تقاطعت التطورات الميدانية في محافظة إدلب السورية، والتصريحات التي أدلى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، مع معلومات حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر تركية، لتفيد جميعها ببدء التطبيق العملي للتفاهمات التركية الروسية التي تبلورت بين الطرفين خلال الآونة الأخيرة بعد سلسلة من الاتصالات والمشاورات، والقائمة على تحييد طيران النظام السوري عن المنطقة، ووقف قصفه على إدلب ومحيطها، بالتوازي مع تسيير دوريات تركية وروسية في المنطقة منزوعة السلاح، مع تحرك مستمر لأنقرة لحل أزمة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة).
وبدأت تركيا وروسيا تسيير دوريات في المنطقة منزوعة السلاح في شمال غربي سورية وفق اتفاق سوتشي، في خطوة أكدت أنقرة أهميتها "لحفظ الاستقرار ووقف إطلاق النار" في تلك المنطقة، غير أن شكوكاً كثيرة لا تزال قائمة حول نجاح هذا التطور في تحقيق هدوء مستدام في المنطقة، في ظل مخاوف من أن هذه الإجراءات مؤقتة بعد إرسال روسيا والنظام رسائل متعددة عن سعيهما لمد نفوذهما إلى المنطقة. كذلك، يبقى ملف "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة) بلا حل حتى الساعة، فيما تؤكد مصادر تركية لـ"العربي الجديد" أن أنقرة تواصل مساعيها لإيجاد خطة لحسم هذا الموضوع.
وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أمس الجمعة، أن القوات التركية بدأت أمس في تسيير دوريات في المنطقة منزوعة السلاح، فيما سيّرت روسيا دوريات في المنطقة الحدودية خارج إدلب، معتبراً ان "الدوريات التركية والروسية في إدلب تعد خطوة هامة لحفظ الاستقرار ووقف إطلاق النار". وأضاف أكار في تصريح لوكالة "الأناضول": "اعتباراً من اليوم زالت بعض التهديدات المتعلقة بالمجال الجوي لإدلب وعفرين"، مشيراً إلى أن "التنسيق مع روسيا وإيران بشأن إدلب وتفاهم سوتشي ساهم في منع كارثة إنسانية كبيرة"، لافتاً إلى أنه "لا يوجد أي تواصل لنا مع النظام السوري، وتواصلنا قائم مع روسيا وعند الضرورة مع إيران". وتابع "أكبر شكوى لدينا من النظام خرقه لوقف إطلاق النار... ننتظر منهم الالتزام به، ونطلب من الروس وقف النظام (عن شن الهجمات) في إدلب"، محذراً من أنه "في حال استمرت الهجمات وبدأت الهجرة، فإن لجوء 3.5 ملايين شخص لن يكون فقط إلى تركيا وأوروبا وإنما إلى الولايات المتحدة أيضاً". كما أكد أن "عملية الفرز بين المعارضة والمجموعات الراديكالية في إدلب لا تزال متواصلة".
وفي السياق، قالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن القوات التركية بدأت بتسيير دوريات عسكرية أمس من خطوط التماس المتمثلة في نقطتي عندان والعيس، إضافة إلى نقطة دارة عزة في ريف حلب، مشيرة إلى أن الدوريات ستكون مصحوبة بطائرات استطلاع، وتسير ضمن الطرق المحددة لسير الأرتال التركية، على أن تتألف كل دورية من سيارتين مصفحتين برفقة سيارتين من "فيلق الشام"، وتُجري ثلاث جولات يومياً، ذهاباً وإياباً، بين كل نقطة وأخرى. وأوضحت المصادر أن آليات الدوريات ستكون مزودة بأجهزة رصد، وستقوم بالتبليغ عن المواقع التي تتعرض للقصف، ثم تتوجه لمعاينة مكان القصف، وإبلاغ النقطة التركية في المنطقة بنتائج المعاينة من خلال تقرير مفصل، والتي ترفع بدورها التقرير إلى القيادة العسكرية التركية، التي توصله إلى الجانب الروسي.
من جهتها، أوضحت مصادر تركية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أن حديث أكار عن التنسيق مع روسيا حول إدلب، نابع من توافق جديد، ينص على وقف قصف النظام لمناطق المعارضة، مقابل البدء بعملية تسيير الدوريات في كل طرف. وأشارت المصادر إلى أن الثمن الروسي لوقف الخروقات والتهدئة في منطقة خفض التصعيد في إدلب، هو الانتقال إلى بند تسيير الدوريات في المنطقة منزوعة السلاح، وفق اتفاق سوتشي. ولفتت المصادر إلى أن التصعيد الأخير من قِبل النظام في إدلب، يأتي كضغوط روسية إيرانية على تركيا عبر تحريك النظام، بهدف الضغط على أنقرة في ملف شرق الفرات، فكلما حصل تقارب وتوافق بين الأتراك والأميركيين حول هذا الملف تعود الخروقات في إدلب إلى الواجهة.
اقــرأ أيضاً
وبالنسبة لملف "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة)، أوضحت المصادر التركية أن العمل جارٍ بشكل مكثف من قِبل أنقرة لوضع خطة من أجل حل الهيئة ودمجها مع المعارضة، لافتة إلى أن الخطة التركية تقوم على دمج العناصر السورية من "النصرة" في المعارضة، واستبعاد العناصر الأجنبية، ولكن تركيا تواجه مشكلة وهي الانشقاقات التي تحصل في "جبهة النصرة"، وانتقال المنشقين إلى تنظيم "حراس الدين" المتشدد المتواجد أيضاً في المنطقة، وهذا التنظيم يُعتبر من أشد الجهات التي تعرقل الخطة التركية لاستيعاب "النصرة" ودمجها مع المعارضة.
وتوقعت المصادر التركية أن تواصل أنقرة عملها على خطة حل "جبهة النصرة" خلال الفترة المقبلة، موضحة أن الخطة قد تأخذ قرابة الشهرين لتتبلور وتبدأ عملية تطبيقها، وخلال هذه الفترة ستواصل تركيا وروسيا إعادة التموضع في المنطقة، مضيفة "ربما تكون المرحلة المقبلة هي مرحلة الثمن الذي تطالب به روسيا للموافقة على الانتشار التركي في المنطقة الآمنة، وتشمل مطالب بعودة سيطرة النظام إلى شرق الطريق الدولي بين حلب واللاذقية، ومنطقة شمال سهل الغاب باتجاه اللاذقية، وهو ما يضع مدينة جسر الشغور تحت خطر عودتها للنظام". ولكن المصادر شددت على أن كل ذلك مرتبط بما ستحمله الأشهر المقبلة، مع تواصل المشاورات بين تركيا والولايات المتحدة حول شرق الفرات و"المنطقة الآمنة"، في ظل حديث المصادر التركية عن تحقيق تفاهمات بين واشنطن وأنقرة، ولكنها توافقات أقل من الطموحات التركية، في أجواء تُعتبر مقبولة حتى الآن.
ولكن شكوكاً كثيرة تبقى قائمة حول التزام روسيا والنظام بتهدئة في إدلب. وأعرب القيادي في فصيل "جيش العزة" المعارض، مصطفى بكور، عن اعتقاده بأن "كل ما يحصل عبارة عن إجراءات مؤقتة قد تمتد لبضعة أشهر لأن الروس والإيرانيين والنظام لا عهد لهم ولا ميثاق". وأضاف بكور في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "في ظل رغبة روسيا بتوسيع رقعة نفوذ النظام، لا بد أن المعركة آتية، على الرغم من سعي الأتراك لإيجاد حالة هدوء واستقرار طويل الأمد تؤدي إلى إنجاز حل سياسي".
وعن توقعاته بعد هذه التطورات الجديدة، قال بكور: "أعتقد أن التصعيد الميداني سيخف مؤقتاً، لكن الهدوء النسبي سيكون فترة تجهيز من قبل النظام والمليشيات الإيرانية والروس لعمل عسكري على الشمال السوري المحرر". وأضاف أن لا علم لديه بالبنود الأخرى التي تضمّنتها التفاهمات التركية-الروسية الأخيرة، خصوصاً ما إذا كان قد طُلب بموجبها من تركيا القيام بخطوات ضد التنظيمات المتطرفة في إدلب، متوقعاً أن تسود المنطقة في المرحلة المقبلة حالة من الهدوء المؤقت قد تمتد لأشهر، ثم تلي ذلك "محاولة روسية لإعادة الشمال تحت سلطة الأسد".
من جهته، أعرب المحلل العسكري العميد أحمد رحال، عن اعتقاده بأن عمليات القصف التي يقوم بها النظام وإيران تتم بالتنسيق مع روسيا للضغط على تركيا من أجل فتح الخطوط الدولية كما تريد موسكو أو من أجل السيطرة على محيط هذه المناطق. وأضاف رحال في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه من غير الواضح ما إذا كانت التفاهمات الروسية-التركية الأخيرة تُبقي الوضع على ما هو عليه أم أن روسيا رضخت لمطالب تركيا، بإزاحة الخيار العسكري نهائياً، معرباً عن اعتقاده بأن العلاقة الروسية-التركية تشهد حالة شد وجذب، وعض أصابع بين الطرفين، وكل منهما يحاول تصعيد ضغوطه على الآخر لتحسين شروطه في موضوع إدلب.
اقــرأ أيضاً
وفي السياق، قالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن القوات التركية بدأت بتسيير دوريات عسكرية أمس من خطوط التماس المتمثلة في نقطتي عندان والعيس، إضافة إلى نقطة دارة عزة في ريف حلب، مشيرة إلى أن الدوريات ستكون مصحوبة بطائرات استطلاع، وتسير ضمن الطرق المحددة لسير الأرتال التركية، على أن تتألف كل دورية من سيارتين مصفحتين برفقة سيارتين من "فيلق الشام"، وتُجري ثلاث جولات يومياً، ذهاباً وإياباً، بين كل نقطة وأخرى. وأوضحت المصادر أن آليات الدوريات ستكون مزودة بأجهزة رصد، وستقوم بالتبليغ عن المواقع التي تتعرض للقصف، ثم تتوجه لمعاينة مكان القصف، وإبلاغ النقطة التركية في المنطقة بنتائج المعاينة من خلال تقرير مفصل، والتي ترفع بدورها التقرير إلى القيادة العسكرية التركية، التي توصله إلى الجانب الروسي.
من جهتها، أوضحت مصادر تركية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أن حديث أكار عن التنسيق مع روسيا حول إدلب، نابع من توافق جديد، ينص على وقف قصف النظام لمناطق المعارضة، مقابل البدء بعملية تسيير الدوريات في كل طرف. وأشارت المصادر إلى أن الثمن الروسي لوقف الخروقات والتهدئة في منطقة خفض التصعيد في إدلب، هو الانتقال إلى بند تسيير الدوريات في المنطقة منزوعة السلاح، وفق اتفاق سوتشي. ولفتت المصادر إلى أن التصعيد الأخير من قِبل النظام في إدلب، يأتي كضغوط روسية إيرانية على تركيا عبر تحريك النظام، بهدف الضغط على أنقرة في ملف شرق الفرات، فكلما حصل تقارب وتوافق بين الأتراك والأميركيين حول هذا الملف تعود الخروقات في إدلب إلى الواجهة.
وبالنسبة لملف "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة)، أوضحت المصادر التركية أن العمل جارٍ بشكل مكثف من قِبل أنقرة لوضع خطة من أجل حل الهيئة ودمجها مع المعارضة، لافتة إلى أن الخطة التركية تقوم على دمج العناصر السورية من "النصرة" في المعارضة، واستبعاد العناصر الأجنبية، ولكن تركيا تواجه مشكلة وهي الانشقاقات التي تحصل في "جبهة النصرة"، وانتقال المنشقين إلى تنظيم "حراس الدين" المتشدد المتواجد أيضاً في المنطقة، وهذا التنظيم يُعتبر من أشد الجهات التي تعرقل الخطة التركية لاستيعاب "النصرة" ودمجها مع المعارضة.
وتوقعت المصادر التركية أن تواصل أنقرة عملها على خطة حل "جبهة النصرة" خلال الفترة المقبلة، موضحة أن الخطة قد تأخذ قرابة الشهرين لتتبلور وتبدأ عملية تطبيقها، وخلال هذه الفترة ستواصل تركيا وروسيا إعادة التموضع في المنطقة، مضيفة "ربما تكون المرحلة المقبلة هي مرحلة الثمن الذي تطالب به روسيا للموافقة على الانتشار التركي في المنطقة الآمنة، وتشمل مطالب بعودة سيطرة النظام إلى شرق الطريق الدولي بين حلب واللاذقية، ومنطقة شمال سهل الغاب باتجاه اللاذقية، وهو ما يضع مدينة جسر الشغور تحت خطر عودتها للنظام". ولكن المصادر شددت على أن كل ذلك مرتبط بما ستحمله الأشهر المقبلة، مع تواصل المشاورات بين تركيا والولايات المتحدة حول شرق الفرات و"المنطقة الآمنة"، في ظل حديث المصادر التركية عن تحقيق تفاهمات بين واشنطن وأنقرة، ولكنها توافقات أقل من الطموحات التركية، في أجواء تُعتبر مقبولة حتى الآن.
وعن توقعاته بعد هذه التطورات الجديدة، قال بكور: "أعتقد أن التصعيد الميداني سيخف مؤقتاً، لكن الهدوء النسبي سيكون فترة تجهيز من قبل النظام والمليشيات الإيرانية والروس لعمل عسكري على الشمال السوري المحرر". وأضاف أن لا علم لديه بالبنود الأخرى التي تضمّنتها التفاهمات التركية-الروسية الأخيرة، خصوصاً ما إذا كان قد طُلب بموجبها من تركيا القيام بخطوات ضد التنظيمات المتطرفة في إدلب، متوقعاً أن تسود المنطقة في المرحلة المقبلة حالة من الهدوء المؤقت قد تمتد لأشهر، ثم تلي ذلك "محاولة روسية لإعادة الشمال تحت سلطة الأسد".
من جهته، أعرب المحلل العسكري العميد أحمد رحال، عن اعتقاده بأن عمليات القصف التي يقوم بها النظام وإيران تتم بالتنسيق مع روسيا للضغط على تركيا من أجل فتح الخطوط الدولية كما تريد موسكو أو من أجل السيطرة على محيط هذه المناطق. وأضاف رحال في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه من غير الواضح ما إذا كانت التفاهمات الروسية-التركية الأخيرة تُبقي الوضع على ما هو عليه أم أن روسيا رضخت لمطالب تركيا، بإزاحة الخيار العسكري نهائياً، معرباً عن اعتقاده بأن العلاقة الروسية-التركية تشهد حالة شد وجذب، وعض أصابع بين الطرفين، وكل منهما يحاول تصعيد ضغوطه على الآخر لتحسين شروطه في موضوع إدلب.