يمضي الفنان التونسي لطفي بوشناق، معظم ساعات يومه مؤخراً في الاستوديو، لتلحين وتسجيل أغانِ تعبّر عن أحاسيسه وتفاعلاته مع ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيصدر أغنية تلو الأخرى من دون أن تعنيه تفاصيل توزيعها ونشرها.
وتعكس الأغاني الأخيرة حالة من الحزن واضحة أمام هول الأحداث الأخيرة في غزة وسقوط الشهداء والجرحى، ولكنها تحمل في ذات الوقت غضباً من الأنظمة العربية وتخاذلها بشأن القضية، في مسحة لا تخلو من سخرية فنية واضحة أصبحت تميز أعماله السياسية التي تعددت في السنوات الأخيرة.
وتبين هذه الأعمال تحولاً مهماً في مسيرة بوشناق الإبداعية، إذ تتوجه اهتماماته الفنية الأخيرة نحو الأحوال التونسية والعربية، نقداً وسخرية واقتراحاً جمالياً، ملتزماً بالقضايا في تفصيلها الصغير الشعبي، والتقاطاً لنفَس المواطن العربي على مقهى أو في زقاق، وهو يعبّر عن استهزائه وعدم ثقته في الموقف العربي الرسمي المتخاذل في أغلبه.
ويدفع بوشناق في الفيديو الأخير حول نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة بالسخرية إلى أبعد مدى، ويتضح أنه لا يحمل أي اسم مشارك في العمل، لا الشاعر ولا الملحن ولا المطرب ولا المخرج، فلا قيمة للأسماء ولا غرضا في الانتشار ولا رغبة في تحصيل أي نوع من ردود الفعل المباركة.
وحصل "العربي الجديد" على عدد من أعمال الفنان الأخيرة، وكلها تتوجه إلى نقد الحالة العربية بأشكال مختلفة، بالعود أحياناً وبالأوركسترا أحياناً أخرى، بالفصحى وبالعامية التونسية، وبكل شكل متاح يسارع إلى توثيق ما يحصل، ويثبت بصمة الفنان أمام الأحداث من دون حسابات ربح وخسارة.
وينتقد بوشناق حالة الصمت العامة من التحولات الاجتماعية والسياسية التي تمر بها المنطقة العربية، ولا يتوقف عند الأفكار والقضايا الكبرى، إنما ينتقد تفاصيل يومية في حياة المواطن العربي، خصوصاً أمام الأوضاع الاقتصادية المتردية في كثير من الجهات العربية.
ويشهد بوشناق تحولاً مهماً في حياته الفنية، إذ أن تحولات السنوات الأخيرة دفعت به إلى المغامرة بالأغنية السياسية بجرأة أكبر، ومحاولة تحريك السواكن بشكل أوضح. ولم يتوقف عن التعاون مع صديقه الأقرب ورفيقه في السنوات الأخيرة، الشاعر آدم فتحي.