انتخابات كتالونيا اليوم: هزيمة متوقعة للانفصاليين وانتصار جديد لمدريد

6F7A33BD-9207-4660-8AF7-0EF5E3A4CD6C
بيار عقيقي
صحافي لبناني، عمل في صحف ومجلات ودوريات ومواقع لبنانية وعربية عدّة. من فريق عمل قسم السياسة في الصحيفة الورقية لـ"العربي الجديد".
21 ديسمبر 2017
1EC10F59-4A1A-4A4E-AD3B-C3DECBA84029
+ الخط -
بين الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي و21 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، حكاية "أقصر استقلال" في أوروبا المعاصرة. في الأول من أكتوبر كان إقليم كتالونيا الإسباني يعلن بدء معركته الانفصالية عن إسبانيا عبر استفتاء لم توافق عليه الحكومة المركزية، في خطوة هزّت الركائز المالية لمدريد وللقارة العجوز. خطوة كادت تتحوّل إلى أزمة مزمنة في بلادٍ تعاني من صعوبات اقتصادية واجتماعية، وإلى صداع أوروبي عارم واحتمال تدحرج كرة الانفصال إلى أكثر من دولة. إلا أن التعامل العنيف للحكومة المركزية في مدريد، في قمع التظاهرات الانفصالية أولاً، ثم حلّ سلطات الإقليم ثانياً، ورفع دعاوى قضائية بحق الانفصالي الأول، الفارّ إلى بلجيكا مع عدد من معاونيه، كارليس بيغديمونت، ثالثاً، والدعوة إلى انتخابات إقليمية، هي الثالثة في غضون 5 سنوات، اليوم الخميس، رابعاً، كلها خطوات من شأنها القضاء على أحلام انفصال كتالونيا لفترة طويلة.

من يشاهد المباريات الأخيرة لفريق برشلونة لكرة القدم، يدرك أن حماسة جماهيره في الملعب، التي رافقت استفتاء الأول من أكتوبر تضاءلت أخيراً، على وقع "الانتصارات" القضائية لمدريد، بعد تحوّل الإقليم، بموجب المادة 155 من الدستور الإسباني، والتي فُعّلت في 21 أكتوبر الماضي، إلى إقليم معزول الصلاحيات، تُشرف عليه مدريد بالكامل. وخلال شهرين، تمكنت الحكومة المركزية من فكفكة كل أجنحة الانفصال، سواء بملاحقتها بيغديمونت قضائياً، واعتباره هارباً، بتهمة "التمرد والانشقاق والاختلاسات"، أو بسجنها أوريول خونكيراس، بالتهمة ذاتها.

أدى ذلك إلى احتدام استطلاعات الرأي بين مؤيد للانفصال وضده، في ظلّ صعود نجم الوحدويين، خصوصاً إينيس أريماداس، زعيمة حزب "المواطنون" والداعية للتخلّي عن الانفصال والاستمرار في إطار دولة إسبانية واحدة. وهو ما صبّ في صالح رؤية رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، الذي دعا الناخبين في إقليم كتالونيا، لإنهاء ما سماه "سخافة النزعة الانفصالية، بالتصويت لحزب الشعب"، معتبراً إياها "فرصة لاستعادة الحياة الطبيعية في كتالونيا". وأضاف أنه "الآن لدينا فرصة للمرة الأولى منذ 40 عاماً، لإغلاق الباب على النزعة الانفصالية إلى الأبد من خلال التصويت لحزب الشعب في كتالونيا بالانتخابات المقبلة"، ومرشحه كزافييه غارسيا ألبيول. وذكر في لقاء أخير له أن "اقتصاد الإقليم تضرر كثيراً من محاولات الانفصال، وأنّ قرابة 3 آلاف شركة قامت بنقل مقراتها إلى خارج كتالونيا"، مشيراً إلى أنّ "معطيات قطاع الاستثمار والسياحة والعقارات والسيارات والصادرات، تراجعت نتيجة محاولات الانفصال".



بدورهما، فإن بيغديمونت وخونكيراس يتواجهان في معركتهما الخاصة لقيادة الإقليم، مع تشكيل بيغديمونت لائحته الانتخابية الخاصة لمواجهة "اليسار الجمهوري" الذي يمثله خونكيراس. حليفا الأمس باتا خصمين اليوم. مع ذلك، فإن نتائج الاستطلاعات لا تمنح أي فريق القدرة على التفرّد بالحكم. فحزب بيغديمونت "معاً من أجل كتالونيا"، نال في آخر استطلاع للرأي لصحيفة "ناسيونال"، وأُجري بين يومي 12 ديسمبر و19 منه، 20.1 في المائة، أما خونكيراس وحزبه "اليسار الجمهوري"، فنال 21.9 في المائة من أصوات المستفتين الألف. من جهته، حصل "المواطنون" على 23.4 في المائة من الأصوات، علماً أن الحزب لم يشارك في الأساس في أي استفتاء للانفصال، سواء "الرمزي" في عام 2015، أو "الفعلي" في العام الحالي. كما أنه تصدّر واجهة تظاهرات الوحدة مع إسبانيا في برشلونة في الشهرين الماضيين. وأيضاً في الاستطلاع المذكور، نال حزب "الشعب" 6 في المائة من أصوات المستفتين.

كما أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "متروسكوبيا" لصالح صحيفة "إلباييس" الإسبانية، أن "الأحزاب الموالية للانفصال ستحصل على 63 من أصل 135 مقعداً برلمانياً، بواقع مقعد إلى ثلاثة مقاعد أكثر مما ستحصل عليه الأحزاب التي يطلق عليها (دستورية)، أو تلك التي تريد المحافظة على وحدة أراضي إسبانيا. بالتالي لن يحقق أي من المعسكرين أغلبية 68 مقعداً المطلوبة للحكم". ويعني ذلك أنه في حال فشل أي حزب في الحصول على 68 مقعداً، فإن الأزمة ستطول أكثر في كتالونيا، على أنها، وحتى استقرار الوضع التشريعي، ستبقى خاضعة للحكم المباشر للحكومة المركزية في مدريد.




وإذا كانت بقية الأحزاب قادرة على التحرّك بحرية نسبية، إلا أن "اليسار الجمهوري" غير قادر على ذلك. وفي هذا الصدد، رأى راوول موريكا، وهو مساعد خونكيراس، أن "قدرتنا في التأثير على المواطنين قد تراجعت كثيراً. لا نستطيع المشاركة في نقاشات ولا إعطاء مقابلات ولا الذهاب إلى استديوهات التلفزيون". واقتصرت مشاركة خونكيراس على كتابة مقالات من زنزانته وإرسالها عبر البريد إلى مستشاريه لنشرها في وسائل الإعلام. غير أن كل الحملات الانتخابية انتهت مساء الثلاثاء، تاركة الباب مشرعاً أمام نتائج مجهولة تنتظر المتنافسين.

المستقبل سيكون في غاية الأهمية لكتالونيا، ففي حال تجاوز "اليسار الجمهوري" عتبة الـ68 مقعداً، فإنه سيكون في وسعه التحرّك بصورة أكثر اتساعاً عما قبل، وخصوصاً أن زعيمه موجود في السجن. أما في حال فوز بيغديمونت، فإنه سيحاول الاستفادة لشخصه في طرح اسمه لرئاسة الإقليم مجدداً، مع ما يعنيه ذلك من حرف الأنظار عن "معركة استقلال كتالونيا" إلى "معركة عودة بيغديمونت من المنفى". أما في حال حقق "المواطنون" مع أريماداس انتصاراً وحدوياً، فإن مستقبل الإقليم سيكون أقرب إلى مستقبل مدريد، وملتصقاً بها.

في إقليم الـ32108 كيلومترات مربّعة، وسكانه الـ7.5 ملايين نسمة، لا يبدو أي من أبنائه مرتاحاً، بل فقط ماريانو راخوي من بوسعه الشعور بالراحة، فقد حقق ما يريد في قمعه المسار الانفصالي للإقليم. كما نال دعماً أوروبياً ودولياً هائلاً في خطواته الميدانية، خصوصاً أثناء التعاطي المتشدد للشرطة الإسبانية مع المتظاهرين الكتالونيين الانفصاليين، وإصابة أكثر من ألف شخص بجروح. وبتقديمه اعتذاراً عن تصرّف شرطته، كسب دعماً داخلياً، على اعتبار أن أكثرية الإسبان، خارج كتالونيا، يرفضون استقلال الإقليم، عدا إقليم الباسك حيث توجد نزعة انفصالية قديمة وقوية. راخوي بات "بطلاً" بالنسبة لكثيرين، ومن المتوقع توظيفه كل عملية اقتراع في كتالونيا، لمصلحته في أي انتخابات عامة، ولمصلحة حزبه "الشعب".

ذات صلة

الصورة
يولندا دياز خلال مؤتمر صحفي في مدريد، 24/4/2023 (كارلوس لوخان/ Getty)

سياسة

قالت نائبة رئيس الوزراء الإسباني يولاندا دياز إن "فلسطين ستتحرر من النهر إلى البحر"، في تصريح أدانته إسرائيل، بعد تحرك إسبانيا للاعتراف بالدولة الفلسطينية
الصورة

مجتمع

أبدت جامعات إسبانيا، الخميس، استعدادها لتعليق تعاونها مع أي مؤسسة تعليمية إسرائيلية لا تعرب عن "التزام واضح بالسلام"، مع احتدام الحرب على غزة.
الصورة

سياسة

ذكرت شبكة الإذاعة والتلفزيون الأيرلندية (آر تي إي)، أن أيرلندا وإسبانيا ودول أخرى أعضاء بالاتحاد الأوروبي تدرس الاعتراف بدولة فلسطين في 21 مايو الجاري.
الصورة

مجتمع

من يكون خوسيه أندريس، الطاهي الذي يقف وراء وصول أول سفينة مساعدات محملة بالمواد الغذائية من قبرص إلى قطاع غزة الذي يئن تحت وطأة المجاعة..