أجوبة حزب العدالة والتنمية

15 يوليو 2015
+ الخط -
كما العادة، وكما كان متوقعا، انطلقت في المغرب منذ مدة موجة جديدة من الحملة المتجددة ضد حزب العدالة والتنمية، والتي لا تكاد تقبل البلاد على استحقاق يتبعه حفر في التاريخ ورسم لمعالم المستقبل، إلا وازدادت ضراوةً في الاستهداف وحقارةً في الأساليب، وتفاهةً في المضمون، وسرابا في الأهداف.
لم يعد ممكنا التدليس على المغاربة، أو محاولة الايقاع بينهم وبين حزب العدالة والتنمية، أو إيجاد تناقض بينهم وبين الحزب، لسبب بسيط، هو أن الجميع تعرف على هذا الحزب في مناسبات كثيرة، في ساعات الرخاء والشدة، تعرفوا عليه، وهو يتلمس بدايات الطريق، بعد خروج قياداته من فضاء الدعوة إلى فضاء السياسة، تعرفوا عليه، وهو ينفتح على المجتمع، وهو يحقق الاندماج التدريجي، ويصعد شيئا فشيئا ليربح مساحات في المجال العام، من دون دعم ولا مساندة غير مشروعة، وبدون منشطات محرمة.
ولعل هذا المسار المكشوفة تفاصيله أمام الجميع، كان سببا في فشل الحملات التي خيضت ضد "العدالة والتنمية"، حيث كان الحزب يخرج قوياً، بعد كل حملة، مهما بلغت حقارة أساليب الضرب فيها، والتي بلغت، في الموجة الحالية، مستوى بائساً من التشكيك في أخلاق مناضليه وتصويرهم في أقبح الصور التي يرفضها المجتمع، ويعيبها ولا يقبل التطبيع معها.
هذه الموجة التي لن يكون من خطط لها سوى جهة تجرعت مرارة الهزيمة أمام "العدالة والتنمية"، بعد أن ساهم في فضح أهدافها على رؤوس الأشهاد، وسفّه خطابها، وأبرز ما فيه من تناقضات، انخرط في تنفيذ إجراءاتها للأسف صحافيون، يقدمون حبر أقلامهم قربانا للقرب والتزلف والتودد لمن يعتقدون أن الرزق بأيديهم، والمستقبل في أوامرهم وتعليماتهم، فجنوا الخيبة، وبددوا رصيد مصداقيتهم، أو ما تبقى منها أمام قرائهم، ومنهم مناضلو "العدالة والتنمية"، وأفسدوا علاقاتهم مع عدد من قياداته.
عموماً موجة الاعتداء على حزب العدالة والتنمية مصيرها إلى انكسار على صخرة معرفة الشعب به، وصخرة مواصلته تقديم الدروس الراقية في تدبير الشأن العام، وتدبير علاقاته مع صانعي القرار في مختلف المستويات، وسيعود المعتدون أدراجهم بخفي حنين.
انحاز الحزب إلى المجتمع المغربي، وجعل خيارات هذا المجتمع القيمية مرجعية في اتخاذ الموقف، فانتصر لرفض المجتمع المس بقيمه، وتبنى ردوده المنسجمة مع يتيحه القانون من ممارسة الحقوق بانضباط، وجدد التأكيد على انخراطه في مسار الإصلاح بمجابهة الفساد وأذرعه مؤسساتياً، تثبيتا لدورها ورمزيتها في سياق توطين الإصلاح، مهما اعترى اجتهاداتها من أخطاء وتجاوزات.
رصد تفاعل العدالة والتنمية خلال هذه الفترة أبرز توجهه بإصرار نحو استكمال أوراش الإصلاح المتعاقد بشأنها في البرنامج الحكومي، ليكون واحدا من مرجعيات تقييمه، والحكم عليه، وهكذا عرفت هذه الفترة تسريعا لوتيرة التشريع المرتبط بالاستحقاقات الانتخابية، والمرتبط أيضا برهانات تنزيل المخطط التشريعي، كما تتبع الجميع كيف أعاد القيادي في الحزب، وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، النقاش مجددا في تصريحات ومشاركات في ندوات، حول مسودة مشروع القانون الجنائي وحول المنهجية غير المسبوقة في إعداده، وكذا حول مستجداته المتسمة بالجرأة، إضافة إلى الشروع في تعديل مدونة السير، إلى جانب إجراءات أخرى مرتبطة بالجانب الاجتماعي، منها إصدار قانون التغطية الصحية لفائدة الطلبة في الجريدة الرسمية.
خلال هذه الفترة أيضاً، استقبل المغرب استثمارات كبيرة، عززت ثقة كبريات الشركات العالمية في المناخ السياسي للبلاد الذي انخرط حزب العدالة والتنمية في دعمه، بل كان طرفاً وازناً فيه، إلى جانب حلفائه في الحكومة الذين قالت كلماتهم، في لقاء تواصلي مع برلمانيي الأغلبية، انعقد هو الآخر في هذه الفترة، كل شيء عن الانسجام والتفاهم والتوافق الذي يحكم علاقتهم بالحزب.
واختار "العدالة والتنمية" أن يجيب بطريقته على الهجمات المتوالية عليه، بعقد استحقاقاته التنظيمية في وقتها، وتطبيق قوانين الداخلية ومساطره التي ارتضاها داخل مؤسساته، حيث انعقدت في كل فروع الحزب جموع عامة، حضرها كل أعضائه، وفق شروط انتصرت للانضباط الحزبي، وأفرزت بالانتخاب السري لجانا لاختيار مرشحي الحزب في الانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة، انتخبت بدورها في اجتماعات تجاوزت مدتها عشرات الساعات، أسماء مقترحة لتمثيل الحزب، من دون تدخل ولا ضغط ولا وساطة ولا تهديد ولا ابتزاز، ويكون الحزب بهذا قد رفع التحدي مجدداً أمام باقي الأحزاب، لكي تفتح أسوارها أمام المواطنين، ليتعرفوا على طرق اختيارها لمرشحيها ومعايير الاختيار ومصادر التوجيه.

C38F0356-1EA8-496F-8B2B-918413201A10
C38F0356-1EA8-496F-8B2B-918413201A10
حسن حمورو
كاتب ومدوّن مغربي.
حسن حمورو