تعد رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لتعديل حكومي الأسبوع المقبل، يشهد إقصاء عدد من الوزراء الرئيسيين عن مناصبهم، وتبديل حقائب آخرين.
ويتوقع أن يكون التعديل الحكومي واسعاً، بحيث تنضم إلى التشكيلة الجديدة أسماء شابة ويافعة من الصف الثاني من نواب الحزب الحاكم، والتي وصلت إلى مجلس العموم في انتخابات عام 2015، بهدف بث الروح الشابة في الحكومة.
كما يتوقع أن يشمل التعديل، تبديل حقائب بعض الوزراء مثل بوريس جونسون، وجيريمي هانت، ورفع عدد الوزيرات في الحكومة، إضافة إلى فصل آخرين ممن يشكلون عبئاً على تيريزا ماي.
ويعود السبب الرئيسي لهذا التعديل الوزاري المرتقب، إلى الفوضى التي عاشتها الحكومة العام الماضي في التعامل مع القضية الأساسية، وهي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومع تجاوز المرحلة الأولى من مفاوضات بريكست، ترى ماي أنها في موقف يسمح لها بإجراء تعديلات على توازن حكومتها الدقيق، لتدخل العام الجديد جاهزة للمرحلة الثانية من مفاوضات بريكست.
في المقابل، تأتي هذه الخطوة رغم التحذيرات التي تلقتها ماي من قبل عدد من مستشاريها، ومنهم وزير الدفاع الحالي وليام غافيسون، من أن أي تغيير شامل في التوازن الحكومي الحالي قد يقوض من استقرارها. حكومة ماي الحالية مبنية على توزان حساس بين المعسكرين المؤيد والمعارض للاتحاد الأوروبي في صفوف حزب المحافظين. ومما يزيد من تعقيد الأمر اعتماد حكومة الأقلية الحالية على دعم حزب الاتحاد الديمقراطي في مجلس العموم، وهو ما يجعل أي تغيير حكومي، أمراً شديد التعقيد.
وتواجه ماي ضغوطاً من صفوف حزبها لترقية عدد من أوجه المحافظين اليافعة والناجحة إلى مناصب وزارية، بهدف بث الروح الشابة في حكومتها وبين قيادات الحزب. التقدم في السن يعد أحد الصفات المشتركة القليلة التي تجمع بين وزراء حكومة ماي، حيث إن ماي وهاموند في أوائل الستينيات، بينما سيدخل وزير البريكست ديفيد ديفيس عامه السبعين مع نهاية العام الحالي.
كما يعزو البعض خسارة حزب المحافظين للأغلبية البرلمانية في الانتخابات العامة الماضية إلى غياب الدماء الشابة بين قيادات الحزب، ولذلك فإن ماي مطالبة بترقية المواهب المحافظة التي حققت نجاحات كبيرة في العامين الماضيين، كي لا يصبح الحزب حزباً للمسنين، ويفقد أصوات الشباب من الناخبين.
كما يرتقب أيضاً أن تقوم ماي بنقل وزير الخارجية بوريس جونسون إلى وزارة تعنى بالبريكست، ويتوقع أن يحل مكان غريغ كلارك على رأس وزارة الأعمال، حيث يكون مسؤولاً بشكل مباشر عن عدد من جوانب مفاوضات البريكست.
إلا أن جونسون أبدى رفضه لنقله من منصبه، حيث نقل عنه حلفاؤه بأنه "سعيد جداً في وزارة الخارجية" وأن لا رغبة له في تسلم أي وزارة أخرى.
وقد يؤدي نقل جونسون إلى منصب ذي اختصاص بالبريكست إلى تقويض عمل وزير البريكست، ديفيد ديفيس، وتهميشه، حيث إن جونسون كان قد تزعم الحملة المطالبة بالخروج من الاتحاد الأوروبي عام 2015. ويشكو ديفيس أصلاً من محاولات تهميشه من قبل الوحدة الأوروبية في وزارة الخارجية، والتي يديرها أولي روبنز، المدير السابق لمكتب ديفيس، والذي يتعامل مباشرة مع رئيسة الوزراء، ويرى فيه الاتحاد الأوروبي العقل المدبر وراء مفاوضات البريكست.
كما يتوقع أن تقوم ماي بنقل وزير الصحة، جيريمي هانت، إلى منصب الوزير الأول، ليشغل مكان الوزير المستقيل داميان غرين. وتعتبر هذه الخطة ترقية لهانت، الذي أثبت ولاءه لرئيسة الوزراء. وتحتاج ماي لشخصية تثق بها وقادرة على التوفيق بين الحكومة المركزية في لندن والحكومات الإقليمية في اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية.
إلى ذلك، ترغب تيريزا ماي في رفع حصة النساء من الحقائب الوزارية، حيث يرتقب أن تضم آن ميلتون، وكلير بيري، وسارة نيوتن، ومارغو جيمس، وهارييت بالدوين، إلى التشكيلة الجديدة. بينما يتوقع أن تقوم بترقية وزيرة الثقافة كارين برادلي إلى منصب أكثر أهمية، وأن تنقل وزيرة الداخلية أمبر رود إلى وزارة الخارجية، إن تمكنت من نقل جونسون من تلك الحقيبة.
كما يتوقع أن يتم فصل جستن غريننغ من وزارة التعليم، وكريس غرايلنغ من وزارة المواصلات، وأندريا ليدسوم من زعامة مجلس العموم. ويتوقع أيضاً أن يعزل باتريك ماكلولين من إدارة الحزب، وليشغل مكانه وزير الهجرة براندون لويس.
أما وزير المالية، فيليب هاموند، فيعد الثابت الوحيد في التغيير المرتقب، حيث تشكل وزارته ورئاسة الوزراء العمود الفقري لحكومة ماي، رغم أن بقاءه في منصبه، واحتمال نقل جونسون قد يثير القلاقل في صفوف الحزب، نظراً لما قد يعكسه ذلك من تغليب كفة أحد أجنحة الحزب.
وكانت حكومة ماي قد شهدت عدداً من الفضائح الخاصة بوزرائها والتي دفعت وزير الدفاع مايكل فالون ووزير التنمية الدولية بريتي باتيل والوزير الأول داميان غرين إلى الاستقالة خلال الأشهر الثلاث الماضية. إلا أن أياً من التعديلات الحكومية المرتقبة لن تفضي إلى أية نتيجة ملموسة، ما لم تصب في صالح الوصول بالمركب البريطاني إلى بر بريكست بشكل آمن.