جامعات حكومية وخاصة في مصر

10 يونيو 2020
طلاب جامعة القاهرة في تحرّك سابق (محمد حسام/ الأناضول)
+ الخط -

لا بدّ من القول، عطفاً على ما أوردناه سابقاً، إنّ الحراك بين الجامعات الحكومية والجامعات الخاصة في مصر يختلف في طريقة إدارة التظاهرات من قبل الإدارة والطلاب على حدّ سواء. فإدارة الجامعات الخاصة تنطلق في علاقتها مع الطلاب من مبدأ "البيزنس"، بمعنى الحرص على عدم خسارة الطلاب الذين يدفعون لها الأقساط في نهاية كلّ شهر أو فصل. لذلك نراها تعمد إلى استخدام موقف التفاوض معهم حول الأنشطة التي يعتزمون القيام بها، وتنجح دوماً في تعديلها وفقاً لما تراه، عبر الضغط من خلال الامتحانات الفصلية وتوجيه الإنذارات والتهديد بالطرد إذا اقتضى الأمر ذلك. لكنّها تتشارك مع الجامعات الحكومية في أمر أشدّ خطورة من كلّ هذا، وهو العمل مع أجهزة الأمن في الإبلاغ عن الطلاب وتسليمها أسماءهم، مشترطة ألا يُلقى القبض على الناشطين منهم في داخل حرم الجامعات الخاصة، بخلاف ما يحدث في الجامعات الحكومية؛ حيث تقيم أجهزة الأمن في داخل الحرم وإن بشكل غير علني. بالتالي، لم يكن مستغرباً أن تتوقف الانتخابات في الجامعات الحكومية وتستمرّ انتخابات الاتحادات الطالبية في الجامعات الخاصة، لأنّ الحراك في داخل الجامعات الخاصة ليس مؤثراً بالدرجة نفسها في نهاية الأمر، فانتخابات الأخيرة كانت تتمّ بهدف تلميع الإدارة صورتها العامة أكثر من تحقيق مطالب تطاولها، خصوصاً أنّ نوعية القضايا التي انشغل فيها طلاب الجامعات الخاصة غلب عليها الطابع الحقوقي العام؛ إذ لا تتضمّن برامج معظم الحركات توجيه الضغط من أجل الحصول على حقوق ومكاسب تطاول الطلاب كفئة لها حقوق من دون إلغاء مبدأ التفاعل مع المناخ العام.

وبناءً على ذلك، شهدت الجامعات المصرية الخاصة حراكاً طالبياً لمجموعات تنضوي في إطار "طلاب ضدّ الانقلاب" التي تنتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين، لكن ما تعرّضت له هذه الحركة وما شهدته من انشقاقات وتنميط في الشعارات والقضايا والمواقف إلى جانب غياب المطالب الطالبية فضلاً عن القمع، قاد إلى تراجع مستويات وأعداد الحشود المشاركة، رغم اكتساب طلاب هذه الجماعة خبرات في مجالات الحشد وتنظيم الفاعليات واستخدام الإعلام وغيرها. وما عزّز هذا التراجع هو وجود كتل طالبية لا يُستهان بها تتبع تنظيمات (6 أكتوبر واليسار الثوري مثلاً وغيرهما) يعارضون شعارات الإخوان التي تدهورت أوضاعها وضُربت بعد 30 يونيو/حزيران بخلاف حضورها السابق، ما أدّى إلى حركة تمرّد عليها من داخلها وخارجها على حدّ سواء.

وقد واجهت أجهزة السلطة هذه التحرّكات بالقمع الذي تنوّع أساليب ووسائل، وكانت ثمّة أخطاء مكرّرة أظهرت أنّ التحرّكات تفتقر ليس إلى الاستراتيجية فقط بل إلى التكتيك كذلك، وكانت توجّهاتها نحو وزارتَي الداخلية والدفاع ومديريات الأمن عبارة عن مصيدة تقود كثيرين من الطلاب إلى الوقوع في القبضة البوليسية التي ترسل بعضهم إلى المقابر وآخرين إلى السجون. مع ذلك أصرت حركة الإخوان على الأسلوب الذي وصفه الطلاب أنفسهم بأنّه يشبه ما أقدمت عليه إيران الخميني في حرب العراق من خلال الموجات البشرية الكثيفة التي انتهت إلى كارثة حربية واجتماعية.



في كتابه "لعنة الألفيّة: لماذا يفشل النشاط التغييري؟" يطرح طوني صغبيني سؤالاً تتفرّع منه أسئلة: هل الاحتجاج هو الشكل الأكثر فعالية؟ وماذا عند فشله؟ وهل هو الفعل المقدّس من النشاط؟ ألا ينتمي هذا النوع من الفعل الذي يتوقع نتائج سريعة إلى ثقافة الاستهلاك؟

*باحث وأكاديمي
المساهمون