انحسار "العاصفة"

18 ديسمبر 2016
معسكرات التدريب شملت مختلف الفئات العمرية (Getty)
+ الخط -
بغض النظر عن السجال القديم بين الحركات الفلسطينية حول صاحب "الطلقة الأولى" في الكفاح المسلح، والذي عادة ما تنسبها "فتح" إلى نفسها حتى باتت مرتبطة عملياً باسمها، إلا أنه لا يمكن إغفال الدور الذي قامت به الحركة في مسار الكفاح المسلح منذ ستينيات القرن الماضي وصولاً إلى مطلع الألفية الجديدة، قبل أن ينحسر دورها العسكري تدريجياً مع انكفائها باتجاه التحوّل إلى "حزب سلطة"، وهو ما كرّسه المؤتمر السابع للحركة الذي اختتم الشهر الماضي.
ولعل اسم "العاصفة" الذي اقترن بحركة "فتح"، باعتباره جناحها العسكري، طبع مرحلة الكفاح المسلح بالكثير من المحطات التي أسست للعمل المقاوم في الفترات اللاحقة، حتى وإن انكفأت "فتح" في السنوات الأخيرة عن تأدية هذا الدور. إذ كانت للحركة مساهمات في تدريب الكثير من المقاتلين وتأهليهم لينتقلوا بعد ذلك إلى فصائل أخرى كانت لها بصمتها أيضاً في العمل الوطني.
محطات أساسية في مسار العمليات العسكري، لعل أولها كان في تفجير نفق عيلبون الأول من يناير/كانون الثاني 1965، والتي شكلت التاريخ الرسمي لانطلاق الكفاح المسلح. تلتها عملية كفار هيتس في 28 فبراير/شباط 1965 من العام نفسه. وتوالت بعدها العمليات المحدودة في أكثر من منطقة، إلى أن جاءت معركة الكرامة في 21 يونيو/حزيران 1968، حين تمكّنت المقاومة من منع تقدّم قوات الاحتلال باتجاه الضفة الشرقية للأردن، وتمكنت مجموعات الفدائيين والجيش الأردني من قتل 250 جندياً وجرح 450 وتدمير 88 آلية.
تلاحقت بعد ذلك المحطات الأساسية في مسار "فتح" العسكري في مواجهة الاحتلال، وكان أبرزها في لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي، والمعارك التي خيضت هناك لوقف تقدّم الجيش الإسرائيلي، بمؤازرة من فصائل لبنانية عدة، وهي التي انتهت إلى مغادرة رجال المقاومة الفلسطينية إلى تونس، حيث بدأت مرحلة جديدة من العمل السياسي والعسكري، كان أبرزها الدور الذي اضطلع به خليل الوزير (أبو جهاد) في الانتفاضة الأولى، والذي أدى إلى اغتياله في تونس عام 1988.
بعد اتفاقات أوسلو في عام 1993، انكفأ الدور العسكري لـ"فتح"، وغاب اسم "العاصفة" من التداول، غير أن دور "فتح" العسكري عاد للظهور مع الانتفاضة الثانية في سبتمبر/أيلول عام 2000، مع بروز مسمّى جديد هو "كتائب شهداء الأقصى". اسم وإن بقي حاضراً إلا أنه يمكن ضمه إلى مسار الانحسار الذي وصلت إليه "العاصفة".

(العربي الجديد)