بنكيران وروسيا وسورية

13 ديسمبر 2016
+ الخط -
خرج رئيس الحكومة المغربي المكلف، عبدالإله بنكيران، ليقول إنّ روسيا دمرت سورية، الأمر الذي أزعج السفارة الروسية في المغرب، ووضع الرباط في موقف حرج، ما دفع وزارة الخارجية المغربية إلى الخروج ببيان توضيحي في صيغة اعتذار للسفير الروسي، فاليري فوروبييف، الذي كان قد عبّر عن قلق موسكو من تصريحات بنكيران، معتبرة (وزارة الخارجية) أنّ ما حدث مجرّد ارتجال وتعبير عن رأي فردي، لا علاقة له بالرأي الرسمي للدولة المغربية.
لم يقف الأمر هنا، بل خرج مسؤولون مغاربة ليتهموا بنكيران بتهديم كلّ ما بناه الملك محمد السادس في زيارته روسيا أخيراً، حتى أنّ أحد وزراء الحكومة المنتهية ولايتها قال في أحد اللقاءات الحزبية: "إنّ جلالة الملك هو الوحيد الذي يتحدّث في السياسة الخارجية، ولا أحد غيره يمكن أن يتدخل في المجال الدبلوماسي".
تدفع هذه الواقعة إلى التساؤل مرة أخرى عن وجهات النظر التي على رئيس حكومة منتخب أن يعبّر عنها، وعن التي يجب أن يلتزم بالصمت حيالها، أقصد في حالة المغرب، عندما يحدث الاختلاف في وجهات النظر بين موقف الدولة الرسمي وموقف الرأي العام بما فيه الشعب، حول إحدى القضايا الدولية (سورية نموذجا)، ففي أيّ الاتجاهين، يجب على رئيس الحكومة أن يقف، مع الشعب الذي انتخبه، ومن المفروض أنّه يمثله، أم مع الدولة التي تسعى إلى الحفاظ على بقائها وتحقيق توازنها؟ أقول الدولة قاصداً أنّ المؤسسة الملكية هي ما يمثل الموقف الرسمي المغربي، عندما يتعلّق الأمر بالقضايا الدولية. لذلك، تعتبر وزارة الخارجية نفسها خاضعةً بطريقة مباشرة للمؤسسة الملكية، وليس لمؤسسة رئاسة الحكومة، بل وتعتبر نفسها مستقلة عنها تماماً، وهو ما يفسّر البيان "التقريعي" الذي أصدره وزير الخارجية، صلاح الدين مزوار، في حق رئيس الحكومة بشأن تصريحه عن روسيا، وهو بيانٌ أساء بشدّة للمغرب ومؤسساته، بحكم تجاوز وزارة الخارجية دورها، وأيضاً بحكم ما جاء في هذا البيان، لأنّ كلّ ما جاء فيه لم يكن موجهاً لروسيا، بقدر ما كان موجهاً لعبد الإله بنكيران، أيّ أنّ وزير الخارجية، صلاح الدين مزوار، الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني للأحرار، وجدها فرصة لتصفية حسابات سياسية سابقة مع رئيس الحكومة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (الإسلامي) بنكيران.
مقصد القول في هذا كله أنّ رئيس الحكومة المغربي في قوله: "...لا أعرف لماذا تدمر روسيا سورية، في حين أنّه كان الأولى أن تكون موسكو جزءاً من الحل في سورية"، كان يعبّر عن رأي الشعب الذي انتخبه، لأنّ أغلبية الشعب المغربي ترى أنّ تدخل روسيا في سورية عمّق أزمة الشعب السوري، وأنّ الطائرات الروسية هي المسؤول الأول عن المجازر الكثيرة التي حدثت في الفترة الأخيرة، وخلّفت مئات القتلى، خصوصاً في حلب.
المساتي
المساتي
عبد السلام المساتي
خريج الدراسات الإنجليزية وأستاذ للغة الإنجليزية في المغرب. صدر له "مغرب ما بعد الربيع العربي، من ابن كيران إلى كورونا"، ورواية " كاتب ونساء وعبث" و"خواطر الثامنة مساء"، ومجموعة قصصية بعنوان "الهزيمة". دائما ما أقول " الناس، أحدهم يلقي بك لتحترق وسط جحيمه، وآخر يرفعك لتسعد وسط نعيمه، وآخر لا يراك، لا تهمه. لذا كن من تشاء".
عبد السلام المساتي