لوني هولي: أغنيةٌ تنبع من الداخل

05 يوليو 2024
لوني هولي
+ الخط -
اظهر الملخص
- **افتتاح معرض "البحث عن الكلّ" في لندن**: يفتتح الفنان لوني هولي معرضه الجديد في "مركز كامدن للفنون" بلندن، ويستمر حتى 15 سبتمبر، ويشمل أعمالاً نفذها خلال إقامته في بريطانيا وإيطاليا، ويبدأ بحفل موسيقي.

- **تأثير حركة الحقوق المدنية على أعمال هولي**: تعكس أعمال هولي القمع والاستغلال المنهجي للسود وإرث العبودية، مستلهماً من حركة الحقوق المدنية منذ خمسينيات القرن الماضي.

- **استخدام المواد المعاد تدويرها في أعمال هولي**: يعتمد هولي على الخردة المعدنية والأجهزة المكسورة لإبراز رموز من ماضي الأفارقة وتفسير واقعهم الراهن، مؤمناً بأن الفن وسيلة للتعبير عن القضايا الإنسانية.

في مفتتح أغنيته "البحث عن الكلّ (كلّ الحقيقة المقدّمة)" التي أدّاها عام 2012، يُردّد الفنّان والموسيقي ومُعلّم الفنون الأميركي من أصل أفريقي، لوني هولي (1950): "أبحث عن كلّ ما يأتي من روحي، أبحث عن كلّ شيء في مكان ما في داخلي".

بعنوان الأغنية نفسها، يفتتح معرضه الجديد مساء اليوم الجمعة في "مركز كامدن للفنون" بلندن، والذي يستمرّ حتى الخامس عشر من أيلول/ سبتمبر المقبل، ويضمّ أعمالاً نفّذها خلال العامين الأخيرين أثناء إقامة فنّية في بريطانيا وأُخرى في إيطاليا.

يضيء المعرض، الذي يفتتح بحفل موسيقي يقدّمه هولي، تجربة أحد أبرز الفنّانين السود في ولايات الجنوب الأميركي، والممتدّة لأكثر من أربعة عقود، ركّزت على العلاقة بين المهمَّشين والمهمِّشين، وامتزج فيها البُعد الشخصي بقضايا سياسية واجتماعية كبرى، فعكست الفقر وسوء المعاملة اللذين عانى منهما أثناء نشأته في الجنوب الأميركي الذي لا يزال منقسماً بشدّة، رغم تعديل القوانين والسياسات.

رموزٌ من ماضي الأفارقة لتفسير راهنهم في الولايات المتّحدة

في صلب هذه التجربة، يَبرز انغماسه في حركة الحقوق المدنية التي بدأت نشاطها منذ خمسينيات القرن الماضي، بهدف تحقيق المساواة بإنهاء الفصل والتمييز العنصري، وإقرار الحقوق المدنية للأميركيّين الأفارقة، وبلورتها في اتجاهين: رفض المنظومة الثقافية السائدة، وإنشاء أيقونات تُكثّف، على نحو رمزي، حياة السود وآلامهم وأحلامهم.

يعود المعرض إلى بدايات التجربة، حيث تعلّم هولي الفنّ عندما كان طفلاً يلهو في الحقول المحيطة بمنزله في مدينة برمنغهام بولاية ألاباما الأميركية، فاهتمّ بدورات تجديد المواد العضوية المتحلّلة في التربة، وجمع زجاجات الدواء، وغيرها من المواد التي تُشكلّ مرجعيات بصرية ووسائط تُمثّل رؤيته الفنّية التي استندت بشكل أساسي إلى الوعد الفاشل لــ"الحلم الأميركي".

الصورة
من المعرض
من المعرض

تهيمن ثيمة القمع والاستغلال المنهجي للسود وإرث العبودية على أعمال هولي، لكنّه يذهب إلى ما هو أبعد من ناحية المضمون، سواء في التمسّك بجذور عميقة ترتبط بمكان وماضٍ مؤلمين بالنسبة إلى الأميركيّين الأفارقة، أو بمستقبل البشرية على كوكب تتدهور فيه ظروف الحياة، والروابط الإنسانية التي تجمع الأفراد من مختلف الثقافات وجغرافيات العالم.

يستكشف المعرض، أيضاً، موقع الفنّان ضمن تيارات الفنّ المُعاصر أميركياً وعالمياً، عبر تتبّع مراحل تجربته بدءاً من عام 1979، حين نحت شواهد القبور لابنيْ أخته اللذين فارقا الحياة في حريق أصاب منزلهما، ولم يكن المشهد غريباً على هولي الذي عمل حفّار قبور لسنوات عدّة، بالإضافة إلى مهن عدّة، منها قطف القطن، والطهي في مراكز ألعاب الأطفال، والعمل في مدرسة صناعية وغيرها.

الصورة
من المعرض
من المعرض

استخدم الفنّان، في منحوتته الأُولى، كتلاً من الحجر الرملي الناعم، وهو منتج ثانوي من صب المعادن، والذي وجده ملقىً في أكوام نفايات بالقرب من منزل شقيقته، وهي المادة التي سترافقه في رحلته، حتى أُطلق عليه لقب "رجل الرمال". ويعتقد هولي بأن تدخّلاً إلهياً قاده إلى هذه المادّة، بحسب تصريحات سابقة، بالنظر إلى قوّتها التعبيرية.

تهيمن ثيمة القمع واستغلال السود وإرث العبودية على أعماله

زاوج لوني هولي بين الرسم والأعمال التجهيزية والنحت، لكن جزءاً كبيراً من أعماله اعتمد على الخردة المعدنية والأجهزة الكهربائية المكسورة، والآلات الموسيقية القديمة، والملابس البالية، التي واظب على جمعها منذ الثمانينيات، لإبراز رموز من ماضي الأفارقة سعياً لتفسير واقعهم الراهن في الولايات المتّحدة، وجدها في النحت المصري القديم والأقنعة الأفريقية.

لا يرى الفنّان أنّ غاية الفن التي سعى لتحقيقها قد اختلفت بالنسبة إليه، مهما حاول النقّاد التركيز على التجريب في استخدام الوسائط، أو على بُعد جمالي فنيّ محض، إذ يوضّح، في مقابلة صحافية له، بأنّه عبّر بكلّ الوسائل الممكنة من أجل الاعتراف بالقضية الإنسانية التي يؤمن بها، لا من أجل الاعتراف به فنّانا. مقولة تتّسق مع خاتمة أغنية "البحث عن الكلّ (كلّ الحقيقة المقدّمة)"، والتي يقول فيها إنّ الحقيقة تنبعث "من مكان داخلي، سميته 'نفسي'".

المساهمون