وزادت مخاطر التنمر وتداعياته الاجتماعية والنفسية في الآونة الأخيرة، إذ تشير تقارير إلى أن 62 بالمائة من فلسطينيي الداخل يستخدمون الشبكة العنكبوتية قصد التصفح والتبحر في عالم الإنترنت، ونسبة مهمة منهم تزور مواقع التواصل أكثر من مرة في اليوم.
يتداول الطلاب وينقلون الرسائل عبر الشبكات الاجتماعية بشكل يومي، وفي خضم هذه العملية التفاعلية يظهر التنمر، وهو سلوك عنيف ومؤذٍ متكرر مثل إرسال نص أو صور من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عبر شبكة الإنترنت يهدف من خلاله الشخص إما إلى الافتراء أو التحرش أو الإقصاء أو الإحراج، وأحياناً حتى ممارسة التعذيب والتخويف.
وللحدّ من مخاطر التنمر الإلكتروني وتأثيراته، خاصة على الجيل الناشئ، تواصل جمعية التطوير الاجتماعي بحيفا عملها على "مشروع التنمر الإلكتروني" الذي بدأ قبل خمس سنوات وللسنة السادسة على التوالي في المدارس العربية، كما تقول مديرة الجمعية فيحاء عوض لـ"العربي الجديد"، موضحة أن المشروع يمتد قطرياً للبلدات العربية.
وتوضح عوض أن المشروع ركّز في بدايته على الجانب التوعوي والتثقيفي لمخاطر التنمر، عندما كان المصطلح غير مفهوم وقليل التداول، "اشتغلنا على تعريف التنمر ومخاطره وحذّرنا من وسائل التواصل الاجتماعي، كما وجهنا وما زلنا بضرورة الإلمام بكيفية التعامل مع الفضاءات الافتراضية، وحالياً نهتم بالطواقم التربوية في المدارس، من خلال تنظيم أيام دراسية وتوجيهية لهم باعتبارهم شركاء في عملية التوعية بمخاطر التنمر والمساهمة في الحد من رقعة انتشاره عبر تقاسم المعلومات وتمريرها على كل المربين والمعلمين وبالتالي ضمان وصولها إلى الطلاب".
وتضيف "نتحدث على إصدار رزم تربوية تعليمية يمكن للمعلمين استخدامها، والهدف هو تغليب القيم الإنسانية، وتحسيس طلابنا بضرورة احترام الآخر وكيفية التعامل مع العالم الافتراضي الذي يختلف تماماً عن الواقع، في مواجهة ظاهرة التنمر الإلكتروني والحد منها".
وتنتشر أشكال التنمر لدى فئة المراهقين، ومنها النميمة وبث الشائعات وتشويه صورة شخص معين، إلى جانب التحريض على مقاطعته اجتماعياً وإقصائه وإخراجه من مجموعات التواصل، كما يشمل تمرير رسائل خاصة لآخرين، أي المس بالخصوصية، وكذا استخدام شتائم وألفاظ نابية تسبب الإهانة للآخرين، بالإضافة إلى التهديد ومحاولة تخويف شخص عن طريق رسائل ذات مضمون عدائي، ونشر صور فاضحة ومُهينة لابتزاز الضحية أحياناً، أو التحرش وملاحقة ومطاردة شخص ما عن طريق إرسال الرسائل المتكررة ضد رغبته ورغم رفضه للتراسل، وأيضاً انتحال شخصية وهمية للتحايل على شخص ما واختراق عالمه الشخصي، وسرقة حساب شخص واستخدام الحساب للمس بصاحبهِ أو بالآخرين.
وتوضح فيحاء عوض أنّ "حالات التنمر تبدأ من الصف الثالث ابتدائي وتستمر عند البالغين، ولكل شريحة عمرية أشكال للتنمر الإلكتروني، فهي بين الصف الثالث والسادس تتمثل في المقاطعة الاجتماعية عن طريق الشبكات الاجتماعية، بينما في المراحل الإعدادية والثانوية يتداولون التشهير والتخويف وتزييف حسابات وإرسال صورة أو نص بعدم موافقة الطرف الآخر"، وتتابع قائلة إنّ "التنمر الإلكتروني هو امتداد للتنمر الاجتماعي الذي ساد واستفحل في العصر الرقمي".