تشديد إجراءات "إيبولا" في أميركا

30 أكتوبر 2014
احتجاجات في سان فرانسيسكو لعدم كفاية الاستعدادات (جاستن سوليفان/Getty)
+ الخط -
لم ينتظر عمدة مدينة نيويورك، بيل ديبلازيو، طويلاً ليتوجه إلى مطعم كان قد أغلق بسبب "إيبولا". فالمطعم الذي خضع لإجراءات التعقيم، من قبل الجهات الصحية المختصة، استضاف ديبلازيو وزوجته والمسؤول الأعلى للشؤون الصحيّة في نيويورك، على مائدة العشاء. وكانت الزيارة جزءاً من خطة ديبلازيو لبعث الطمأنينة والتخفيف من هلع سكان المدينة تجاه تهديدات المرض.

المطعم هو أحد الأماكن التي زارها الطبيب كريغ سبنسر، الذي بات رابع حالة إصابة بـ"إيبولا" يعلن عنها في الولايات المتحدة، وأول حالة في نيويورك. وكان الطبيب قد عاد من غينيا التي انضم فيها لفريق منظمة أطباء بلا حدود، لمعالجة مرضى "إيبولا". ولم تظهر عليه بعد عودته أي أعراض. لكنّه تقدم إلى الجهات المختصة بعد بدء ظهور أحد أعراض الإصابة وهو ارتفاع حرارته. وبعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة تأكد الأطباء من اصابته.
وبعد أقل من 24 ساعة على ذلك، أعلن كل من حاكم ولاية نيويورك أندرو كوومو، وحاكم ولاية نيوجيرزي كريس كريستي، عن إجراءات "الحجر الصحي" بدءاً من يوم الجمعة الماضي. وبموجب هذه الإجراءات يتم الحجر على أي طبيب أو ممرض أو شخص عمل مع مرضى "إيبولا" في غرب أفريقيا، وعزله 21 يوماً، في الأقسام الصحية المختصة، حتى التأكد من عدم إصابته.

وكانت الممرضة كايسي هيكوكس أول "ضحية" لهذه الإجراءات. فقد منعتها السلطات الأمنية في مطار نيوارك في نيوجيرسي من متابعة سفرها إلى تكساس. وكانت الممرضة قد عادت لتوها من سيراليون من مهمة مع منظمة "أطباء بلا حدود" لمعالجة مرضى "إيبولا". وكتبت الممرضة رسالة نشرتها في إحدى الصحف في تكساس، تصف فيها التعامل معها بمطار نيوجيرسي بأنه "مخيف ويمكن أن يؤدي إلى امتناع العاملين في القطاع الصحي من التوجه إلى الدول المنكوبة لتقديم المساعدات هناك، لأنهم عندما يعودون إلى بلادهم سيشعرون بأنهم يعاملون كمجرمين".

ولا تتوافق هذه الإجراءات مع توصيات الحكومة الفدرالية الأميركية و"مركز السيطرة على الأمراض". فالتوصيات تنصح الولايات بالاكتفاء بفحص طبي للأشخاص الآتين إلى الولايات المتحدة من غرب أفريقيا، وقياس درجة حرارتهم، بالإضافة إلى تسجيل أماكن سكنهم، ومطالبتهم بالتوجه على الفور إلى المستشفى في حال لاحظوا عليهم أي أعراض للإصابة بالمرض.
من جهته، علّق حاكم ولاية نيوجيرسي على اعتراض الممرضة على إجراءات الحجر عليها، وتهديدها برفع دعوى ضده. وقال: "لقد رفعت الكثير من الدعاوى ضدي في حالات مختلفة، يمكنها أن تقف في الطابور لرفع الدعوى". ونفى كريستي أن يكون السماح للممرضة بمغادرة المركز الصحي، قد جاء بعد تهديدها باللجوء إلى المحكمة الدستورية.

في المقابل، خفف حاكم ولاية نيويورك من مستوى الاجراءات المتخذة ليل الأحد. وسمح لأفراد الكوادر الطبية العائدة إلى الولايات المتحدة من غرب أفريقيا، بمغادرة المطار، إذا لم تثبت الفحوصات الأولية وجود أي أعراض لديهم. وعن هدف الإجراءات التي لا تشجع منظمة الصحة العالمية والحكومة الأميركية على اتخاذها، يقول المسؤولون إنّها "إجراءات وقائية من المهم اتباعها لحماية سلامة السكان والحفاظ عليها. ولا نتفق مع من يقول إنها مفرطة في التشدّد".

فيما يرى البعض، أنّ الإجراءات التي اتخذها حاكم ولاية نيوجيرسي، وهو من أشهر الأسماء في الحزب الجمهوري، ولديه طموحات في الترشيح للرئاسة، تتماشى وحملة "التخويف" والطعن في سياسة الرئيس باراك أوباما وحزبه". وقالوا إنّها تأتي كجزء من الدعاية الانتخابية لانتخابات الكونغرس النصفية الأسبوع المقبل. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد انتقد أيّ اجراءات تثير الهلع وتمنع الكوادر الطبية من التوجه إلى المناطق المنكوبة. وقال: "علينا أن نمد يد العون للدول التي تعاني من الوباء بدلا من عزلها".
يذكر أنّ ولايات أميركية أخرى، أعلنت انضمامها إلى إجراءات "الحجر الصحي" التي اعتمدتها نيويورك ونيوجيرسي، في الوقت الذي تعارض الحكومة الفدرالية ذلك.

وفي سياق منفصل، تقوم السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سامنثا باور بزيارة إلى الدول الأفريقية الثلاث الأكثر تضرراً من "إيبولا"، غينيا وليبيريا وسيراليون. وتهدف الزيارة إلى حث الدول الأخرى على الوفاء بوعودها وتقديم المساعدات المالية التي لم يصل أغلبها بعد إلى حسابات الأمم المتحدة، وإرسال أطباء إلى تلك المناطق.
المساهمون