيقية

21 فبراير 2017
نقلت الحياة الجزائرية الخبر (تشيسنوت/Getty)
+ الخط -
تكثُر وسائل الإعلام الساخرة (بارودي) في فرنسا. وخلافاً لصحيفة "لو كنار أونشينيه" الساخرة ولكن في الوقت ذاته تنتج مواد إعلامية جدية، لا تبحث مواقع "البارودي" عن المعلومة الصحيحة والصادقة، بل تنزَع نحو نوع من السبق والإثارة المغلوطين والوهميين. كما هو شأن الموقع الإخباري الساخر "غورافي" (Gorafi)، الذي يعرف من يعمل في الصحافة الفرنسية، وجمهور القراء أنه لا يمكن الثقة في أخباره، إنما تُقرأ لتجاوز ضغط الأخبار اليومية الصعبة وكل ما يرتبط بها من قلق وتوتر.


والوضع مناسب في فرنسا لهذا النوع من الصحافة، خصوصاً مع الاستحقاق الانتخابي الجديد، والحملات الانتخابية الفرنسية التي عرفت كثيرا، وسوف تعرف المزيد، من التقلبات التي لم يتصورها أحد من قبل، والتي يجد فيها القارئ والمُشاهد نفسَه معزولاً، ويجد عقله وتحليله عاجزين عن تصوّر الآتي.



وإذا كان موقع "غورافي" محطةً للكثير من القراء للاستراحة والتندّر، فإنّ صحيفة عربية من الجزائر، وهي "الحياة"، انطلت عليها الحيلة وصدّقت خبَرًا قرأته في الموقع، ومنحته حياةً أخرى في العالَم العربي.


ويبدو أن جديّة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تطبيق مشروعه الانتخابي، تحديداً ما يتعلق بترحيل المهاجرين وتسييج الحدود مع المكسيك (وما يقوله عن جعل المكسيك هي التي تُموّل أعمال بنائه)، جعلت الصحيفة الجزائرية تصدّق ما زعمه موقع "غورافي" عن "اقتراح مرشحة الرئاسة مارين لوبان إحاطة فرنسا بجدار تموّله الجزائر".




الغريب أن صحيفة "الحياة" الجزائرية، في جريها نحو السبق الصحافي وأيضاً الإثارة، خدعها شعار "غورافي" وهو: "كل الأخبار حسب مصادر متناقضة". ولو أنها تمعّنَت في قراءة المواضيع الأخرى على غرار الحوار "الحصري" والوهمي الذي أنجزه الموقع مع الرئيس السوري بشار الأسد، والذي قُدّم بشكل مثير: "مثل كبريات وسائل الإعلام الغربية والفرنسية، استطعنا اللقاء مع الرئيس السوري، ونقترح عليكم مجمل هذا اللقاء الحصري والصريح"، لأدركت أنها أمام عالم من الفكاهة والهجاء، لا أكثر.


ويقول الموقع بشكل صريح في تعريف نفسه "إن كل المقالات، هنا، مغلوطة (حتى يثبت العكس)، وإنها كُتبت بهدف ساخر. وإن استخدام أسماء الشخصيات أو الشركات، هنا، هو بهدف هجائي خالص".


كما يعرّف الموقع نفسه: "غورافي" صحيفة أخبار عامة أسسها سنة 1826 جان-روني بويسيير، بعد خلاف مع إدارة لوفيغارو في تلك الفترة. وأراد جان-روني بويسيير تأسيس "لوغاروفي" (قلبٌ لاسم فيغارو le Figaro)، ولكن حدثت أخطاء طباعية قادت إلى اسم "لو غورافي le Gorafi" وحين تحقق من خطئه، كان قد فات الأوان".


وفي الإطار نفسه، كتب الصحافي دانييل شنيدرمان في صحيفة ليبراسيون، أمس الاثنين 20 فبراير/شباط، مقالا طريفا بعنوان: "غورافي أم ليس غورافي"، أن "الصحافيين الفرنسيين ضحكوًا كثيرا من هفوة الصحيفة الجزائرية".


واستدرك قائلاً إنّ الواقع أصبح أغرب من الخيال، ويأخذ الرئيس ترامب كمثال. وفي نهاية الأمر، فإن أخبار الساعة أصبحت، أكثر فأكثر، غريبة ومُحيّْرة. و"أصبح الصحافيون (الفرنسيون) مرغمين على تضمين مقالاتهم عبارة "ليس غورافي". وهكذا وُلِدَ هاشتاغ #pasgorafi  (ليس غورافي) الذي أصبح يعرف نجاحاً منقطع النظير". ​