بعيداً عن أحزان الجنين الذي كنت

06 يناير 2020
(الأهواز في عمل لـ عباس راضي)
+ الخط -

لا أعرفُ شيئًا عنها

الهذيانُ يقينٌ؛ والجنونُ يقينٌ؛ واليقينُ كلمةٌ؛ ياسميناتٌ وقواربُ ونيران. موسيقى لا أعرفُ شيئًا عنها إلّا رنين القوارب التي وصلت إلى الشاطئ متعبةً ومكسورة؛ تحملُ جثثَ نساءٍ قتيلاتٍ في غابة اليقين.


■ ■ ■


كأنّي نائمٌ

كأنّي نائمٌ في زهرة. أستوي على العواصف التي لا تستقيمُ أمامها القلاع. مزاجيَّةٌ هذه الشمسُ والسماءُ متعدّدة الوجوه؛ ووثنٌ واقفٌ في وحدته لا يزوره سوى رحالةٍ من عصر البنفسج.


■ ■ ■


أسكنُ في غيابِك

أسكنُ في غيابِك؛ جالسًا أتأمَّلُ صورتَك في الداخل وأرى نفسي متعدّدة المرايا ويصغرُ حجمي وأغيب؛ أغيبُ وأصيرُ نقطةً في قعر بئرٍ عميقةٍ؛ حيث أسكنُ في غيابِك.


■ ■ ■


وأنتِ لم تصدّقي

خرجتُ منّي ووقفتُ أشاهد. كان كلُّ شيءٍ مقلوبًا؛ ولم يكن لي نظير واحد. كان نظائر آخرين رأيتُهم في كلِّ شيء. الشجر والجدار والليل وسواد العين؛ وأنتِ لم تصدّقي.


■ ■ ■


تخيط فضاءات

تجاوزتُ هذا المكان إلى حدائقَ أخرى. أمشي بلا عَروض ولا هجاء؛ وهذا النصُّ تكتبه امرأةٌ تخيط للّيل مشاعر مؤلمةً وحكاياتٍ مسمومة. هذا النصُّ تخيطه خيّاطة؛ تمشي بإبرتها على هذه القطعة وتخيطُ فضاءاتٍ فارغةً ومخاوف.


■ ■ ■


مجهر

العينُ مجهرٌ. الظلامُ مجهرٌ. الجدار الأبدي مجهرٌ؛ وفي أيِّ شيء ينمو أو يحدث مجهرٌ؛ فيه عدسةٌ مكبِّرة ترصد الأفلاك والشواطئ؛ وأنا حجمٌ. جزءُ الجزء؛ أسكن في مساحتي الضيّقة. أنا مجهر.


■ ■ ■


إبرة

إبرةٌ في عين الليل. ثقبٌ في الشجر. صوتُ مهدٍ فارغٍ يهتزُّ في الصمت. إبرةٌ؛ ورجلٌ محكومٌ عليه بالسجن في ثقب الإبرة. دخلتُ إلى الثقب وصرتُ دائرةً؛ دائرةً صغيرةً في موتٍ بعيد.


■ ■ ■


كلُّ شيءٍ يتحرّك

كلُّ شيءٍ يتحرّك. الحجرُ والميِّتُ والقمرُ في عروق النبات. تتحرّكُ الحجرةُ القديمة وانعكاسُ الليل في زواياها يتحرّك؛ أمّا القلمُ فهو ثابتٌ في مكانه.


■ ■ ■


مركز العالم

سأجعلُ العالم الذي حولي هادئًا. سأكونُ مركز هذا العالم. سأقفُ في المركز؛ كي أتوافقَ معي؛ كي أقتربَني أكثرَ فأكثر. كي أدخلَ في داخلي هذه المرة وأتبعَ ظلّي؛ وأنا واقفٌ في المركز؛ في حلقة القاف داخل النقطة.


■ ■ ■


ادخلْ في عيني

ادخلْ في عيني واجلسْ في إنسان العين؛ في الكرة الزجاجية الصغيرة؛ الدائرةِ الحزينة في دوراتها. ادخلْ في تفاصيل العالم الخارج؛ وانظرْ إلى صراخ الموتى وسمِّ الخياط؛ تراني جالسًا في نفسي؛ بعيدًا عن أحزان الجنين الذي كنتُ؛ بعيدًا عن صَرْخة الحبّ.


* شاعر من الأهواز

المساهمون