انتخابات بطعم الاستفتاء

27 اغسطس 2015
+ الخط -
انطلقت الحملة الانتخابية لاقتراع 4 سبتمبر/أيلول في المغرب، في أجواء دالة على ارتفاع منسوب السياسة في المجتمع، وعلى العودة المتصاعدة للحيوية إلى المشهد السياسي، وهذه نتيجة تكاد تكون طبيعية لجهود بُذلت خلال سنوات، ليس من المبالغة القول إنه كان لحزب العدالة والتنمية، قائد التحالف الحكومي، نصيب مقدر فيها.
وهذا وحده إنجاز يحسب ل "العدالة والتنمية" الذي مايزال، بمعايير حياة الأحزاب الجادة، فتيا وحديث عهد، على عكس الأحزاب الطارئة، أو التي يُفرش لها الطريق بالعون والمساعدة والملازمة، وأشياء أخرى.
المهم انطلقت الحملة الانتخابية للانتخابات الجماعية والجهوية، والمتتبع للنقاشات التي صاحبت هذه الانتخابات، في مختلف المراحل، يستنتج أنها ليست مجرد انتخابات لإفراز مجالس تخدم التنمية المحلية، وتنجز خدمات القرب، بل إنها انتخابات برهانات وطنية، تتعلق باستحقاق ديمقراطي. إنها، باختصار، استفتاء شعبي على مسار تجدد في المغرب قبل أربع سنوات، مسار أهم أهدافه تثبيت الخيار الديمقراطي الكفيل بتحقيق الأهداف الأخرى، من تنمية اجتماعية واقتصادية وغيرها
يعتقد "محللون"، صادقون أو موظفون، أن تتبع نتائج حزب العدالة والتنمية، كم رشح وكم سيجني من منتخبين ومن أصوات، هو أهم ما في هذه الانتخابات، وإن كان ذلك ناتجاً عن محورية الحزب في العملية، فإن الأساسي الذي يجب أن تلتفت إليه الأنظار، هو كم مواطنا تسجل في اللوائح الانتخابية، سواء في صفوف الشباب أو غيرهم ممن اقتنعوا بجدوى الانتخابات، وعبّروا عن استعدادهم للتصويت، وهو منهجية الإعداد لهذه الانتخابات، وهو ما قامت به وزارة الداخلية من إجراءات الثقة، وهي تغادر دوراً سلبياً ظل لصيقاً بتدبيرها الانتخابات، وهو دور الحكومة المنتخبة في كل ما يجري وما يقع. طبعاً، ذلك كله مؤشر على أن المغرب يتقدم، ولو ببطء، لكنه على الطريق الصحيح الموصل إلى إجراء انتخاباتٍ، تتحمل فيها مؤسسات الدولة مسؤولية ضمان شروط النزاهة والشفافية وظروف تحصين إرادة الناخبين من العبث باسم الدولة الذي كان يلجأ إليه بعضهم ممن يتبنون التحكم أسلوباً لضبط المخرجات الانتخابية للمجتمع.
لذلك، على الأحزاب أن تتحمل مسؤوليتها في إنتاج خطاب انتخابي منسجم مع اللحظة، مترجم لتحدياتها، مراعياً ذكاء المواطنين، متجاوزاً أعطاب الانتخابات السابقة التي جعلت أحزاباً كثيرة تبدو في مظهر تسول الأصوات الانتخابية، في حالة شرود عن المضامين الديمقراطية للعملية الانتخابية.
النظرة الأولى لا تبشر بهذا، وحدهما الحزبان، العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية، قدما خطابا في افتتاح حملتهما يستجيب لما قلنا، على عكس الأحزاب الأخرى التي مايزال بعضها يقاوم التيار، ليثبت أنه حزب طبيعي، وأخرى تصر على البقاء حبيسة لحظة الارتباك الذي مس مسارها المبني عبر سنوات على التضحية، ودفع الثمن من أجل الوطن، ومن أجل الديمقراطية.
C38F0356-1EA8-496F-8B2B-918413201A10
C38F0356-1EA8-496F-8B2B-918413201A10
حسن حمورو
كاتب ومدوّن مغربي.
حسن حمورو