26 مارس 2017
تونس بين السبسي والغنوشي
بشير ذياب (تونس)
يشبه لقاء الشيخين، رئيس حزب نداء تونس السابق، الباجي قايد السبسي، ورئيس حركة النهضة، الشيخ راشد الغنوشي، الخطّين المتوازيين اللّذان لا يلتقيان بإذن الله وإذا إلتقيا فلا حول ولا قوّة إلا بالله، كما قال الشيخ الباجي في أوج تسويقه حركته الجديدة، عندما سئل عن إمكانية اللقاء بين الحركتين.
التقى الخطّان المتوازيان في 2013 في باريس، فالملفات العربية الشائكة كلّها تدرس في غير عواصمها.
تشكل مآلات الخطين المتوازيين الملتقيين سياسياً خروجاً عن القاعدة العلمية، كان تجهيز حمار التوافق الوطني الذي حمل على ظهره بساطاً سحب ببطء من تحت أرجل الأحزاب المشكّلة لجبهة الإنقاذ التي كانت تتربّص الدوائر بحركة النهضة، ولم يكن التفافهم حول حركة النداء المتهمة بإعادة تأهيل النظام القديم، إلا لحشر حركة النهضة في الزاوية، فكان لقاء الشيخين ضربة سياسية، خلخلت بنيان جبهة إنقاذ البلاد من النهضة، وانتهت الأزمة السياسية الخانقة بتجهيز حمار الشيخين، على حدّ تعبير عبد الستار بن موسى.
هذا الحمار البطيء الحركة مثّل نقلة سياسية فارقة في تاريخ تونس، وبسيره البطيء المتأنّي أفقد بعض المتحالفين صبرهم فشتّت المجتمعين، وجمع الشّتات، وفجّر كائنات سياسية إلى شظايا، منها ما سلّم بالسقوط، ومنها ما لا يزال يسبح في فضاء سياسي متلبّد بقرحات اجتماعية واقتصادية وصحية وتربوية، تنهك حمار الشيخين، وتدفعه إلى الوقوع. لكن، ما يغيب عن هؤلاء هو صحّة المثل الشعبي"كلما دفع الحمار أظهر قوّته"، أو بالدارجة التونسية "دز البهيم يورّيك قوتو".
لا تؤمن الساحة السياسية التونسية بسنّة التطوّر، فمنذ سنة 2011 والكائنات السياسية التونسية تدور في حلقة إيديولوجية مفرغة تستمد خلفيتها من الحركة السياسية الطلابية في المدارس والجامعات، أي أنّها لا تزال في مرحلة الاندفاع والمراهقة السياسية، وتطبّق القاعدة العدمية "الكل أو لاشيء"، والمرهق للمتابع لحركة هذه الأجرام السياسية هو عشوائية الحركة والبرنامج الموازي لمشكلات المجتمع اليومية، فهي إن اجتمعت تجتمع خارج إطار العمل السياسي للأحزاب، المتمثّل في البرامج الإقتصادية والإجتماعية والتنموية، فبرامجها الحزبية لا تتعدّى برامج اجتماع وتشتّت القبائل العربية القديمة، أيّ في إطار تحالفات قبلية، الهدف منها، إما الغزو للتخلّص من عدو أو التصدّي لغزو من عدوّ.
ويصحّ في الحالة التونسية ما أورده الدكتور إبراهيم علاء الدين في مقاله "ثقافة الحذاء البدوي لا تبني حضارة "، إذ يقول "وهذه الثقافة العنفية ليست مظهراً مدنياً كما قال ابن خلدون، بل هي مستمدة من ثقافة وقيم البدو الأعراب المجبولة بالعنف والثأر والفوضى ورفض الخضوع للسلطة وسيادة القوانين المدنية، وترفض البعد الإنساني للعلاقة بالآخر، ولا تؤمن بالتسامح والتعايش مع من يخالفها الرأي أو العقيدة أو الأصل أو العرق، وهي متخلّفة متطرّفة عدوانية تناهض التقدم والتمدن والتحضّر والتفاعل مع الثقافات الإنسانية، ولا تؤمن بالتعدّدية والديمقراطية والسلام"، هذا هو الوصف الدقيق للكائنات الحزبية التونسية، حتى وإن ادّعت وصلاً بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحداثة.
نأمل أن تتجاوز الطبقة السياسية التونسية والنخب الثقافية والفكرية هذا الموروث القديم للمفاهيم السياسية المتخلّفة، وأن ينخرطوا قولاً وفعلاً في ممارسة سياسية عقلانية تقطع مع مواريثهم السياسية القديمة، وأن ينخرطوا في عملية ديمقراطية وطنية يكون مآلها وحدة مقدّسة، الهدف منها المحافظة على الوطن بعيداً عن المصالح القبلية الضيقة.
التقى الخطّان المتوازيان في 2013 في باريس، فالملفات العربية الشائكة كلّها تدرس في غير عواصمها.
تشكل مآلات الخطين المتوازيين الملتقيين سياسياً خروجاً عن القاعدة العلمية، كان تجهيز حمار التوافق الوطني الذي حمل على ظهره بساطاً سحب ببطء من تحت أرجل الأحزاب المشكّلة لجبهة الإنقاذ التي كانت تتربّص الدوائر بحركة النهضة، ولم يكن التفافهم حول حركة النداء المتهمة بإعادة تأهيل النظام القديم، إلا لحشر حركة النهضة في الزاوية، فكان لقاء الشيخين ضربة سياسية، خلخلت بنيان جبهة إنقاذ البلاد من النهضة، وانتهت الأزمة السياسية الخانقة بتجهيز حمار الشيخين، على حدّ تعبير عبد الستار بن موسى.
هذا الحمار البطيء الحركة مثّل نقلة سياسية فارقة في تاريخ تونس، وبسيره البطيء المتأنّي أفقد بعض المتحالفين صبرهم فشتّت المجتمعين، وجمع الشّتات، وفجّر كائنات سياسية إلى شظايا، منها ما سلّم بالسقوط، ومنها ما لا يزال يسبح في فضاء سياسي متلبّد بقرحات اجتماعية واقتصادية وصحية وتربوية، تنهك حمار الشيخين، وتدفعه إلى الوقوع. لكن، ما يغيب عن هؤلاء هو صحّة المثل الشعبي"كلما دفع الحمار أظهر قوّته"، أو بالدارجة التونسية "دز البهيم يورّيك قوتو".
لا تؤمن الساحة السياسية التونسية بسنّة التطوّر، فمنذ سنة 2011 والكائنات السياسية التونسية تدور في حلقة إيديولوجية مفرغة تستمد خلفيتها من الحركة السياسية الطلابية في المدارس والجامعات، أي أنّها لا تزال في مرحلة الاندفاع والمراهقة السياسية، وتطبّق القاعدة العدمية "الكل أو لاشيء"، والمرهق للمتابع لحركة هذه الأجرام السياسية هو عشوائية الحركة والبرنامج الموازي لمشكلات المجتمع اليومية، فهي إن اجتمعت تجتمع خارج إطار العمل السياسي للأحزاب، المتمثّل في البرامج الإقتصادية والإجتماعية والتنموية، فبرامجها الحزبية لا تتعدّى برامج اجتماع وتشتّت القبائل العربية القديمة، أيّ في إطار تحالفات قبلية، الهدف منها، إما الغزو للتخلّص من عدو أو التصدّي لغزو من عدوّ.
ويصحّ في الحالة التونسية ما أورده الدكتور إبراهيم علاء الدين في مقاله "ثقافة الحذاء البدوي لا تبني حضارة "، إذ يقول "وهذه الثقافة العنفية ليست مظهراً مدنياً كما قال ابن خلدون، بل هي مستمدة من ثقافة وقيم البدو الأعراب المجبولة بالعنف والثأر والفوضى ورفض الخضوع للسلطة وسيادة القوانين المدنية، وترفض البعد الإنساني للعلاقة بالآخر، ولا تؤمن بالتسامح والتعايش مع من يخالفها الرأي أو العقيدة أو الأصل أو العرق، وهي متخلّفة متطرّفة عدوانية تناهض التقدم والتمدن والتحضّر والتفاعل مع الثقافات الإنسانية، ولا تؤمن بالتعدّدية والديمقراطية والسلام"، هذا هو الوصف الدقيق للكائنات الحزبية التونسية، حتى وإن ادّعت وصلاً بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحداثة.
نأمل أن تتجاوز الطبقة السياسية التونسية والنخب الثقافية والفكرية هذا الموروث القديم للمفاهيم السياسية المتخلّفة، وأن ينخرطوا قولاً وفعلاً في ممارسة سياسية عقلانية تقطع مع مواريثهم السياسية القديمة، وأن ينخرطوا في عملية ديمقراطية وطنية يكون مآلها وحدة مقدّسة، الهدف منها المحافظة على الوطن بعيداً عن المصالح القبلية الضيقة.
مقالات أخرى
16 مارس 2017
10 مارس 2017
01 مارس 2017