بشار لم ولن يتفاوض

05 فبراير 2016
ليست مصادفة أن يعتبر الجعفري عدم التفاوض "قرآنهم المنزل"(Getty)
+ الخط -
الاعتقاد بأن بشار الأسد قابل للإصلاح، أو من الممكن حتى خضوعه لحل سياسي يتقاسم فيه السلطة مع المعارضة، يشبه الاعتقاد بأن إسرائيل يمكن ألا تكون كياناً استعمارياً، أو الظن بأن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" قابل للعيش تحت مظلة المجتمع الدولي. هو حديث يناقض طبيعة الأشياء وعوامل وجودها. فنظام آل الأسد قائم منذ عقود على عقيدة ألا تنازل، مهما كلف الأمر. ويرى أن هذا ناجح جداً حتى اللحظة، لدعم سلطته، وهي الأهم في سياقه. أما أحاديث السيادة والاستقلال الوطني ومحاربة الإرهاب والطائفية، فهي أحاديث للاستهلاك الإعلامي، الرخيص جداً.

ليست مصادفة أن يرفض بشار الجعفري كلمة "تفاوض" ويتحدث عن "محادثات"، ويعتبر عدم التفاوض "قرآنهم المنزل". فهذه هي عقيدة النظام حقيقة، لا على سبيل الاستعارة. النظام لم يتراجع خطوة إلى الوراء، ويعاقب موظف "درجة عاشرة" في الدولة، في محافظة درعا، في محاولة لنزع فتيل أول صدام شعبي بين النظام والسوريين، إبان ثورات الربيع العربي في بدايات 2011. ولم يتزحزح عن مواقفه وجنوده ينشقون، وأراضيه تفلت من سيطرته، وإيران تجلب له المرتزقة الطائفيين العقائديين من أفغانستان إلى لبنان، مرورا بالعراق، فهو لم يفعلها وهو يرى أن المجتمع الدولي ضده، وهو ينزف على الأرض، فلن يفعلها اليوم، وروسيا تحارب معه، والمجتمع الدولي بات يرى في بشار شريكا محتملا للحرب على "الإرهاب" الذي يضرب دولا غربية ويهدد أخرى، فهذا هو التعريف الحصري للإرهاب عند المجتمع الدولي، ولا يشمل قتل مئات الآلاف من السوريين، وتشريد الملايين.

أي مفاوضات لن تنجح إلا عندما يصل النظام إلى شفير الهاوية، فعقيدة آل الأسد لا تعبأ بالبشر، ولا يهمها عدد القتلى والجرحى والمشردين، ولا "القاعدة" أو "داعش". نظام الأسد هو من سهل مهام الجهاديين السلفيين في العراق، بشهادة نوري المالكي نفسه، أحد حلفاء الأسد نفسه. العقيدة الوحيدة هي بقاء النظام أو فناؤه. فكل ما يحدث اليوم من تحركات على المجتمع الدولي، هي لتأهيل إرهابي يقتل شعبه، لمواجهة إرهابي آخر، يقتل الشعب السوري والعراقي أيضاً، ولكن الأهم، أنه يقتل غيرهم، وهذا هو خط المجتمع الدولي الأحمر.
المساهمون