انتظار الوردة

04 ديسمبر 2019
هاني زعرب/ فلسطين
+ الخط -

شجرتان تخاصمتا على الهواء

ما الذي نكتبه سوى ما يلهث
كي يقبض على مشهدٍ من طفولة
حين أكتب:
"ركبتك كالبحر ترجّ الوقت لينزف"
ألا يعني ذلك أنّي أهمس:
"باب المطبخ شراعٌ في موج التراب"؟
ألا يعني أنّي أحنّ لصباحٍ باكرٍ
يرتدي قرطاً من صياح الديك
بحليبٍ على طاولةٍ خشبيةٍ
أميّز كل خشبةٍ فيها عن قريبتها،
فأتذكّر أنّني كنت الصلح الليلة الفائتة
بين شجرتين تخاصمتا على الهواء؟
ألا يعني أنّني أنقّب في البحر عن أجسادٍ
كي أعثر على الحراشف الذهبيّة
لسمكتي النافقة، فأسبح بخفّةٍ
بين موجةٍ وأختها؟
ألا أكتب:
"لماذا أنجبتْ أمّي طفلًا جديدًا؟"
حين أكتبُ:
"لماذا خلّفتِني وحيدًا؟"


■ ■ ■


الشهوة الزرقاء

أيتها الشهوة الزرقاء
ضعي أسواري في معصمك
الذي يسند الثمرة
ثبّتي أقراطي في أذنك
التي تهتزّ للنسغ
بدّدتُ لأجلك خاتمي المحفور
بالأفعى
أضأتُ غبارك الذهبي بانكسار
المرآة
وخنتُ أقنعة الرياح
حين عبرتِ الغابة
فأفلتتْ أسماءَها


■ ■ ■


أبواق

قدماك المضيئتان في العشب
شفّافتا الأظافر لئلّا تفزعا
انتظار الوردة
تنفخ قامتك في أبواقهما العشر
فترتعش الفراشة
في معطفها المعتّم


■ ■ ■


صباح

أفكارك السريّة
وأنت تسقين النبتة
الوحيدة في الغرفة
تهزّ الإبرة الساكنة داخلي
فيشتعل العسل في
الحصان


■ ■ ■


بيت

كان بيتًا تطلي اليقظة
جدرانه الرطبة
الشمس في نوافذه
تسرق فرو القطة
الخوف يهزّ مصابيحه الألف
دمىً تلتصق بالأصابع
والأسرّة خشبٌ ينجو دائمًا
من الغرق


■ ■ ■


لعب

البحر خلف البيت
المصباح خلف البحر
الأصوات تأخذ شكل
ثمرةٍ
تسقط
دائمًا
إلى
أعلى


■ ■ ■


سطر قيثارة لطاغور

"فاعقدي لي من شعرك وردةً لا شبيه لها في العوالم"...
لا أحد يعلم كم أنت جميلةٌ،
لا طاغور ولا ماءَكِ.
بوسع التنفّس قربك أن ينسج السماء
من موجٍ لا بوارج في زبده،
بوسعه أن يقيني لعنة الولادة،
أن يطهّرني لأصنع من جسدي
حبال غسيل.
من يقوى على النّظر إليك
دون أن يفقد ذاكرته؟
وكيف لا يتذكّر نفسه غدًا
حين يصير سهمًا
تسدّده الساعة من برجها؟
أيّة تعويذةٍ تلك التي ينفثها عطرك؟
تجمعني مع ملوك الجان
توقّف نزيف شجرةٍ قرب نافذتي
تخترق بي الجدران
تجعلني حكيمًا:
لا أقرأ في سفر الجامعة
سوى نشيد الإنشاد...
أيّة تعويذة ينفثها عطرك...
وكلّك عطرك؟
فاعقدي لي من شعرك زنبقةً
لأتسلّق حجارة المنارة
غارسًا ساقها في الشقوق
وألقاك في النافذة
فينشر ضوء حجرتك
ظلّي على البحر


* شاعر من القدس

المساهمون