قبل عشرة أيام على انتخابات رئاسية حاسمة، أعلنت السلطات البيلاروسية إلقاء القبض على 33 من عناصر مرتزقة "فاغنر" الروسية، سعوا إلى زعزعة الاستقرار في البلاد.
وذكرت وكالة "بيلتا" الرسمية، نقلا عن السلطات الأمنية، أن عملية الاعتقال جرت الليلة الماضية. وأوضحت المصادر الأمنية أن 32 عنصرا من "فاغنر" اعتقلوا بالقرب من العاصمة مينسك، وألقي القبض على عنصر آخر في جنوب البلاد، بعد عملية مشتركة للقوات الخاصة ولجنة الأمن الوطني "كي غي بي"، وأشارت إلى فتح تحقيق مع الموقوفين.
وأكدت السلطات الأمنية أنها تلقت معلومات عن دخول نحو 200 عنصر عسكري مسلح إلى بيلاروسيا من أجل "زعزعة الأوضاع في فترة الحملة الانتخابية"، وذكرت أن "بينهم روس يحملون حقائب ليست كبيرة، إضافة إلى ثلاثة حقائب كبيرة ثقيلة للجميع قام بنقلها عدد من الرجال في وسيلة مواصلات منفصلة".
عناصر فاغنر المعتقلين وصلوا إلى مينسك مساء 24 من الشهر الجاري، وكان يجب أن يغادروا الفندق في اليوم التالي
وذكرت الوكالة أن "عناصر فاغنر المعتقلين وصلوا إلى مينسك مساء 24 من الشهر الجاري، وكان يجب أن يغادروا الفندق في اليوم التالي، ولكنهم غادروه في يوم أول من أمس، الإثنين، وانتقلوا إلى أحد المنتجعات القريبة من العاصمة".
ونشرت وكالة "بيلتا" أسماء المعتقلين وبياناتهم، ونقلت عن إدارة المنتجع السياحي أن "القادمين لفتوا الأنظار إليهم بتصرفاتهم غير النمطية للسياح الروس، وملابسهم المتشابهة القريبة من العسكرية"، وأوضحت أن عناصر فاغنر "لم يتناولوا المشروبات الكحولية، ولم يرتادوا المراكز الترفيهية، وسعوا إلى عدم لفت الأنظار إليهم، واستطلعوا بمجموعات صغيرة المنتجع والمناطق المحيطة به". ولم تنشر الوكالة أي تفاصيل عن مصير العناصر الباقين الذين دخلوا البلاد، الذين يقدر عددهم بنحو 170 عنصرا.
وحذر الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، منذ أيام، من أن بعض الأطراف تحضر لإقامة ميدان في البلاد (الميدان: رمز التحركات الشعبية ضد الحكومة الأوكرانية، ورافقت الاحتجاجات أكثر من مرة أعمال عسكرية). وقال في لقاء مع عسكريين في 24 من الشهر الجاري، إنه في حال عدم وجود راغبين بالتظاهر وتنظيم ميدان في بلاده، فإنه "سيجري جذبهم من الخارج... هؤلاء عسكريون محترفون، وقطاع طرق يتم إعدادهم خصيصا بشكل أساسي في منظمات عسكرية خاصة في كل العالم، ويكسبون الأموال من تنظيم استفزازات في هذه الدولة أو تلك".
وأوضح رئيس جهاز " كي غي بي" البيلاروسي إيفان تيرتل، حينها، أن "هذه الدمى" تحركها شركة "غازبروم" الروسية.
ولم يصدر أي تعليق رسمي روسي على الاتهامات البيلاروسية، لكن موسكو تنفي دائما استخدام مجموعات " فاغنر" في الخارج، رغم عشرات التقارير الاستقصائية والإعلامية التي كشفت عن دور كبير لمرتزقة "فاغنر"، التابعة للملقب بـ"طباخ الكرملين"، يفغيني بريغوجين، في الصراعات في ليبيا وسورية وأوكرانيا ومناطق أخرى عبر العالم. وفي حال صحت الاتهامات البيلاروسية يمكن أن تسوء العلاقات مع أكثر من بلد في المحيط السوفييتي السابق خوفا من تدخل روسيا.
ومن المنتظر أن تُنظم انتخابات رئاسية في بيلاروسيا في 9 أغسطس/ آب المقبل. ويواجه لوكاشينكو، الذي يحكم البلاد منذ 1994، منافسة هي الأكثر حدة منذ 15 عاما رغم استبعاد أهم المعارضين عبر عدم تسجيل ترشيحهم أو اعتقالهم أو هروبهم خوفا من الاعتقال.
وكانت المرشحة الرئاسية سفيتلانا تيخونوفسكايا قد طالبت الناخبين الداعمين لها بالدفاع عن خياراتهم، وأكدت أنها تخوض الانتخابات بعد استبعاد المرشحين الأقوياء بهدف إعادة تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وتعددية في غضون ستة أشهر يخوضها زوجها المعتقل، المدون المشهور سيرغي تيخانوفسكي، إضافة إلى المصرفي المعتقل فيكتور باباريكو، ورجل الأعمال الهارب فاليري تسيبكالو.
وأشارت تيخونوفسكايا إلى أن لوكاشينكو يخيف المواطنين بتحذيراته المتواصلة من الاحتجاجات في الميدان. وتترافق الحملة الحالية مع تظاهرات كبيرة غير مسبوقة منذ نحو 15 عاما ضد لوكاشينكو.
وتشهد العلاقات بين روسيا وبيلاروسيا فتورا واضحا منذ أعوام على خلفية عدم إكمال مشروع دولة الوحدة بين البلدين، وأسعار النفط والغاز.