تقرير أممي: المياه حق إنساني ومليارا شخص يعانون من نقصها حول العالم

20 مارس 2019
الفقراء والمهمشون الأكثر معاناة من شح المياه (رومان كاماشو/Getty)
+ الخط -
ذكر تقرير جديد للأمم المتحدة أن أكثر من ملياري شخص حول العالم يعيشون في بلدان تعاني من نقص المياه، وإن 3 من 10 أشخاص لا يحصلون على مياه شرب آمنة، مؤكداً أن الحصول على الماء هو حق أساسي لكرامة كل إنسان.

وأكد تقرير الأمم المتحدة عن تنمية الموارد المائية 2019 الذي صدر في جنيف أمس الثلاثاء، تحت عنوان "لن يُترك أحدٌ بدون مياه" إن استخدام المياه ارتفع بنحو 1 في المائة سنوياً منذ الثمانينات، وإن أكثر من ملياري شخص يعيشون في بلدان تعاني من أزمة مياه، متوقعاً نمو الطلب على تلك المادة الحيوية بنحو 30 في المائة بحلول عام 2050.

واعتبر التقرير الصادر بالتزامن مع قرب إحياء اليوم العالمي للمياه في 22 مارس/آذار، أن العالم يحتاج إلى حلول شاملة لتوفير المياه الآمنة للشرب والاستخدام للجميع بحلول عام 2030، وإن الحل ممكن إذا توفرت الإرادة الجماعية والحوكمة الرشيدة لذلك.

نتركهم خلفنا بلا ماء

وركز التقرير على الفئات التي "نتركهم خلفنا دون مياه"، ومنهم النساء والفتيات اللواتي يعانين من التمييز وعدم المساواة في التمتع بحقهن بمياه مأمونة وخدمات الصرف الصحي في أجزاء كثيرة من العالم، إضافة إلى الأقليات العرقية وغيرها، بما في ذلك المهاجرين واللاجئين. واعتبر أن الإعاقة والسن والحالة الصحية من العوامل التي تبعد الأشخاص عن مصادر المياه النظيفة والضرورية للعيش وحتى خدمات الصرف الصحي الملائمة.

وأضاف أن العالم يشهد أعلى مستويات النزوح البشري على الإطلاق. فالصراع المسلح والاضطهاد وتغير المناخ، بالتوازي مع الفقر وعدم المساواة ونمو السكان الحضريين وسوء إدارة استخدام الأراضي وضعف الحوكمة، يزيد من خطر التشرد وآثاره. كما يؤدي التشريد الجماعي إلى الضغط على موارد المياه والخدمات ذات الصلة، بما في ذلك الصرف الصحي والنظافة الصحية، في نقاط العبور والوجهة الأخيرة، إضافة إلى رفض حكومات الدول المضيفة لهؤلاء تطبيق المساواة بين السكان الحاليين والوافدين الجدد.


المنطقة العربية

يرى التقرير الأممي أن ندرة المياه بالنسبة لحاجة الفرد ستستمر بالازدياد في المنطقة العربية بسبب النمو السكاني وتغير المناخ. وتتفاقم التحديات المتمثلة في ضمان الوصول إلى خدمات المياه للجميع في ظل ظروف ندرة المياه في مناطق النزاع التي تضررت فيها البنية التحتية للمياه ودمرت واستهدفت بغرض التدمير. وتميل نسبة كبيرة من اللاجئين إلى البقاء في الأوضاع نفسها لعقود. وأصبحت المساعدات الإنسانية متشابكة بشكل متزايد مع العمل الإنمائي الذي يهدف إلى توفير المزيد من إمدادات المياه ومرافق الصرف الصحي الدائمة في مخيمات اللاجئين والمستوطنات غير الرسمية.

وأوضح أن ندرة المياه تسببت في بعض الأحيان في نشوب صراعات وتوترات مع المجتمعات المضيفة، لا سيما إذا لم يكن لدى هذه الأطراف إمكانية الوصول بالتساوي إلى خدمات المياه.

ورأى أن الحكومات والجهات المانحة والوكالات الإنسانية أولت مزيد الاهتمام لهذه المشكلة في السنوات الأخيرة مع الإدراك أن عدم ترك أي شخص دون مياه يعني خدمة اللاجئين والنازحين داخلياً وكذلك المجتمعات المضيفة.

آسيا والمحيط الهادئ

وذكر التقرير أنه في عام 2016 صُنّفت 29 دولة من أصل 48 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ضمن الدول ذات انعدام الأمن المائي، بسبب قلة توافر المياه وعدم انتظام سحب المياه الجوفية، وآثار تغير المناخ. وأصبحت الكوارث الطبيعية أكثر تواتراً وشدة، وباتت مخاطر الكوارث تتجاوز ما يمكن للناس تحمله. وهذا له تأثير كبير على توفير خدمات المياه والصرف الصحي في المناطق المتضررة من الكوارث، بسبب تضرر البنية التحتية الخاصة بتوفير المياه والصرف الصحي وقضايا جودة المياه.

ولفت إلى أن توفير خدمات المياه والصرف الصحي الكافية للمناطق التي تستقبل النازحين من مناطق الكوارث يشكل تحدياً كبيراً، مبيناً أن للكوارث آثاراً على الناتج المحلي الإجمالي، ومعدلات الالتحاق بالمدارس، ما يدفع أشباه الفقراء للوقوع تحت خط الفقر وحتى إلى الفقر المدقع.



أوروبا وأميركا الشمالية

لا يزال الوصول إلى خدمات الصرف الصحي التي تتم إدارتها بأمان يشكل تحدياً في العديد من البلدان، لا سيما في المناطق الريفية. وفي حين أن الوضع سيئ بشكل خاص بالنسبة لجزء كبير من السكان في أوروبا الشرقية، فإن القوقاز وآسيا الوسطى، والعديد من المواطنين في أوروبا الغربية والوسطى، وكذلك في أميركا الشمالية، يعانون أيضاً من عدم الوصول إلى المياه أو عدم  تكافؤ الفرص في الوصول إلى خدمات مياه الصرف الصحي.. وكثيراً ما ترتبط أوجه اللامساواة بالاختلافات الاجتماعية والثقافية والعوامل الاجتماعية - الاقتصادية والسياق الجغرافي.

ولذلك يجب مكافحة اللامساواة على ثلاث جبهات: الحد من الفوارق الجغرافية، ومعالجة العقبات الخاصة التي تواجهها المجموعات المهمشة والأشخاص الذين يعيشون في أوضاع هشة، والحد من مخاوف القدرة على تحمل التكاليف.


أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي

وذكر التقرير أن ملايين الأشخاص في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي لا يزالون بدون مصدر ملائم لمياه الشرب، في حين يعاني آخرون من عدم وجود مرافق آمنة وكافية للتخلص من الفضلات. ويتركز الكثير من الأشخاص الذين لا يحصلون على تلك الخدمات في المناطق شبه الحضرية، ولا سيما في أحزمة البؤس في ضواحي المدن. وأثبت الواقع حتى الآن أنه من الصعب توفير خدمات ذات جودة مقبولة لهذه المناطق الهامشية.

في العديد من البلدان، تُرك قطاع الإمداد المائي والصرف الصحي تحت سلطة الإدارة اللامركزية ومسؤولية البلديات التي تفتقر إلى الموارد والحوافز اللازمة للتعامل بفعالية مع تعقد عمليات تقديم هذا النوع من الخدمات الأساسية. كما أدت اللامركزية إلى عملية "الانتقاء والنخبوية" في تقديم الخدمة ما أدى إلى تهميش الفئات ذات الدخل المنخفض، وإبعادها عن الاستفادة من الخدمات المقدمة.

أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى

يلعب نقص البنية التحتية لإدارة المياه (ندرة المياه من الناحية الاقتصادية) دوراً مباشراً في استمرار الفقر في إقليم أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، سواء من حيث التخزين أو التوريد والإمداد، أو تحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحي.

ويمثل الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الريفية نحو 60 في المائة من إجمالي سكان إقليم أفريقيا جنوب الصحراء، ولا يزال العديد منهم تحت خط الفقر. وتمكن عام 2015 ثلاثة من كل خمسة من سكان المناطق الريفية في جنوب الصحراء الكبرى من الحصول على إمدادات مياه أساسية على الأقل، ولم يتمكن سوى واحد من كل خمسة من السكان من الوصول إلى مرافق الصرف الصحي الأساسية. وهذا يشير إلى أن نحو 10 في المائة من السكان ما زالوا يشربون المياه السطحية غير المعالجة، وأن الكثير من الفقراء في المناطق الريفية، ولا سيما النساء والفتيات، يقضون وقتاً طويلاً في جمع المياه.

ومن المتوقع أن يحدث أكثر من نصف النمو السكاني في أفريقيا بحلول عام 2050 (أكثر من 1.3 مليار نسمة من أصل 2.2 مليار نسمة على مستوى العالم). غير أن توفير إمكانية الوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة إلى هذا العدد المتنامي من السكان ليس هو التحدي الوحيد بالنسبة لقارة أفريقيا، لأن الطلب على الطاقة والغذاء والوظائف والرعاية الصحية والتعليم سيزيد أيضاً.


واقع وعقبات

وختم التقرير أن الناس يُتركون دون مياه لأسباب مختلفة، منها التمييز والإقصاء والتهميش واختلال السلطة وعدم المساواة، ولكها عقبات أساسية تحول دون تحقيق حقوق الإنسان بمياه شرب آمنة ومرافق صحية للجميع، وبالتالي تحقيق أهداف التنمية المتعلقة بالمياه لعام 2030.

واعتبر أن تحسين إدارة الموارد المائية، وتوفير إمكانية إتاحة الماء النظيف للجميع بكلفة ميسرة، وكذلك المرافق الصحية، أمر ضروري للقضاء على الفقر وبناء مجتمعات مسالمة ومزدهرة. وأكد أن هذه الأهداف قابلة للتحقيق إذا توفرت الإرادة الجماعية للقيام بذلك.

المساهمون