أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، تعهدات بلغت 30 مليار دولار أميركي خلال مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق.
وقال الشيخ صباح خالد في كلمته في الجلسة الختامية للاجتماع الوزاري لمؤتمر إعادة إعمار العراق، وحضره مراسل "العربي الجديد"، إن هذا المبلغ نتج عن زخم واسع من مشاركة 76 دولة ومنظمة إقليمية ودولية 51 من الصناديق التنموية ومؤسسات مالية إقليمية ودولية 107 منظمات محلية وإقليمية ودولية من المنظمات غير الحكومية و1850 جهة مختصة من ممثلي القطاع الخاص.
وأضاف: "بتجمعنا وتماسكنا وشراكتنا هذه، أثبتنا مجدداً إيماننا العميق بأسس ومبادئ السلام طريقاً نحو البناء والنماء، وأن معاول الهدم وأدوات الدمار والإرهاب لن تنتصر يوماً على إرادة العيش والحياة وعلى مسيرة التنمية والإعمار، وسنظل جميعاً أوفياء لقناعاتنا الراسخة بالمحبة والتعاون والعيش المشترك".
يذكر أن مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق انطلق الإثنين الماضي واختتم اليوم بمشاركة عدد من الدول المانحة والمنظمات الدولية والإقليمية برئاسة 5 جهات هي الاتحاد الأوروبي والعراق والكويت والأمم المتحدة والبنك الدولي.
وستكون المساعدات على شكل قروض وتسهيلات ائتمانية واستثمارات تقدم للعراق من أجل إعادة بناء المنازل والمدارس والمستشفيات والبنى التحتية الاقتصادية التي دمرتها الحروب، ولا سيما خلال السنوات الثلاث الأخيرة في المعارك ضد تنظيم "داعش".
وقالت مصادر من داخل المؤتمر لـ"العربي الجديد"، إن التعهدات جاءت على لسان مسؤولين كبار من الكويت وقطر والسعودية وتركيا وأوروبا ودول أخرى، الذين أعلنوا عن تقديم خطوط ائتمان وقروض واستثمارات مباشرة بمليارات الدولارات للمساهمة في إعادة إعمار العراق.
وفي وقت سابق، اليوم، أعلن أمير دولة الكويت، صباح الأحمد الصباح، أن بلاده ستقدم للعراق ملياري دولار على شكل قروض واستثمار، حيث ستقوم باستثمار مليار دولار كاستثمار للمساهمة في إعادة إعمار البلد الجار ومليار دولار آخر على هيئة قرض. وقال الصباح، إن المساهمة الكويتية تأتي "انطلاقاً من التزامها بدعم الأشقاء في العراق".
ويتطلع العراق إلى أن يقابل المجتمع الدولي "انتصاره" على تنظيم "داعش" المتطرف بمساهمة مالية ضخمة تعيد بناء ما دمرته حرب السنوات الثلاث، تصل إلى نحو 88 مليار دولار.
وقال أمير الكويت، إن بلاده تدرك "حجم الدمار الذي لحق بالعراق جراء سيطرة تلك التنظيمات الإرهابية على بعض الأراضي العراقية". ورأى أن إعادة الإعمار "عمل لن يتمكن العراق من التصدي له وحده، ما دعانا إلى التوجه بالنداء إلى المجتمع الدولي بدعوته للمشاركة في هذا العمل وتحمل تبعاته".
وأشار الصباح إلى أن "هناك دعماً كبيراً من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي للمساهمة في إعادة إعمار العراق"، لافتاً إلى أن "مؤتمرنا سيخرج بدور فاعل لإعمار العراق ومستقبل آمن للمنطقة".
والتزمت قطر، بحسب وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بـ"دعم إعادة الإعمار وتقديم حزمة من القروض والاستثمارات للعراق بمليار دولار". وأضاف الوزير على هامش مؤتمر المانحين في الكويت، أن بلاده ملتزمة بدعم إعادة الإعمار في العراق، مشدداً على أن جهود قطر ستتركز في مشاريع البنية التحتية.
ومن جهتها، أعلنت السعودية، على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير، أن "المملكة تخصص 1.5 مليار دولار لمشاريع إعادة إعمار العراق وتمويل الصادرات السعودية له". فيما تعهدت الإمارات بمبلغ 500 مليون دولار لإعادة إعمار العراق.
وقال أحمد محمد علي المدني، رئيس البنك الإسلامي للتنمية، اليوم الأربعاء، في الكويت، إن البنك، الذي يعد أكبر منظمة تنموية في العالم الإسلامي، مستعد لتمويل البنية التحتية العراقية بمبلغ 500 مليون دولار.
وعلى الصعيد ذاته، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، أن بلاده "ستقدم خطوط ائتمان قيمتها 5 مليارات دولار للعراق". فيما قالت ألمانيا إنها "ستقدم مساعدات للعراق قيمتها 350 مليون يورو (ما يعادل 432 مليون دولار) في 2018".
وتعهدت بريطانيا في المؤتمر بما يصل إلى مليار دولار سنوياً للعراق في شكل ائتمان صادرات على مدى 10 سنوات. وقالت اليابان، إنها ستسهم بمئة مليون دولار، هذا العام، للعراق عبر وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية.
أما الاتحاد الأوروبي، فتعهد باستثمار نحو 400 مليون يورو (ما يعادل 493 مليون دولار)، حيث أعلنت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية، ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغيريني، عن استثمار الاتحاد 400 مليون يورو كمساعدات إنسانية ولتثبيت الاستقرار في العراق.
وقال جورجيو مارابودي المدير العام للتعاون التنموي في إيطاليا، اليوم، إن بلاده ستقدم قروضاً ميسرة قيمتها 260 مليون يورو (321 مليون دولار) للعراق، إلى جانب منح قيمتها 6.5 ملايين دولار ومساعدات إنسانية بخمسة ملايين دولار.
كما تعهد الصندوق العربي للإنماء بقروض بنحو 1.5 مليار دولار.
وقالت موغيريني في كلمتها خلال افتتاح المؤتمر، إن تلك الالتزامات ستقدم من ميزانية الاتحاد الأوروبي وهي تختلف عن المساعدات الفردية لدول الاتحاد. وأضافت أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ساهما بـ3.5 مليارات دولار العام الماضي دعماً للشعب العراقي.
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إن الصراع في العراق سبب له الكثير من الدمار، مؤكداً دعم الأمم المتحدة من خلال برامجها لخطط إعادة إعماره. وهنأ غوتيريس في كلمته بافتتاح مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق الحكومة العراقية بانتصارها على ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، داعياً إياها إلى تأمين مستقبل غير طائفي للعراق.
من جهته، قال رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في كلمة له بالمؤتمر، إن بلاده تتطلع إلى "شراكة واسعة مع القطاع الخاص في العراق، ولن نتوقف عن محاربة الفساد الذي هو أحد أسباب وجود الإرهاب في العراق". وأردف: "نتطلع إلى شراكات استراتيجية وتفهم لواقعنا والمعوقات المتمثلة في البيروقراطية المزمنة، وبدأنا بالعمل للتخلص من بعض القوانين القديمة".
أما وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، فقد اعتبر، اليوم الأربعاء، أن التعهدات التي قدمت في مؤتمر دولي للمانحين لإعادة بناء العراق "أقل مما يتطلبه العراق".
وأضاف الجعفري خلال مؤتمر صحافي أن "المبالغ المخصصة ستسهم في إعادة الإعمار، لكنها لن تسد الحاجة".