يبدو مشهد انطلاق العام الدراسي الجديد في فلسطين مختلفا في ظل جائحة كورونا وما فرضته من إجراءات صحية، ويضاف إلى تلك الإجراءات الأزمات المالية للسلطة الفلسطينية، وكذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
داخل الصف الأول في مدرسة أساسية للبنات تابعة لوكالة "أونروا"، في مخيم الأمعري بمدينة البيرة، كانت الفرحة ترتسم على وجوه الفتيات اللاتي يلتحقن للمرة الأولى بالمدرسة. وقالت المرشدة النفسية، شيرين سرحان، لـ"العربي الجديد"؛ إن "دخول الطالبات إلى المدرسة كان بعد قياس درجة حرارتهن، وهن داخل الصف يرتدين الكمامات، فيما تمتلئ المقاعد الدراسية بالمعقمات".
وبوجود المرشدة النفسية مع معلمة الصف، كانت أول حصة دراسية حول طرق الوقاية من الفيروس، تارة بالشرح، وتارة بأغنية تتحدث عن كورونا، وأوضحت سرحان: "هذا الوضع صعب على الكبار والصغار، وطلبة الصف الأول الملتحقون حديثاً بالمدرسة يحتاجون أصلا إلى جهد كبير لدمجهم، قبل أن يضيف كورونا عبئاً آخر بسبب الإجراءات، والتعليم المدمج بين الدوام المدرسي والتعليم عن بعد".
بدأ العام الدراسي للصفوف من الأول وحتى الرابع الأساسي في كل المدارس الحكومية والخاصة والتابعة لوكالة "أونروا" في الضفة الغربية، بما يعادل 265 ألف طالب، من أصل مليون وأربعمائة ألف طالب فلسطيني. وتم تقسيم الشعب الصفية لضمان التباعد الجسدي، فأقرت الوكالة أن يكون في كل شعبة 25 طالباً، وأقرت الحكومة الفلسطينية نصف العدد في كل شعبة، على أن يوزع الطلبة على فترتين.
وقال رئيس برنامج التعليم في الوكالة في الضفة الغربية، معاوية عمرو، لـ"العربي الجديد"، إنه تقرر تقسيم الطلبة في الصفوف ليكونوا بحد أقصى 25 طالباً، لكن ذلك زاد التحدي بسبب نقص التمويل المتواصل منذ سنوات، ما يدفع إلى توجيه المصادر المتوفرة بما يضمن الاستفادة الأمثل منها.
وقام رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، ووزير التربية والتعليم، مروان عورتاني، بجولة على عدد من المدارس في مدينتي رام الله والبيرة، الأحد. وقال اشتية، لممثلي وسائل الإعلام، إن "قدوم الطلبة من الصف الأول وحتى الرابع إلى مقاعد الدراسة عملية تجريبية. سنراقب الوضع، وإذا بقيت مستويات الإصابة على ما هي عليه؛ سندعو الطلبة من الصف الخامس وحتى الحادي عشر للحضور".
وأكد اشتية وجود بروتوكول أعدته كل من وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم في حال حدوث انتكاسة في أي مكان، يسمح بمعرفة متى يجب عدم مجيء الطالب إلى المدرسة، أو إغلاق الصف أو المدرسة، موضحا أن تخوف الأهالي على أبنائهم في ظل أعداد إصابات مرتفعة يوميا في فلسطين "في محله، ولكن الوزارة والحكومة تحضر للعام الدراسي منذ ثلاثة أشهر، مع وجود بث لحصص مدرسية على قنوات تلفزيونية، وتعليم عن بعد".
وعرّج رئيس الوزراء الفلسطيني على الأزمة المالية التي تضطر الحكومة منذ أشهر لدفع نصف مرتبات الموظفين، وقال: "هذا ظرف صعب واستثنائي، وأدرك أن المعلمين يتقاضون خمسين في المائة من الرواتب، ولكن نحن في آخر الأزمة، ودخلنا في مربع محاولة إسرائيل ابتزازنا وابتزاز أهلنا وموقفنا السياسي؛ لذلك سنبقى في موقف صلب إلى أن يزول هذا. الظروف صعبة؛ لكن في الحد الأدنى استطعنا عمل شيء من لا شيء، وهذه أزمات مفروضة علينا وليست من صنع أيدينا".
وكانت وزارة التربية والتعليم قررت عودة طلبة الثانوية العامة إلى مقاعد الدراسة قبل نحو شهر كمرحلة أولى، قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من انطلاق العام الدراسي رسمياً اليوم، مع اعتماد إجراءات صحية، وأخرى متعلقة بالتعليم وفقاً لتقسيم الشعب الصفية، وتقليل العدد فيها، واعتماد التعليم المدمج عبر التعليم الوجاهي والتعليم عن بعد، وإطلاق فضائية تعليمية.