يغلي الشارع الموالي للنظام السوري غضباً عقب تفجيرات ضربت أهم معقلين له خارج الساحل السوري، وهما مدينة السيدة زينب، جنوب العاصمة دمشق، وحي الزهراء في حمص، الذي يوصف بأنه "الخزان البشري" لما يُعرف في سورية بـ"الشبيحة"، وهم الموالون الذين انخرطوا في مليشيات تدافع عن النظام، وتمتهن القتل والسرقة.
عن حصيلة التفجيرات، تُفيد وكالة "سانا" الرسمية التابعة للنظام، أنه قُتل 83 شخصاً وأُصيب عشرات آخرون، يوم الأحد، بثلاثة تفجيرات طاولت شارع التين في مدينة السيدة زينب، أحدها بسيارة مفخخة، في حين أن مصادر إعلامية أخرى ذكرت أن عدد القتلى والمصابين أكبر، متحدثة عن سقوط نحو مئة قتيل، في المدينة التي تُعدّ معقلاً رئيسياً لحزب الله، وللمليشيات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني. لكن أرقام المنظمات غير الحكومية تتحدث عن حصيلة أكبر بكثير. وبحسب "المرصد السوري لحقوق الانسان"، قُتل 120 شخصاً "على الأقل" في التفجيرات الدامية لمنطقة السيدة زينب، والتي تبناها تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش).
سبق لمدينة السيدة زينب أن شهدت تفجيرات مماثلة، مع انطلاق الجولة الأولى من مفاوضات جنيف3، بين المعارضة السورية والنظام أواخر الشهر الماضي، كما اهتز حي الزهراء نفسه في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي بانفجار سيارتين مفخختين في شارع الستين (في المكان عينه الذي شهد تفجيرات الأحد)، أدتا إلى مقتل 22 شخصاً وإصابة العشرات.
في ظلّ هذا الوضع، ارتفعت أصوات أهالي المنطقتين استنكاراً لما سموه "إهمال السلطات المختصة"، متحدثة عن "يوم دامٍ"، خصوصاً في حي الزهراء. اعتبرت الأصوات في تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن "النظام فقد القدرة على ضبط الأمن في الحي المذكور، الذي بات هدفاً سهلاً للسيارات الملغومة، موجّهين اللوم إلى المحافظ طلال البرازي، الذي اكتفى بمواساة المنكوبين، الذين استعاروا بعضاً من شعارات الثورة، هاتفين بـ"إسقاط المحافظ"، رغم كون منصبه إدارياً بحتاً، ولا علاقة له بالجوانب الأمنية والعسكرية.
اقرأ أيضاً: موالون للنظام السوري في حمص يطالبون بـ"إسقاط المحافظ"
كما تحدث مؤيدون عن فساد ينخر المؤسسات الأمنية في النظام والحواجز العسكرية، يُسهّل عمليات الاختراق التي بدأت تكثر في الآونة الأخيرة في المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام، تحديداً في مدينة حمص، إذ يرى مراقبون أن النظام يريد أن يُبقي الشارع الموالي له في هذه المدينة في حالة "استنفار دموي"، تحسباً لتطورات سياسية قادمة.
لذلك، يدرك السوريون أنه أمام أي استحقاق سياسي مهم، لا بد من تفجيرات تطاول "مناطق موالية" في سورية، أو يجري تحريك جبهات عسكرية مع "داعش"، لغايات سياسية هدفها خلط الأوراق وتقديم "الإرهاب" كأولوية في جدول أي تفاوض، في محاولة لترحيل ملفات أخرى.
في هذا السياق، ينفي المحلل السياسي السوري المعارض، أحمد الرمح، في أن "يكون اختراقاً أمنياً ما وراء التفجيرات التي ضربت السيدة زينب، والزهراء"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد"، أن "المنطقتين تسيطر عليهما مليشيات، إضافة إلى وجود حواجز لقوات النظام فيها، وحولها يُفتش كل شيء، حتى ربطة الخبز".
يتوقّع الرمح أن "تقع تفجيرات أخرى، أو يتم افتعال أحداثٍ، كتقدم داعش أخيراً في دير الزور، قبل بدء الجولة الثانية من مفاوضات جنيف3، وقبل الإعلان عن اتفاق الهدنة، الذي أبرمه الروس والأميركيون أخيراً في جنيف السويسرية".
من جهته، يستبعد المحلل العسكري العقيد المنشقّ عن النظام عامر بكران، "شبهة اختراق أمني وراء تفجيرات السيدة زينب، وحي الزهراء"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد": "نحن نعرف هذا النظام، واختبرناه جيداً منذ أيام (الرئيس السوري الراحل) حافظ الأسد، الذي كان يفتعل التفجيرات لغايات سياسية، وورث منه ابنه (الرئيس الحالي بشار الأسد) هذا الأسلوب". يتابع بكران قائلاً إن "المناطق الموالية محصّنة تحصيناً محكماً، لا يُمكن أن تمرّ معه سيارة مفخخة بهذه السهولة على الإطلاق".
اقرأ أيضاً الهدنة السورية: اتفاق مؤقت بمعايير روسية أميركية