وتأرجحت تأويلات القرار بين قراءات مختلفة، فالبعض يرى فيه حياداً فعليّاً للنهضة عن الساحة الرئاسيّة بكل تفاصيلها، فيما يعتبر البعض الآخر أنّ من شأن القرار أن يخدم بالضرورة ترشّح الرئيس الحالي المنصف المرزوقي، الذي يحظى بدعم بعض قواعد النهضة.
وفي سياق متّصل، يقول مدير الحملة الانتخابيّة للمرزوقي، عدنان منصر، لـ"العربي الجديد"، إنّهم "لا يعتبرون موقف حركة النهضة معارضاً لترشّح الرئيس المرزوقي بل على العكس من ذلك"، معرباً عن اعتقاده أنّ "موقف النهضة كان متحفظاً لأنّه ناتج عن قراءتها لنتائج الانتخابات في هذه الفترة". ويشير إلى أنّ "ترشّح المرزوقي يهمّ طيفاً أوسع من حزبي النهضة والمؤتمر، وموقف النهضة لا يزعجنا مطلقاً". وعمّا إذا كان موقف النهضة يعني بطريقة غير مباشرة دعم المرزوقي باعتبار أنّ بعض قواعد النهضة أعلنت دعمهما ترشحه، يوضح منصر أنّ "مناضلين وكوادر من أحزاب أخرى وبعض قياداتها الوسطى لا ينتمون إلى حركة النهضة فقط، التحقوا بالتنسيقيات الجهويّة للحملة الخاصة بالمرزوقي، ومنهم مناضلون من التيار الديمقراطي أو حركة وفاء، على الرغم من أنّ لديها مرشحها الخاص (عبد الرؤوف العيادي)، ونحن لا نريد أن نضع هذه الحملات تحت عناوين حزبيّة".
وفي الإطار ذاته، شدّد الأمين العام لحزب المؤتمر (حزب المرزوقي)، عماد الدائمي، على أنّ "تحرير قواعد النهضة إشارة إيجابيّة، والمرزوقي سيستفيد من دعم قطاعات واسعة من التونسيين". وكان المرزوقي قد دعا الناخبين إلى "التصويت النافع وعدم تشتيت الأصوات، لأنه يخدم مرشحاً بعينه من صف آخر، يشهد كل تاريخه وممارساته بأنّه لا يؤمن بالديمقراطيّة ولا بالحريّات"، في إشارة إلى رئيس حركة "نداء تونس" ومرشحها للرئاسيات الباجي قائد السبسي.
ورأى المرزوقي، في تصريحات على هامش زيارات ميدانيّة يقوم بها في الوسط التونسي، أنّ "هذا الشعب متيقظ وواعٍ وعازم على تحقيق الأهداف التي ثار من أجلها"، مستنكراً "كلّ ما يذهب في اتجاه ضرب الديمقراطيّة". ودعا التونسيين "إلى الانتباه من محاولات التزييف والغشّ"، لافتاً إلى أنّه "لا بدّ من توفّر كلّ الحظوظ لكلّ المرشّحين، بعيداً عن المال الفاسد والتأثير على الناخبين". وأضاف: "أدعو إلى إجراء لعبة ديمقراطيّة، بالمحافظة على قواعدها، ولنترك القرار للتونسيين".
وتباينت قراءات الأحزاب التونسيّة لقرار النهضة بالحياد في الانتخابات الرئاسيّة، وعدم دعم مرشّح محدد. وفي هذا السياق، يرى "تيّار المحبّة" أنّ "قرار النهضة يصبّ في مصلحة تونس وفي مصلحة مرشحه، الهاشمي الحامدي، لأنّ غالبيّة أنصار النهضة ليس لهم اختيار غيره". ويعبّر المتحدّث باسم حزب "التكتّل"، محمد بنور، وهو الحزب الذي يشغل مصطفى بن جعفر منصب أمينه العام، أنّها "فرصة للمواطن التونسي، للانتخاب بكامل الحريّة وتحكيم ضميره".
وكان بن جعفر قال إنّ "ما كانوا (يقصد نداء تونس) يخونوننا عليه بسبب تحالفنا في الترويكا، يسوقون له اليوم على أساس أنّه تعايش وتحالف"، في إشارة الى إمكانيّة تشكيل تحالف حكومي بين "النداء" و"النهضة".
في موازاة ذلك، يصف المرشح عن "التيّار الوطني الحر"، سليم الرياحي، قرار النهضة بأنّه "مناورة"، ويلفت إلى أنّ "موقف النهضة يذهب بالضرورة في اتجاه دعم المرزوقي، لكنّ الشعب، هو الذي سيقرر في النهاية".
من جهته، أكّد رئيس حزب المبادرة والمرشّح للرئاسيات كمال مرجان أنّه "يحترم هذا القرار وهو يخصّ مناضلي قواعد النهضة وهو حق من حقوقهم"، في وقت يواصل فيه مرشحون مستقلون آخرون مغازلة قواعد النهضة.