ويشير العديد من الخبراء إلى أن استضافة كأس العالم، تتطلب من الدولة المضيفة أن تقوم بالعديد من التجهيزات، خاصة تلك المرتبطة بالبنى التحتية، ما يعني زيادة الإنفاق الحكومي، لتلبية هذا الحدث العالمي.
وبالمقابل، فإن العديد من الدراسات، تشير إلى أن الدول المستضيفة عادة ما تتوقع إيرادات مالية تفوق الإنفاق، فهل فعلاً تحقق الدول المستضيفة إيرادات مرتفعة مقارنة مع حجم الإنفاق؟
وفيما تجري في هذه الأثناء قرعة بطولة كأس العالم 2018 في موسكو، نتعرف إلى حجم إنفاق الدول على استضافة كأس العالم، وحجم الإيرادات المحققة:
مونديال 2006 في ألمانيا
استضافت ألمانيا كأس العالم عام 2006، وتشير البيانات الحكومية إلى أن الحكومة أنفقت نحو 6.2 مليارات دولار على البنى التحتية، وتجهيز الملاعب، وبالمقابل، فإن الإيرادات التي حققتها ألمانيا خلال فترة المونديال كانت كبيرة جداً، حيث شهدت البلاد طفرة كبيرة في مبيعات الأغذية والمشروبات والمواد التذكارية.
إذ ارتفعت المبيعات إلى أكثر من 2.6 مليار دولار، كما شهدت الإيرادات السياحية طفرة أيضاً، حيث بلغت الإيرادات أكثر من ملياري دولار، بحسب ما أعلنته الحكومة آنذاك.
تعرّف إلى حجم الإنفاق والمردود في الـ "فيديوغراف" التالي:
جنوب أفريقيا 2010
في العام 2010، استضافت جنوب أفريقيا النسخة التاسعة عشرة من كأس العالم لكرة القدم، وهي أول بطولة تقام في القارة الأفريقية، وتحديدًا في جنوب أفريقيا، وبلغت حينها التكاليف المالية التي أنفقتها الحكومة، أكثر من 3.5 مليارات دولار، بحسب ما أكده وزير المالية برافين جوردهان في يوليو/تموز من نفس العام.
أما بالنسبة إلى الإيرادات، ومساهمة كأس العالم في الاقتصاد المحلي، فقد أشارت كل من وزارة الاقتصاد والمالية، إلى أن استضافة مباريات كأس العالم ساهمت بتوفير 50 ألف فرصة عمل دائم، وتحصيل ما يقرب من 2.5 مليار دولار من ضرائب ورسوم إضافية. كما لفتت تقارير اقتصادية محلية إلى أن مداخيل كأس العالم تضيف ما بين 0.3 و0.7 نقطة مئوية إلى النمو الاقتصادي.
البرازيل 2014
في العام 2014، أقيمت مباريات كأس العالم في البرازيل، وقدرت الحكومة البرازيلية في يونيو/حزيران من العام نفسه التكلفة الإجمالية التحضيرية للمونديال بنحو 28 مليار ريال برازيلي، وهو ما يعادل 8.6 مليارات دولار فقط لأعمال البنية التحتية، بالإضافة إلى 2.4 مليار دولار على الملاعب، كما أنفقت نحو ملياري دولار على الترتيبات الأمنية، وبالتالي فإن حجم ما أنفقته يصل إلى ما يقارب 13 مليار دولار. وبحسب بيانات حكومية، فقد أوجد المونديال في البرازيل نحو مليون فرصة عمل.
وأشارت بيانات الحكومة إلى أن نحو مليون سائح أجنبي زاروا البرازيل خلال نهائيات كأس العالم، بينما كانت التوقعات تشير إلى 600 ألف زائر أجنبي، بالإضافة إلى ذلك، سافر 3 ملايين من المواطنين البرازيليين في جميع أنحاء البلاد، لذا فإن الحصيلة كانت إضافة 3 مليارات دولار إلى الاقتصاد البرازيلي.
ولم تكن الأمور وردية كما هو مبين أعلاه، إذ أشارت تقارير اقتصادية أوردتها مجلة أيبوكا البرازيلية المختصة بالشؤون الاقتصادية، إلى أن أسعار المواد الاستهلاكية ارتفعت قبل أشهر من بدء كأس العالم، حيث زادت بنسبة 300%، بسبب التضخم المالي الذي بدأ يخرج عن نطاق سيطرة الحكومة.
وأضافت المجلة أن أسعار العقارات زادت بنسبة 400% منذ إعلان اختيار البرازيل لاستضافة بطولة كأس العالم، مؤكدة أنه مقارنة بأسعار العقارات في دول أخرى من العالم، فإن سعر شقة صغيرة بمساحة 70 مترا مربعا في مدينة ريو دي جانيرو يعادل سعر منزل فخم في الولايات المتحدة.
روسيا 2018
في العام 2018، تستضيف روسيا مباريات كأس العالم، وذكرت وكالة إنترفاكس الروسية، أن موسكو قررت زيادة الميزانية المخصصة لنهائيات كأس العالم العام المقبل، بمقدار 19 مليار روبل روسي، لتصل بمجملها إلى أكثر من 20 مليار دولار.
وتستعد روسيا لاستقبال هذا الحدث عن طريق إجراء العديد من الترتيبات، فقد وقع مؤخراً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على قانون يستطيع المشجعون الأجانب بموجبه دخول روسيا من دون الحصول على تأشيرة دخول لحضور مباريات كأس القارات لكرة القدم 2017، وكأس العالم 2018.
ويسمح القانون بدخول الأجانب، إلى روسيا من دون تأشيرة، إذا كانت لديهم نسخة إلكترونية من البطاقة الشخصية، التي تمنح لهم عند شراء تذكرة حضور مباراة واحدة على الأقل، إضافة إلى الأوراق الثبوتية الشخصية (جواز السفر).
وتعد هذه الخطوة من الخطوات الهامة التي تشجع الزائرين، وتزيد من أعداد السياح في البلاد.
من جهة ثانية، تفيد العديد من البيانات بأن استضافة كأس العالم، ستخلق أكثر من 100 ألف فرصة عمل، وتنشط القطاع السياحي بشكل كبير.
قطر 2022 المونديال الأضخم
في العام 2022، ستكون قطر على موعد لاستضافة كأس العالم، ورصدت الحكومة القطرية مبالغ مالية ضخمة، لاستضافة الحدث الأهم عالمياً. وكان وزير المالية القطري شريف العمادي، قال في إحدى المقابلات الصحافية إن بلاده تنفق أسبوعيًا 500 مليون دولار على بناء البنية التحتية لاستضافة الكأس، مؤكدًا في تصريحات صحافية أن هذه النفقات الهائلة ستستمر حتى عام 2021.
وبحسب حديث الوزير القطري، فإن قطر ستنفق 200 مليار دولار حتى عام 2022. ووفق العمادي، فإن التكاليف غير مخصصة للملاعب والمدرجات فقط، ولكن ستشمل الطرق السريعة والسكك الحديدية والموانئ والمطارات والمستشفيات.
أرقام في الذاكرة
ويشار إلى أن تكاليف استضافة كأس العالم، لم تكن مرتفعة في السابق. ففي العام 1994، استضافت الولايات المتحدة كأس العالم، ووصلت قيمة الإنفاق حينها على تنظيم مباريات كأس العام إلى ما يقارب 340 مليون دولار، أما في دورة كأس العالم عام 1998، فقد استضافت فرنسا المباريات، ووصلت حينها التكاليف إلى ما يقارب 340 مليون دولار، في حين قفزت تكاليف استضافة كأس العالم في العام 2002، والتي أقيمت في كوريا الجنوبية واليابان، ووصلت إلى ما يقارب 5 مليارات دولار.