تعقيدات الحل اليمني: خلاف بين المبعوث الأممي والشرعية

15 سبتمبر 2015
تقاتل قوات من التحالف مع "المقاومة" في مأرب(الأناضول)
+ الخط -
تدخل مهمة المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مرحلة جديدة من التعقيدات، بعد التغير الذي طرأ على موقف الحكومة الشرعية المتحفظ على استئناف المفاوضات السياسية برعايته، ولا سيما في ظل رفض مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، الاعتراف بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، في حين تصر الشرعية اليمنية على مطالبة المبعوث الأممي بضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن.

ويسود الاعتقاد بين الأوساط السياسية بأنّ إفادة ولد الشيخ أحمد أمام مجلس الأمن قبل أيام، أغضبت الحكومة الشرعية ودعتها إلى تغيير موقفها من استئناف المفاوضات، ولا سيما أن المبعوث الأممي لجأ إلى وضع إطار زمني للمفاوضات من دون التوافق مع الحكومة. وكان ولد الشيخ أحمد قد أعلن، يوم الخميس الماضي، أن الأسبوع الحالي يفترض أن يشهد المفاوضات التي كانت ستجرى بشكل مباشر بين الأطراف اليمنية.

اقرأ أيضاً: مدن يمنية محرّرة دمّرها الحوثيون 

وفي السياق نفسه، تقول مصادر سياسية يمنية لـ"العربي الجديد" إن "مهمة المبعوث الدولي الخاص يفترض بها أن تكون مهمة الإشراف على تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، والتنسيق بين الأطراف السياسية في حال كانت هناك حوارات أو مسعى لتقريب وجهات النظر، وفق أبجديات وقرارات الأمم المتحدة، وليس اتخاذ مواقف أو قرارات من دون موافقة الأطراف المعنية". وتضيف المصادر "لكننا لم نعد نعرف ما يريده المبعوث الأممي إلى اليمن"، على حد قولها. وتشير المصادر نفسها إلى أن "ولد الشيخ أحمد، وقبل أن يحدد مكان المفاوضات الجديدة وزمانها من دون العودة إلى الحكومة، كان عليه أولاً أن يبلغ الانقلابيين بضرورة الاعتراف بقرارات مجلس الأمن الدولي، والبدء في تنفيذها". وتوضح المصادر أن "الأطراف المعنية بالأزمة اليمنية باتت تتعامل مع المبعوث الدولي بحذر شديد".
وفي ظل استمرار هذه التعقيدات، ترجح مصادر أن الخيار العسكري بات حلاً وحيداً، ولا سيما بعد مماطلة الحوثيين والرئيس المخلوع وعدم الاعتراف بالقرار 2216 وتنفيذه. وتردد مصادر سياسية عدة تحدثت لـ"العربي الجديد" أن لا حوارات حتى تنتهي الحرب ويتم تحرير باقي المحافظات، ومنها العاصمة صنعاء، على أن يخضع الجميع لتنفيذ المرجعيات التي تم التوافق عليها بين الأفرقاء اليمنيين، وهي المبادرة الخليجية، مخرجات الحوار الوطني، مسودة الدستور، فضلاً عن قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، بما فيها القرار 2216. كما تطرقت المصادر إلى وثيقة الرياض وضرورة الالتزام بها.
وتتزامن هذه التطورات السياسية في ظل حدوث تحول في سير التطورات العسكرية، ولا سيما عقب انطلاق عملية تحرير مناطق في مأرب، ودخول قوات التحالف العربي في هذه المعارك. وانطلقت عملية تحرير مأرب بعد ساعات قليلة من رفض الحكومة اليمنية الشرعية إجراء أية حوارات مع المليشيات والرئيس المخلوع طالما لم يعترفوا بالقرار 2216.
وتشهد مناطق عدة بين محافظات شبوة والبيضاء والجوف من جهة، ومأرب من جهة أخرى، عمليات عسكرية تشارك فيها "المقاومة" وقوات الجيش اليمني الموالية للشرعية فضلاً عن قوات التحالف العربي وسط غارات جوية مكثفة تشارك فيها مروحيات الآباتشي. ودخلت قوات من التحالف جنباً إلى جنب مع "المقاومة" في مأرب وتقدمت باتجاه محافظة الجوف غرب مأرب بغطاء جوي كثيف وغارات تستهدف المليشيات.
وقالت مصادر في "المقاومة" تحدثت لـ"العربي الجديد" إن المناطق المحررة في غرب مأرب تخضع حالياً للتطهير عبر كاسحات الألغام، لإزالة الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثيين والمخلوع صالح قبل انسحابها. كما تفيد الأنباء بوصول قوات عربية جديدة إلى مأرب للانضمام للقوات هناك، فيما نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر عسكري قوله إن "قوات التحالف نشرت صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ في صافر"، بعد 10 أيام من مقتل عشرات من جنود التحالف عقب استهدافهم بصاروخ أطلقته مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع.
من جهة ثانية، قتل وأصيب العشرات من مليشيات الحوثيين والمخلوع في مناطق شمال غرب شبوة، وهي مناطق محاذية لمحافظة مأرب، شنت فيها طائرات التحالف غارات استهدفت مواقع وآليات عسكرية للمليشيات.
كما شنّت طائرات التحالف العربي غارات استهدفت مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع في منطقة مكيراس، في محافظة البيضاء، فيما تفيد مصادر في محافظة إب لـ"العربي الجديد" بأن "عشرات القتلى والجرحى من المليشيات سقطوا في مواجهات مع المقاومة".
أما في صنعاء، فقد دوّت، أمس الإثنين، انفجارات عدة جراء تجدد الغارات التي استهدفت معسكر الصيانة المعروف كذلك بمجمع 22 مايو العسكري، شمالي العاصمة. وفي أرحب شمال صنعاء، أفادت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" بأن التحالف نفذ سلسلة غارات على معسكري الصمع والفريجة أمس.
أما في تعز، فنقلت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، الخاضعة لإدارة مسؤولين مفوضين من الشرعية، عن مصدر في "المقاومة الشعبية"، تأكيده سقوط أكثر من مائة بين قتيل وجريح في محافظة تعز خلال معارك يوم الأحد، بينهم 26 قتيلاً و33 مصاباً من المليشيات وقوات المخلوع.
وحسب المصدر نفسه، فقد وقعت المعارك في جبهة ثعبات ومحيط منزل يتبع الرئيس المخلوع في منطقة الجحملية، سبق أن سيطرت عليه "المقاومة"، فضلاً عن منطقة القصر الجمهوري جنوبي وشرقي المدينة، بالإضافة الى جبهتي الزنوج والبعرارة غربي المدينة. وينفذ الحوثيون هجمات شبه يومية في محاولة لاستعادة مواقع خسروها الشهر الماضي.
أما في المناطق الحدودية الشمالية الغربية بين اليمن والسعودية، فقد زعمت مصادر تابعة للحوثيين أن مليشياتهم وقوات الجيش المتحالفة معها دمرت عدداً من الجرافات والآليات العسكرية السعودية في منطقتي عسير وجيزان، مشيرة إلى أنه جرى قصف مواقع سعودية اليوم بـ25 قذيفة مدفعية و15 صاروخاً. وكانت قيادة التحالف قد أعلنت، أول من أمس، مقتل خمسة جنود سعوديين بنيران من الحدود اليمنية في منطقة نجران، التي تشترك بحدود مع محافظة صعدة اليمنية، معقل الحوثيين. وتشهد المناطق الحدودية الشمالية الغربية توتراً منذ أشهر، حيث يقصف التحالف مواقع الحوثيين بكثافة، في حين ينفذ الحوثيون بين الحين والآخر هجمات بقذائف على أهداف سعودية قرب الحدود.

اقرأ أيضاً تقرير: الحسم العسكري في اليمن يرتبط بمنطقتين عسكريتين
المساهمون