بوادر اتفاق بين مسلم وأنقرة: منطقة عازلة وممرات آمنة

08 أكتوبر 2014
تركيا سترد على مصادر أي نيران تصل أراضيها(فرانس برس)
+ الخط -

يواصل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) تقدمه في أراضي مدينة عين العرب السورية، في وقت بدت فيه لافتة مواقف زعيم حزب "الاتحاد الديمقراطي"، جناح "العمال الكردستاني" في سورية، صالح مسلم، الذي أقرّ بإمكانية الاتفاق مع تركيا.

وفي حين كان مسلم، قد حذّر في وقت سابق، من أنّ حزبه سيتعامل مع أي دخول للقوات التركية لإقامة المنطقة العازلة على أنه احتلال في حال لم تتم بالتشاور معه، عاد مسلم ليبدي في مقابلة على موقع "الجزيرة تورك" الالكتروني، مساء أمس الثلاثاء، ترحيبه وتعاونه مع المنطقة العازلة، في حال جاءت بعد قرار جماعي، على حدّ تعبيره.

وأشار مسلم، الذي التقى مسؤولين في الخارجية التركية، الى التوافق على وجوب توحيد الجهود في الحرب ضد "داعش". وعبرت الحكومة التركية، بحسب مسلم، عن مساندتها قوات الحماية الشعبية الكردية في الحرب ضد "داعش"، مضيفاً أن "سقوط عين العرب يعني أن تصبح التهديدات على الحدود التركية، ولهذا السبب أكدت لنا أنقرة أنها ستدعمنا". وشدد على أن "المسؤولين الأتراك لم يفرضوا أي شروط"، نافيّاً وجود أي شروط من أساسها. 

وأكّد المسؤول الكردي الاتفاق مع تركيا "حول الكثير من القضايا"، وقال: "هم تفهمونا بشكل جيد، بل ويعرفون أنه لا علاقة لنا على الإطلاق مع النظام السوري، كما شرحنا الوضع الخاص لمدينة القامشلي للمسؤولين الأتراك، إذ أننا حاربنا النظام سنوات طويلة، وهذا ما تعرفه أنقرة بشكل جيد".

ولخص مسلم، وضع مدينة القامشلي، أكبر الكانتونات التي كان قد أعلنها الحزب في إطار مشروعه للإدارة الذاتية، قائلاً إن "النظام لا يسيطر في المدينة إلا على المطار، فيما يوجد حوله عشائر عربية". وأوضح أن "إخراج النظام من المدينة يعني الدخول في حرب عربيّة كرديّة، ونحن لا نريد هذه الحرب، ولعدم حدوث هذه الحرب لا بد من الاستمرار في الوضع الحالي".

وفي ما يتعلق بالتعاون مع الجيش السوري الحر وباقي أطراف المعارضة، قال مسلم: "أبلغنا أنقرة أننا لا نريد نظام حكم مركزي، وأننا مصرون على البقاء كقطعة من الأراضي السورية في المستقبل، الأمر الذي توافقنا عليه خلال الاجتماعات". وأضاف أنه "في أثناء الصراع مع "داعش"، تعاونا مع الجيش السوري الحر في كل مكان، وتركيا تقف معنا أيضاً، حتى أن أنقرة أكدت لنا أنكم بالحرب التي تخوضونها ضد (داعش) تقومون بحماية حدودنا"، مشدّداً على أنّه لم يكن تهديداً لأمن الحدود التركي في أي وقت، ويعرف المسؤولون الأتراك هذا جيداً، لافتاً إلى أنّ "تلك الحدود هامة لنا أيضاً، سواء من الناحية اللوجستية أو من أجل إخوتنا الأكراد الذي يعيشون على الجانب الآخر، حيث تفاهمنا أيضاً على هذا الأمر".

كما أشار إلى أن المسؤولين في أنقرة أبلغوه خلال المحادثات أن "المساعدات الإنسانية التي تقدمها تركيا ستستمر في التدفق، وأن الجيش التركي سيردّ على مصادر أي نيران تصل الأراضي التركية، وتم الحديث عن فتح معابر آمنة. وفيما يخص المنطقة العازلة التي أعلنت عنها أنقرة مراراً أكد مسلم، أن حزبه "سيحترم هذه المنطقة في حال جاءت بعد قرار جماعي".

وعلم "العربي الجديد"، أن الممر الآمن المطلوب، يمتد بين مدينة رأس العين في محافظة الحسكة، ومدينة عين العرب المحاصرة في محافظة حلب، بطول يقارب 180 كيلومتراً داخل الأراضي التركية. إذ تسيطر على المساحات الفاصلة بين المدينتين تنظيم (داعش)، وأثبتت الضربات التي وجهت ضده في هذه المنطقة عدم فعاليتها، وسيتم استخدام هذا الممر لعبور المقاتلين التابعين للحماية الشعبية بمساندة من قيادات عسكرية متمرسة من قوات "العمال الكردستاني" التي ستأتي إلى القامشلي، ومنها إلى رأس العين ومن ثم عين العرب، عبر الأراضي التركية قادمة من جبال قنديل عبر إقليم كردستان العراق.

وكان مراد كرايلان، أحد قياديي "العمال الكردستاني"، قد أكد لوكالة "فرات نيوز" المقرّبة من الحزب، أن مسلم، قد حصل على وعد بفتح ممر آمن، ضمن الأراضي التركية، لكن أنقرة لا تزال تماطل في تنفيذ وعدها.

وفي هذا السياق، علم "العربي الجديد"، أن "مسلم حاول الاتصال بمسؤولين في المخابرات التركية لتأكيد ضرورة تنفيذ وعودهم بفتح الممر الآمن لمدة يومين، بعد اللقاء االثنائي، من دون جدوى، قبل أن يؤكدوا له، أمس الثلاثاء، التمسّك بوعدهم، لكن عليهم قبل ذلك حلّ مجموعة من المشاكل".

في غضون ذلك، أعلن مسلم خلال المقابلة التلفزيونية ذاتها، وصول أولى المساعدات الطبية إلى قوات الحماية الشعبية، وهي عبارة عن شاحنتين من المعدات الطبية مقدمة من هيئة الطوارئ والكوارث التركية "أفاد" التابعة لرئاسة الوزراء، في وقت لم يصل فيه بعد أي دعم عسكري من أية دولة، ولا حتى من إقليم كردستان العراق بقيادة مسعود البارزاني.

في المقابل كشف مصدر مطلع في رئاسة إقليم كردستان العراق، أن البارزاني، طلب بشكل رسمي، أمس الثلاثاء، من السلطات التركية الموافقة على ذهاب قوات البشمركة، التابعة للإقليم إلى مدينة عين العرب ذات الغالبية الكردية في شمال شرقي سورية، لمواجهة هجمات مسلحي تنظيم "داعش"، وذلك عبر الأراضي التركية.

وكان البارزاني، قد التقى، أمس الثلاثاء، وفداً سياسيّاً كرديّاً سوريّاً في مدينة أربيل، مؤكداً أنه "طلب من تركيا السماح بانتقال مقاتلي البشمركة الى عين العرب عبر الأراضي السورية، لحمايتها من هجمات الإرهابيين".

المساهمون