ومنذ يوليو/تموز الماضي تحذر السلطات المغربية من احتمال وقوع هجوم إرهابي حقيقي من قبل تنظيم داعش، ولهذا السبب رفعت أقصى درجات الحذر واليقظة.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول أمني فرنسي، قوله إن المغاربة يعيشون الآن الفترة التي عاشتها فرنسا قبيل اعتداءات يناير/كانون الثاني، وإن المسألة التي تؤرقهم ليست هي معرفة إن كانوا سيواجهون اعتداءً، ولكن معرفة متى وأين.
وإذا كان المغرب لم يعرف أي اعتداء إرهابي منذ أبريل/نيسان 2011، فإن السلطات المغربية تعرف أن "الخطر الصفر لا يوجد". وتعترف دوائر أمنية مغربية أن عدد المغاربة الذين غادروا البلاد للالتحاق بتنظيم داعش في سورية والعراق هو في حدود 1300 شخص. وتضيف أنه يتم استجواب ومراقبة العائدين منهم، وتفكيك الكثير من شبكات التجنيد لفائدة الشبكات الجهادية، ولم يتمّ العثور على أي خلية.
ويراهن المغرب في بقائه بعيدا عن العدوى الإرهابية، كما ترى لوجورنال دي ديمانش، على أهمية جهاز الأمن المغربي وأجهزة استخباراته. وهو ما جعل الأجهزة الأمنية والاستخبارية الفرنسية على علاقة وثيقة جدا بنظيرتها المغربية، تفوق علاقاتها مع وكالة الاستخبارات الأميركية نفسها.
وتشير الصحيفة إلى تقديم فرنسا تنازلات "حقوق إنسانية"، بعد أن جمدت المغرب لكل تعاون في مجال الاستخبارات والأمن مع فرنسا على مدار عام كامل، ليعود الدفء إلى العلاقات بعد اعتداءات باريس الإرهابية في يناير/كانون الثاني الماضي، وبعد أن قبلت فرنسا بمبدأ "سيادية" المغرب في محاكمة موظفيه ومسؤوليه الأمنيين.
هذا التقارب أدى إلى منح وزير الداخلية الفرنسية برنار كازنوف وساما رفيعاً لأكبر مسؤول أمني مغربي (عبد اللطيف حموشي)، الذي كان يُحاكَم في فرنسا بتهمة تعذيب المعارضين المغاربة، وذلك مكافأة له على دوره في التعاون الأمني والاستخباراتي مع فرنسا وفي محاربة الإرهاب.
اقرأ أيضاً: العلاقات المغربية الفرنسية: "شارلي إيبدو" تصحح "انتكاسة" حمّوشي
كما يُعبّر المسؤولون الأمنيون المغاربة عن الارتياح لعدم تقاسم المغرب حدودا مع ليبيا، التي ترى فيها دوائر أمنية كثيرة، مَركزا لتصدير السلاح والمقاتلين لكل دول الجوار. في حين أن الحدود محكمة مع الجزائر ومع موريتانيا مُراقبةٌ بشكل صارم. كما أن تجارة السلاح شبه معدومة في البلد، إذ لم يُعثَرْ عند كل الموقوفين بعد التفجيرات التي عرفها المغرب في سنتي 2008 و2011، سوى على أسلحة بيضاء وبنادق صيد.
وكما هو شأن فرنسا والغرب، عموما، يبقى الخطر الداهم هو الإنترنت "السلاح اللامرئي"، الذي ساهم في تبني الكثير من الشباب المغربي لأفكار متطرفة.
ويعرف المغرب أن عصب اقتصاده هو السياحة، التي تُولّد ما يقرب من 9 في المائة من الناتج الداخلي الخام و5.5 مليارات يورو، وهو ما يُشغّل نصف مليون عائلة مغربية.
وتأثرت السياحة المغربية سلبا باعتداءات باريس الأخيرة، فقد انخفضت نسبة الحجوزات الفرنسية في المغرب بنسبة 60 في المائة، في الوقت الذي تُراهن فيه السلطات المغربية، وفق برنامج طموح، من الآن إلى سنة 2020 على جذب 20 مليون سائح سنويا.
ويبقى الجانب الديني (الدعوي) والأيديولوجي سلاحا آخر تعمل السلطات المغربية على استغلال، منذ فترة غير قصيرة. ويتجلى في تكوين المغرب لأئمة مغاربة وآخرين من دول الساحل والصحراء لمواجهة التطرف الديني والجهادي. وهو ما يجعل فرنسا التي تدّعي في كل مناسبة رفضَها لأي تدخل أجنبي في قضايا "الإسلام الذي تريده فرنسيا وجمهوريا" تأطيرا وتمويلا، تغضُّ الطرف عن الأئمة الذين يقوم المغرب بتكوينهم وتأطيرهم.
اقرأ أيضاً: وزير الأوقاف المغربي: مستمرون في محاربة الإرهاب