مع استمرار السلطات العراقية بقطع شبكة الإنترنت في عموم مدن البلاد، عدا إقليم كردستان العراق، لليوم الثاني على التوالي، وتشويش أو إضعاف متعمد لشبكة الهاتف الجوال، لا سيما في البصرة وأطراف كربلاء ومدن شمال وغرب ذي قار وجنوب القادسية، تواصل الحكومة أيضاً إرسال قوات إضافية إلى هذه المدن.
كما تواصل ملاحقة التظاهرات واستخدام قنابل الغاز والرصاص الحي لتفريقها، وتنفيذ حملات اعتقالات واسعة، لا سيما في بغداد وذي قار والبصرة.
وأفادت مصادر طبية في البصرة، "العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، بأنّ عدد القتلى من المتظاهرين، خلال الساعات الـ24 الماضية، في البصرة، وصل إلى 6 قتلى؛ 3 منهم قرب مبنى المحافظة بتظاهرات نشطت بين الثامنة مساء والثالثة فجراً، استخدمت فيها قوات الأمن الرصاص الحي وقنابل الغاز.
وقال طبيب في مستشفى المعقل بالبصرة، لـ"العربي الجديد"، إنّ المصابين تخطوا الـ200 متظاهر، بين اختناق بالغاز وآخرين بالرصاص، فيما أكد شاهد عيان تحدث من منطقة العشّار في البصرة، لـ"العربي الجديد"، عن أنّ الأوضاع "محتقنة للغاية بالمدينة، بسب سقوط شهداء من الشبان، وترقب مشاركة شعبية في تشييعهم بوقت لاحق من نهار اليوم الأربعاء".
وتوقف العمل في ميناء أم قصر التجاري جنوبي البصرة، اليوم الأربعاء، بعد سيطرة المتظاهرين على مداخله، فيما لاتزال الطرق المؤدية إليه مغلقة، وكذلك الطريق نحو حقل مجنون، بينما عمدت الشرطة إلى إغلاق الطريق المؤدي إلى القنصلية الإيرانية بمنطقة شط العرب، بالكتل الإسمنتية.
وتجددت التظاهرات، اليوم الأربعاء، في كل من كربلاء والناصرية والديوانية والشطرة والمثنى جنوبي العراق.
وأكد مصدر أمني عراقي في كربلاء، لـ"العربي الجديد"، ارتفاع عدد المعتقلين من سكان كربلاء، وخاصة مركز المدينة، إلى أكثر من 60 ناشطاً ومتظاهراً، خلال الـ24 ساعة الماضية، مع تواصل الاعتصامات في ساحة التربية الرئيسة.
وهذا الأمر نفسه في الناصرية والديوانية والعمارة والسماوة والكوت والحلة؛ العواصم المحلية لمحافظات ذي قار والقادسية وميسان والمثنى وواسط وبابل، حسبما أكده شهود عيان وناشطون تحدثوا بالهاتف أو عبر الرسائل النصية، لـ"العربي الجديد"، بسبب رداءة تغطية الهواتف أيضاً في بعض تلك المناطق.
وأكد مصدر أمني عراقي حرق منازل ثلاثة نواب في محافظة ذي قار، بعد تشييع قتيلين سقطا برصاص الأمن، الإثنين، في تظاهرات مدينة الشطرة.
وأضاف المصدر، لـ"العربي الجديد"، أنّ المتظاهرين أحرقوا منازل النائب عن تحالف "سائرون" ناجي السعيدي، والنائب عن تحالف "الفتح" منى الغرابي، والنائب عن حزب "الدعوة" زينب الخزرجي، مؤكداً أنّ النواب أو أسرهم لم يكونوا في المنازل حيث غادروها منذ اندلاع الاحتجاجات، الشهر الماضي.
قتيل في بغداد
وفي العاصمة بغداد التي شهدت تفجيراً بواسطة قنبلة صوتية قرب مكان يتجمّع فيه مئات المتظاهرينن عند جسر السنك، ليلة الثلاثاء الأربعاء، أكدت وسائل إعلام محلية مقتل شاب من المتظاهرين، جراء استنشاق الغاز الذي تطلقه قوات الأمن العراقية، لتفريقهم. كما أشارت إلى إصابة آخرين، وسط استمرار إغلاق الطرق الرئيسة في جانب الرصافة من بغداد وعدد من المدارس وشلل يصيب أغلب الجامعات العراقية الرئيسية بالعاصمة.
وفي بغداد أيضاً، قال صحافي عراقي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الاستخبارات منعت المكاتب الصحافية من مشاركة الإنترنت الفضائي الخاص بمكاتب الفضائيات والوكالات الأجنبية مع الناشطين الذين يلتقطون صوراً ومقاطع فيديو، ويأتون لتلك المكاتب للتشبيك على الإنترنت لديها، من أجل نشر المحتوى الخاص بهم على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار إلى أنّ الحكومة حذرت من أنّها قد تغلق أي مكتب إعلامي يتورط بذلك، وهو ما أكده صحافي آخر يعمل بوكالة أنباء أجنبية قرب شارع السعدون وسط بغداد، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة لا تريد أن ينشر شيء على الأقل في الأيام المقبلة كونها عازمة على إنهاء التظاهرات".
إلى ذلك، اتهم "المرصد العراقي لحقوق الإنسان"، السلطات الحكومية بشن حملة اعتقالات وسط العاصمة بغداد.
ونقل المرصد في بيان صحافي، اليوم الأربعاء، عن شهود عيان، قولهم إنّ "ملثمين يستقلون مركبات حكومية اعتقلوا عدداً من المحتجين في منطقتي العلاوي والصالحية، بينما كانوا في طريقهم إلى ساحة التحرير".
في سياق مواز أيضاً، دانت "المفوضية العليا لحقوق الإنسان"، في بيان، "قطع الإنترنت والكهرباء واستخدام الرصاص الحي والمطاطي والغازات المسيلة للدموع من قبل قوات الأمن تجاه المتظاهرين"، داعية قوات الأمن إلى "القيام بدورها في حماية المتظاهرين".
واليوم الأربعاء، نددت السفارة الأميركية في بغداد، في بيان، بقتل وخطف "المحتجين العزل" في العراق.
وشددت السفارة، على أنّ "الولايات المتحدة، مهتمة على الدوام بدعم عراق آمن ومزدهر وقادر على الدفاع عن شعب صد المجاميع العنيفة المتطرفة، وردع أولئك الذين يقوّضون سيادته وديمقراطيته". وقالت "يجب أن يكون العراقيون أحراراً لاتخاذ قراراتهم الخاصة بشأن مستقبل بلدهم".
ودعت السفارة "الحكومة والقادة السياسيين إلى التفاعل عاجلاً وبجدية مع المواطنين العراقيين المطالبين بالإصلاح، فلا مستقبل للعراق بقمع إرادة شعبه".
Twitter Post
|
وفي المواقف، قال النائب في البرلمان العراقي فائق الشيخ علي، إنّ هناك "شجبا عراقيا كليا لأي تدخل في العراق، في إشارة إلى حرق صور الخميني وخامنئي ومهاجمة القنصلية الإيرانية في كربلاء"، مضيفاً "يا عمي الشعب يقول لكم ما نريد إيران افهموها من الأخير".
وبيّن الشيخ علي، في تصريحات صحافية، اليوم الأربعاء، أنّ "هناك استخداما مفرطا للقوة ضد المتظاهرين"، مشككاً بالوقت نفسه بأرقام القتلى، لافتاً إلى أنّ العدد "وصل إلى أكثر من 300 شهيد وأكثر من 12 ألف مصاب".
وتابع أن "هذه التظاهرات لناس جائعة وفقراء، ولو كان الأميركيون وراء هذه التظاهرات كما يقولون، لكان من زمن انتهت هذه الحكومة والبرلمان معها".